مقدمة
عندما يريد الله سبحانه وتعالى الخير لعبادِه، يفقههم في دينهم ويجعل فيهم نفعًا لأمتهم. ومن بين العظماء الذين تستحقس تتحدث عنهم أمتنا الإسلامية، يأتي الإمام أبو حامد محمد الغزالي، الذي أطلق عليه لقب “حجة الإسلام” لما قدمه من آثار نافعة لدينه وللأمة الإسلامية.
نشأته وتعليمه
هو الشيخ أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي الشافعي، وُلد في مدينة طوس عام 450 هـ، الموافق 1058م. فقد والده وهو صغير، فكان يتيمًا تحت رعاية أخيه الأكبر. وقد لمس والده ذكاءه وحنكته قبل وفاته، مما دفعه إلى أن يوصي بحفظه وتعليمه إلى صديق له كان يتبع الطريقة الصوفية. تلقى الإمام الغزالي تعاليم الإسلام على يديه، مما جعله يتعمق في الصوفية. وعندما نضج، انتقل إلى نيسابور لدراسة الفقه على يد إمام الحرمين أبو المعالي الجويني، حيث أصبح من أبرز تلامذته، وبدأ يمارس المناظرة مع العلماء وهو في شبابه، مما أدخل الفرح في قلب شيخه الذي شجعه على استمرار تعليمه.
تدريسه
بعد وفاة الإمام الجويني عام 478 هـ، انتقل الغزالي إلى بغداد. وبفضل علاقاته مع نظام الملك الوزير في ذلك الوقت، بدأ بالغزالي التدريس في المدارس النظامية، حيث قام بتدريس الفقه وأصوله وسائر تعاليم الشريعة الإسلامية. استمر في التعليم لمدة أربع سنوات حتى نال شهرة واسعة وبدأ الطلاب يتوافدون عليه من مختلف أرجاء العالم الإسلامي. وقال الإمام أبو بكر بن العربي: “رأيت الغزالي ببغداد يحضر درسه أربعمائة عمامة من أكابر الناس وأفاضلهم يأخذون عنه العلم”.
توجهه نحو الزهد
بعد تلك المدة، صرف الإمام الغزالي وقته في دراسة كتب التصوف، ورافق الشيخ الفضل بن محمد الفارمذي، الذي كان يمتاز بشهرته بين الصوفية في نيسابور. وقد كان لهذا التأثير دور أساسي في اختياره العزلة والابتعاد عن المجتمع، مما دفعه إلى اتخاذ خطوة جديدة في حياته. غادر الغزالي بغداد سراً عام 488 هـ، متخليًا عن المناصب والجاه، وخاض رحلة استمرت 11 عامًا، قضى معظمها بين القدس والخليل ودمشق والمدينة المنورة ومكة المكرمة، وقد كتب خلال تلك الفترة كتابه الشهير “إحياء علوم الدين”، الذي يمثل خلاصة تجربته الروحية.
وفاته
في عام 499 هـ، عاد الغزالي إلى مسقط رأسه طوس، حيث اتخذ مكانًا للتعبد والعزلة بجوار منزله، وافتتح مدرسة للفقهاء، وتوفي هناك عام 505 هـ، الموافق 1111م.
مؤلفاته
ترك الإمام الغزالي إرثاً علمياً ضخماً في مختلف مجالات العلوم الشرعية، حيث تمتد مؤلفاته لتشمل الفقه وأصوله، والعقيدة الإسلامية، والتصوف، والفلسفة، والرد على المخالفين. وقد أشار بعض الباحثين إلى أن عدد مؤلفاته يتجاوز 228 كتابًا، بما في ذلك الكتب المطبوعة والمخطوطة والمفقودة. ومن أبرز مؤلفاته:
- الاقتصاد في الاعتقاد.
- بغية المريد في مسائل التوحيد.
- إلجام العوام عن علم الكلام.
- المقصد الأسنى شرح أسماء الله الحسنى.
- تهافت الفلاسفة.
- ميزان العمل.
- إحياء علوم الدين.
- بداية الهداية.
- أيها الولد.
- الأربعين في أصول الدين.
- كيمياء السعادة (كتب بالفارسية وترجم إلى العربية).
- منهاج العابدين.
- الوسيط في فقه الإمام الشافعي.
- المستصفى في علم أصول الفقه.
- شفاء الغليل في القياس والتعليل.
- القسطاس المستقيم.
- لباب النظر.
مصادر
(1) الموسوعة العربية، الغزالي (أبو حامد)، ج13، ص859.
(2) شذرات الذهب في أخبار من ذهب، ابن عماد الحنبلي.