تأثير القمار وأضراره على المجتمع
تتسبب ظاهرة الميسر والقمار في آثار نفسية ودينية واقتصادية سلبية تؤثر على الفرد والمجتمع. إن الحكمة من تحريمه تأتي كرد فعل ضد تأثيراته التدميرية، ومنها ما يلي.
القمار ينطوي على كسب وأخذ أموال الناس بطرق غير مشروعة
وحسب ما ورد في قوله تعالى: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ)، نجد أن الربح والخسارة الناتجة عن القمار لا تعتمد على تبادل المنافع عبر الوسائل المشروعة، بل تتأسس على الخداع والمغامرة والمصادفات، مما يمنع العمل الجاد ويؤدي إلى الحصول على المال دون مقابل.
القمار يسبب العداوة والقطيعة بين اللاعبين
إن القمار هو وسيلة لكسب الأموال بلا مقابل من عمل أو سلعة، وعندما يتعرض فرد لهزيمة في لعبة القمار، قد يشعر برغبة في العودة للعب مرة أخرى محاولاً تعويض خسارته، مما يؤدي غالبًا إلى تفاقم خساراته وزيادة مشكلاته. وفي النهاية، قد يبدأ بإلقاء اللوم على أصدقائه المشاركين، مما يؤدي إلى نشوب عداوات بينهم.
القمار يؤدي إلى الإعراض عن ذكر الله تعالى
ينشغل اللاعبون بالقمار حتى عن أداء الصلوات المفروضة، وهو ما تم الإشارة إليه في الآية السابقة. فإذا كان الأفراد ملزومين بأداء صلاة الجمعة عند الأذان وترك ما يُشغلهم عن ذلك، فمن الأجدر أن يدركوا أن القمار، كونه محرمًا، يدفعهم للابتعاد عن ذكر الله وأداء الصلوات الخمس.
القمار يهدد استقرار الأسر والمجتمعات
يؤدي القمار إلى تفكيك الأسر وتشريدها بسبب الطلاق والنزاعات المالية، كما يسبب إنفاق الأموال المحرمة. يؤثر القمار أيضًا على الأسر الميسورة أو حتى الثرية، مما ينتج عنه الإذلال والمساس بكرامتهم. العديد من العائلات وقعت في الفقر بسبب القمار، حيث فقد البعض وظائفهم وخسرت أسرهم الكثير من مقتنياتهم، بل وهناك من آثر البيع مقابل لعب القمار، مما يزيد من معاناة المجتمعات وينذر بجرائم مثل السرقة والاعتداءات.
تعريف القمار
كما أشار الزيلعي ، فإن القمار هو “من القمر، حيث يتزايد أحياناً وينقص أخرى”. وقد عرفت فئة من الفقهاء القمار والميسر بمفهوم واحد، لكن بعضهم اعتبر الميسر تعبيرًا أعم وأشمل من القمار، الذي يُعتبر نوعًا من الميسر.
ويُعرّف القرطبي الميسر بأنه يتعلق بفوز الشخص بالقمار دون بذل أي جهد أو عمل شاق، حيث كانت تُستخدم القرعة لتوزيع اللحم بناءً على نتائج القرعة، مما يبرز الأسس غير العادلة للتوزيع والإيرادات.
أنواع الميسر (القمار)
تقسم أنواع القمار المحرم إلى صنفين:
- ميسر لهوي: وهو ما لا يتضمن أموالًا، مثل لعبة الشطرنج.
- ميسر قمار: وهو النوع الذي يتضمن اتفاقًا على كسب المال.
الحكم الشرعي للقمار
تُعتبر القمار محرم بموجب النصوص القرآنية والسنة النبوية وإجماع العلماء. ففي القرآن الكريم، جاء في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، مما يُظهر أن الميسر هو إثمٌ وضلالٌ ويدل على أن الفلاح يستلزم الابتعاد عنه، نظرًا لما يترتب عليه من أضرار.