الحب
الحب هو مجموعة متنوعة من المشاعر والأحاسيس التي يحملها الإنسان تجاه من يحب، وهو أيضاً شعور عميق بالسعادة والراحة عندما نكون مع أحبائنا. يعتمد الحب على الصدق والتضحية والوفاء، وهو رغبة فطرية تنبع من داخل النفس. لقد أتقن الشعراء التعبير عن الحب في أشعارهم، وفي هذا المقال نستعرض مجموعة من أجمل قصائد الحب.
شعر الحب لأبي القاسم الشابي
عذبةٌ أنتِ كالطفولة وكالأحلام،
كاللحن وكالصباح الجديد،
كالسماء الضحوك وكالليلة القمراء،
كالورد وكابتسام الوليد.
يا لها من وداعة وجمال،
وشباب منعَّم أملود!
يا لها من طهارة تبعث التقدي،
في مهجة الشقيِ العنيد!
يا لها من رقة تكاد يرف الورد،
منها في الصخرة الجلمود.
أيَّ شيء تُراكِ؟ هل أنتِ “فينيس” التي
تهادت بين الورى من جديد،
لتعيدَ الشباب والفرح المعسول،
للعالم التعيس العميد!
أم ملاكُ الفردوس جاء إلى الأرض،
ليُحيي روح السلام العهيد!
أنتِ، ما أنتِ؟ أنت رسمة جميلة،
عبقريٌّ من فنِّ هذا الوجود.
فيك ما فيه من غموضٍ وعمق،
وجمالٍ مقدَّسٍ معبود.
أنتِ، ما أنتِ؟ أنت فجر من السحر،
تجلَّى لقلبي المعمود.
فأراه الحياة في منطق الحسن،
وجلى له خفايا الخلود.
أنت روح الربيع تختال في الدنيا،
فتهتزُّ رائعات الورود.
وتهبُّ الحياة سكرى من العطر،
ويدوي الوجود بالتغريد.
كلّما أبصرتكِ عيناي تمشين،
بخطوٍ موقّع كالنشيد.
خفق القلب للحياة، ورفَّ الزهر،
في حقلِ عمري المجرد.
وانتشت روحي الكئيبة بالحب،
وغنَّت كالبلبل الغريد.
أنت تُحيين في فؤادي ما قد مات،
في أمسي السعيد الفقيد.
وتُشيدين في خَرائب روحي،
ما تلاشى في عهدي المجدود.
من طموح إلى الجمال إلى الفن،
إلى ذلك الفضاء البعيد.
وتبثِّين رقّة الشوق والأحلام والشدو،
والهوى في نشيدي بعد أن عانقت،
كآبة أيام فؤادي وألجمت تغريدي.
عيناك نازلتا القلوب، فكلها،
إمّا جريح أو مصاب المقتلخ.
وإني لأهوى النوم في غير حينه،
لعل لقاء في المنام يكون.
ولولا الهوى، ما ذلّ في الأرض عاشق،
ولكن عزيز العاشقين ذليل.
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى،
ما الحب إلّا للحبيب الأول.
إذا شئت أن تلقى المحاسن كلها،
ففي وجه من تهوى جميع المحاسن.
لا تحارب بناظريك فؤادي،
فضعيفان يغلبان قوياً.
إذا ما رأت عيني جمالك مقبلاً،
وحقك يا روحي، سكرت بلا شرب.
كتب الدمع بخدي عهده،
لهوى والشوق يملي ما كتب.
أحبك حبين حب الهوى،
وحباً لأنك أهل لذاك.
رأيت بها بدراً على الأرض ماشياً،
ولم أرَ بدراً قط يمشي على الأرض.
قالوا الفراق غداً، لا شك،
قلت هم بل موت نفسي.
من قبل الفراق غداً،
قفي ودعينا قبل وشك التفرق.
أحب حتى ثرى الأرض اللي وطأتها،
ضممتك حتى قلت ناري قد انطفت.
فلم تطف نيراني وزيد وقودها،
لأخرجن من الدنيا وحبكم،
بين الجوانح لم يشعر به أحد.
تتبع الهوى روحي في مسالكه حتى،
جرى الحب مجرى الروح في الجسد.
أحبك حباً لو يفض يسيره على الخلق،
مات الخلق من شدة الحب.
فقلت: كما شاءت وشاء لها الهوى.
قتيلك قالت: أيهم فهم كثر،
أنت ماضٍ وفي يديك فؤادي.
رد قلبي وحيثما شئت فامضِ،
ولي فؤاد إذا طال العذاب به.
هام اشتياقاً إلى لقيا معذبه،
ما عالج الناس مثل الحب من سقم.
ولا برى مثله عظماً ولا جسداً.
قامت تظللني، ومن عجب، شمس تظللني.
متن الشمس هجرتك حتى قيل: لا يعرف الهوى.
وزرتك حتى قيل: ليس له صبراً.
قالت: جننت بمن تهوى، فقلت لها:
العشق أعظم مما بالمجانين.
ولو خلط السم المذاب بريقها،
وأسقيت منه نهلة لبريت.
وقلت: شهودي في هواك كثيرة،
وأصدقها قلبي ودمعي مسفوح.
أرد إليه نظرتي وهو غافل،
لتسرق منه عيني ما ليس دارياً.
لها القمر الساري شقيق، وإنها
لتطلع أحياناً له فيغيب.
وإن حكمت جارت علي بحكمها،
ولكن ذلك الجور أشهى من العدل.
ملكت قلبي وأنت فيه،
كيف حويت الذي حواك؟
قل للأحبة: كيف أنعم بعدكم،
وأنا المسافر والقلب مقيم.
عذبيني بكل شيء سوى الصدّ،
فما ذقت كالصدود عذاباً.
وقد قادت فؤادي في هواها،
وطاع لها الفؤاد وما عصاها.
خضعت لها في الحب من بعد عزتي،
وكل محب للأحبة خاضع.
ولقد عهدت النار شيمتها الهدى،
وبنار خديك كل قلب حائر.
عذبي ما شئت، قلبي عذبي،
فعذاب الحب أسمى مطلبي.
بعضي بنار الهجر مات حريقاً،
والبعض أضحى بالدموع غريقاً.
قتل الورد نفسه حسداً منك،
وألقى دماه في وجنتيك.
اعتيادي على غيابك صعب،
واعتيادي على حضورك أصعب.
قد تسربت في مسامات جلدي،
مثلما قطرة الندى تتسرب.
لك عندي، وإن تناسيت،
عهد في صميم القلب غيرنك.
شعر الحب لنزار قباني
أتحدّى..
من إلى عينيكِ، يا سيدتي، قد سبقوني،
يحملون الشمسَ في راحاتهم،
وعقود الياسمين.
أتحدّى كلَّ من عاشترتهم،
من مجانين، ومفقودين في بحر الحنين،
أن يحبوكِ بأسلوبي، وطيشي، وجنوني.
أتحدّى..
كتب العشقِ ومخطوطاته،
منذ آلاف القرون،
أن تري فيها كتاباً واحداً،
فيهِ، يا سيّدتي، ما ذكروني.
أتحداكِ أنا.. أن تجدي،
وطناً مثل فمي وسريراً دافئاً مثل عيوني.
أتحداهم جميعاً،
أن يخطوا لكِ مكتوب هوى،
كمكاتيبِ غرامي، أو يجيؤوكِ على كثرتهم،
بحروفٍ كحروفي وكلام كلامي.
شعر الحب للمتنبي
وما كنت ممن يدخل العشق قلبه،
ولكن من يبصر جفونك يعشق.
أغرك مني أن حبك قاتلي،
وأنك مهما تأمري القلب يفعل.
يهواك ما عشت القلب، فإن أمت،
يتبع صداي صداك في الأقبر.
أنت النعيم لقلبي والعذاب له،
فما أمرّك في قلبي وأحلاك.
وما عجبي موت المحبين في الهوى،
ولكن بقاء العاشقين عجيب.
لقد دبّ الهوى لك في فؤادي،
دبيب دم الحياة إلى عروقي.
خليلي، فيما عشتما، هل رأيتما،
قتيلاً بكى من حب قاتله قبلي؟
لو كان قلبي معي ما اخترت غيركم،
ولا رضيت سواكم في الهوى بدلاً.
فيا ليت هذا الحب يعشق مرة،
فيعلم ما يلقى المحب من الهجر.