أخلاقيات المهنة في الإسلام
سبحانه الذي أظهر الأعمال بحُسن الكمال، حيث تتغذى من بحر الأخلاق لترتقي في قلوب العابدين. فتلتقي مع شريعة القلب لتكتمل إيمان المؤمن، إذ أن كل شريعة تتطلب آداباً ترفع من شأنها، فلا يكتمل النور لمن اكتفى بالجانب الديني دون الجانب الأخلاقي، بل يكتمل عندما يتمازج الأمران معاً.
لقد وضع الله لكل عبادة أخلاقيات تكمّلها، مما يضمن أن يتبنى المجتمع الإسلامي روح الوحدة. فكل سلوك يتجمل بالأخلاق يبدو أسمى، وتزهر أرضه حبا وامتثالاً لله. وعلى مدى الأرض، أودع الله آدابا كثيرة في مجال العمل تساعد الأفراد على نيل رضا الله بين العاملين وأرباب العمل، لتتدفق الخيرات على كل من أتقن عمله وامتاز بالصبر والإخلاص. وفيما يلي بعض الأخلاقيات والمبادئ الهامة في ميدان العمل:
الإتقان
يجب على العامل أن يحرص على إتقان عمله وتحسينه، وأن يخلص فيه تجنبا لتبعات العيوب. عليه أن يسعى لكسب رزقه بالحلال، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه”.
الحفاظ على الوقت
على العامل ألا يهدر وقت عمله في اللهو، لأنّه سيكون مسؤولاً أمام الله -عز وجل- عن ذلك، إذ يأخذ أجره عن هذا اليوم. ينبغي عليه أن يسعى لتبرئة ذمته، كما يجب أن يكون حريصاً على المبكرة في طلب الرزق. العاقل هو من يسعى لكسب الرزق عند طلوع الفجر.
البعد عن الغش والحرام
إن السقوط الأخلاقي الأعظم يتمثل في الاستيلاء على أموال الآخرين من خلال الغش أو السرقة. من يسرق أموال الناس دون مراعاة لحقوقهم سيعاقبه الله عذاباً شديداً لظلمهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “والله لا يأخذ أحدكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة”.
الجد والعزم
الجدّ والاجتهاد يعدان الطريق لتحقيق التوفيق والنجاح. من يعزم على العمل بجدّ لن يعاني من الفشل، بل سيستقبل رزقه ببركة. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل”.
التعاون
التعاون يعتبر من ثمار الخير التي تضفي البركة على رزق الفرد. يجزل الله الأجر لمن يسعى لمساعدة الآخرين بلا مقابل، ويرقى بذلك إلى مكافأة عظيمة من الله. قال الله -تعالى-: “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان”. وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.
التحلي بالأخلاق الحسنة
من يتحلى بأخلاق كريمة يتمتع بمعاملة طيبة، ويفوز بمحبة الله -عز وجل- ورضاه، ويحظى بمحبة الناس. فالأخلاق تمثل جوهر الإسلام وجماله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن من خياركم أحسنكم أخلاقا”.
اتقاء العمل مع الظالمين
يجب الابتعاد عن كل ما يتصل بالظلم أو الخيانة، سواء كانت سرقة، أو ربا، أو التعامل بأموال حرام.
دوام مراقبة الله عز وجل
من يشعر بمراقبة الله له لن يقع في الحرام، كما قال الإمام الغزالي -رحمه الله-: “أن لا يمنعه سوق الدنيا عن سوق الآخرة، وسوق الآخرة هو مساجد الله”.
علاقة العامل بمهنته
تتنوع المهن بين الأفراد، فهناك الوالي، القاضي، الطبيب، المحامي، المعلم، المهندس، والعديد من المهن الحرفية والصناعية. يحكم هؤلاء جميعًا ضوابط شرعية وأخلاقية.»
العاقل هو من يؤدي عمله بإخلاص واجتهاد ليكسب ثقة الناس. فالإخلاص في العمل يسهم في كسب محبة الله والناس. من يؤدي عمله بأمانة سيجذب الدنيا إليه، وسيأمن من العذاب والنقص. الشخص الكريم هو الذي ينشط في طلب رزقه ويعتمد على الله في ذلك، مقتدياً بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الله -تعالى-: “هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور”، وقال الله -تعالى-: “فإذا قُضِيَتِ الصلاة فانشُروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون”.
إن دفع أجر العامل هو فرض لازم، وكذلك العدل بين العمال. ففي الحديث القدسي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثمنًا وغدر، ورجل باع حرًا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يُعطِه أجره”.