لا توجد تغيرات مفاجئة، كما أن أحداً لا يمكنه النوم ثم يستيقظ وقد تحول من حال إلى آخر. كل ما يحدث هو أننا في لحظة ما، نغلق أعين الحب ونفتح أعين الواقع، فنبدأ برؤية حقائق لم نكن نراها من خلال عدسة الحب العاطفية.
الحب ليس مجرد فكرة، بل هو شعور يتفاعل، يشتعل ويبرد، يحضر ويغيب. إنه شعور متجسد يملك حواسه الخمس وأكثر، وقد يظهر لنا في بعض الأحيان كملاك برؤية تجذبنا، أو قد يظهر في شكل ثور يدفعنا لنسقط ويتركنا. كما يمكن أن يتجلى في شكل عاصفة نلاحظ آثارها المدمرة، أو كنداء يحمل ندى الليل عندما تمسك يد سحرية بسحاب. كل حب له فترة انتهاء كما للحياة والسلع. ولكنني أفضل أن يموت الحب بشكل مفاجئ وفجائي كما يسقط الحصان من مرتفع نحو هاوية.
هل يمكنني اختيار أحلامي، حتى لا أحلم بما لا يمكن تحقيقه؟
أما بالنسبة لي، فسوف أنغمس في شجر التوت حيث تتحول دودة القز إلى خيط حرير، ثم أدخل في إبرة امرأة من نساء الأساطير، لأطير بعدها كشال يرقص مع الريح.
من لا يمتلك الحب يخاف من شتاء الحياة.
الحب كالموت، وعد لا يرد ولا يمحي.
التاريخ يضحك على ضحاياه وأبطاله، يمر عليهم بنظرة سريعة ومن ثم يواصل طريقه.
جئت ولكن لم أصل، أتيت ولكن لم أعود.
أحببتك رغم الإكراه، ليس لأنك الأجمل، بل لأنك الأعمق، فمحب الجمال غالباً ما يكون أحمق.
سأتحول يوماً ما إلى ما أريد، سأصبح طائراً وأتسلل من عدم وجودي إلى وجودي. كلما احترقت جناحيَّ اقتربت من الحقيقة، وولدت من الرماد، أنا حديث الحالمين، تخليت عن جسدي ونفسي لأكمل رحلتي الأول إلى المعنى، فأحرقتني وغابت، أنا الغياب، أنا السماويُ الطريد.
عام يرحل وآخر يأتي، وما زالت الأمور فيك، وطني، تزداد سوءً.
لقد تساقطت عروشنا وهياكلنا كالقصب، وفي كل مئذنة هناك جشع ومغتصب يدعو لأندلس الأسطورية إن حوصرت حلب.
ليس لنا في الحنين يد، وقد كان لدينا في البعد ألف يد، سلام لك، أفتقدتك بشدة، وعليّ السلام فيما أفتقد!
كل نهر له منبعه ومجراه وحياته، يا صديقي! أرضنا ليست عاقراً ككل الأراضي، ولها ميلادها، وكل فجر له موعد ثائر!
وها أنا أستطيع العيش حتى نهاية الشهر، أبذل جهدي لأكتب ما يقنع القلب بالنبض عندي، وما يقنع الروح بالعيش بعدي، وفي وسع غاردينيا أن تعيد تنشيط حياتي، وفي وسع امرأة أن تحدد لي نهايتي.
اللا مبالاة تحمل فلسفة، فهي إحدى سمات الأمل.
لدينا أحلامنا الصغيرة، كأن نستيقظ من نومنا معافين من الخيبة، لم نحلم بأمور عصية، نحن أحياء وباقون، وللأحلام بقايا.
كأن يديك هما المكان الوحيد، كأن يديك هما الوطن، آه من وطنٍ في الجسد.
النسيان هو تدريب خيال على احترام الواقع.
هناك حب يمر بنا دون أن ندركه.
من سوء حظي، نسيت أن الليل طويل، ومن حسن حظك، أنني تذكرتك طول الليل حتى الصباح.
علموك أن تحذر الفرح، لأنه قاسٍ عند خيانته.
لم يعد هناك مجال للاحتفال في اللغة الحديثة، فكل ما سيكون قد حدث بالفعل.
لا أستحضر قلبي إلا إذا شقه الحب نصفين، أو جفّ من عطش الحب.
ليتنا استطعنا أن نحب أقل كي لا نتألم أكثر.
روحي خفيفة وجسدي مثقل بالذكريات والناس.
سأمدح هذا الصباح الجديد، سأنسى جميع الليالي، وأمشي نحو وردة الجار لأوزع منها طريقتها في الفرح.
نحن الضحايا الذين جربنا جميع أنواع القتل حتى أحدث الأسلحة! ومع ذلك، نحن الأعجوبة التي لا تموت ولا يمكن أن تموت.
الليل، يا أمي، ذئب جائع سفاح يلاحق الغريب أينما ذهب.
أعرف كيف أعيدك، مهما حملتني الرياح، أعلم من أين يأتي بعيدك، فأذهب.
قل للغياب اعتمد عليّ، فقد أتيت لأكملك.
ما أجمل لحظة سعادة المرء عندما لا يودع أحداً ولا ينتظر أحداً.
وكلما بحثت عنهم، لم أجد سوى نفسي الغريبة.
لا بأس من أن يكون ماضينا أفضل من حاضرنا، لكن الشقاء الكامل أن يكون حاضرنا أفضل من غدنا، يا له من هاوية واسعة.
في لحظة عطشي، طلبت الماء من عدوي، فلم يسمعني، فنطقت باسمك ورُويت.
ما أجمل الصدفة؛ إنها خالية من الانتظار.
أحب الحديث معك، رغم أنني قد لا أمتلك ما أقوله.
هل كان حقاً علينا أن نسقط من مرتفع عالٍ، ونرى دمنا على أيدينا لندرك أننا لم نكن ملائكة كما اعتقدنا؟
لأن أسباب الوفاة كثير، ومن ضمنها وجع الحياة.
لن نتوب عن أحلامنا مهما تكررت انكساراتها.
بكل ما أُتيت من فرح، أخفي دموعي.
أريد قلباً طيباً لا يستقر كحشوة بندقية.
أمي .. لن أسمّك امرأة، سأسمّك كل شيء.
تتشابه أنت وقهوتي في اللذة والمرارة والادمان.
أريدك كخيال يسير على قدمين وكحقيقة صخرية تطير برمش عين.
سأظل أحبك راحلاً إليك، وإن كان ذلك في الماء فلا أخشى الغرق، وإن كان على اليابسة فلا أهاب سيوف الطريق.
عيناك نافذتان على حلم لا يأتي، وفي كل حلم أرمم حلمًا جديدًا.
آه، يا جراحي المكافحة، وطني ليس حقيبةً، وأنا لست مسافرًا، إنني العاشق والأرض حبيبتي.
ذات مرة، قلت له غاضبًا: كيف ستعيش غدًا؟ فقال: لا علاقة لي بغدي، إنه فكرة لا تراودني، وأنا هكذا لن يغيرني شيء كما لم أغير شيئا، فلا تحجب الشمس عني. فرددت عليه، لست إسكندر المتعالي ولا ديوجين، فقال: لكن تحت اللامبالاة فلسفة، فهي إحدى سمات الأمل.
في البيت، أجلس لا سعيداً ولا حزيناً، في حالة بين بين، ولا يهمني إن كنت أنا حقًا أو لا أحد.
أيها الموت، انتظرني خارج الأرض، في بلدك، ريثما أنهي حديثًا عابرًا مع ما تبقى من حياتي.
أحتفل اليوم بمرور يوم على اليوم السابق، وأحتفل غداً بمرور يومين على الأمس، وأشرب نخب الأمس في ذكرى اليوم القادم، هكذا أواصل حياتي.
وأنت مشغول بالتفكير في الآخرين البعيدين، فكر بنفسك، قل: ليتني كنت شمعةً في الظلام.
أنا امرأة لا أقل ولا أكثر، فكن أنت قيس الحنين إذا أردت، أما أنا، فأسعدني أن أحب كما أنا، لا كصورة ملونة في جريدة أو فكرة مُلحّنة في قصيدة بين الأيائل. أسمع صرخة ليلى البعيدة من غرفتي: لا تتركني سجينةً في قافية ليالي القبائل، لا تتركني لهم خبرًا، أنا امرأة لا أقل ولا أكثر.
بين دقيقة أقر فيها النسيان ودقيقة أحاول تجربة ذلك، تقام مجازر في داخلي ولا تتوقف.
أخشى العيون التي تستطيع اختراق ضفافي، فقد تبصر القلب حافيًا، أخشى اعترافي.
سجل، أنا عربي أنا اسم بلا لقب، أعيش بفيض الغضب، جذوري قبل ميلاد الزمان رست وقبل تفتح الحقب، سجل، أنا عربي!
أنا من هناك ولدي ذكريات، وُلدت كما يولد الناس، لي والدة وبيت عديد النوافذ، لي إخوة وأصدقاء، وسجن ببعض النوافذ الباردة، ولي موجة خطفتها النوارس، لي مشهدي الخاص، لي عشبة زائدة، ولي قمر في أقاصي الكلام، ورزق الطيور، وزيتونة خالدة. مررتُ بالأرض قبل مرور السيوف على جسدٍ حوّلوه إلى مائدة.
ربما ماتت، فالموت يعشق الغموض كما أنا، كما أن الموت مثلي لا يحب الانتظار.