من هو المفلس الحقيقي؟
وضح النبي -عليه الصلاة والسلام- مفهوم المفلس الحقيقي عندما سأل الصحابة الأعزاء: (أَتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ؟) فأجابوا بأنه الشخص الذي لا يمتلك درهماً ولا متاعاً. وأردف قائلاً: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، لكنه يأتي وقد شتم هذا، واغتاب ذاك، وأكل حقوق هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا. فيُوزّع من حسناته على أولئك الذين أساء إليهم، وعندما تنفد حسناته قبل تسوية حقوق الآخرين تُؤخذ من خطاياهم فيُلقى بهم في النار.
وكان رد الصحابة على سؤال النبي بفهمه التقليدي، ولكن غرضه كان توضيح مسألة أشد أهمية وهي أن المفلس الحقيقي هو الذي يُفقد في يوم القيامة كل حسناته بسبب استعداء الناس، وبالتالي يُحرم من النجاة.
معنى المفلس في الإسلام
أبرز النبي -عليه الصلاة والسلام- حقيقة المفلس، وهو الشخص الذي يفقد حسناته في الآخرة. قد يمتلك الفرد حسنات كثيرة، ولكنها لا تكفي لتعويض حقوق الآخرين، مما يعكس عدالة الله -تعالى-. ففي حالة دخول الظالم الجنة بحسناته، يضيع حق المظلوم. لذا، يتوجب أخذ الحق ليكون إفلاسه نتيجة لسلوكياته السلبية في الدنيا، مثل أداء العبادات دون وعي، مع حسد الآخرين واعتداء عليهم. وفي اليوم الآخر، يجد المفلس نفسه مديناً بحقوق الناس مقابل حسناته، مما يؤدي إلى نقص في الحسنات وبالتالي يُغطى بخطاياهم ويدخل النار.
عواقب الإفلاس في الآخرة
يتحدث الحديث الشريف عن عذاب شديد ينتظر من لا يحافظ على عباداته ويؤذي الآخرين، متأثراً بشياطين الإنس والجن. يطلب الله -تعالى- من الغرماء استيفاء حقوقهم من حسناته، وعند انتهاء حسناته، يُرغم على أخذ من سيئات الآخرين ثم يُلقى في النار. وتكون هذه الحقوق نتيجة للغيبة، أو الشتم، أو التعدي على حقوق الآخرين بغير حق. لذلك، شبه النبي -عليه الصلاة والسلام- المفلس بمن يفقد أمواله في الدنيا، حيث تُؤخذ حسناته في الآخرة. وفي يوم القيامة، يكون يوماً للعدل، حيث يُحقق العدل للمظلومين دون ظلم لأحد.