كارثة فيضان نهر اليانغتسي
يُعتبر فيضان نهر اليانغتسي الذي حدث عام 1931م في الصين واحدًا من أعظم الكوارث الطبيعية في التاريخ، حيث بلغ عدد ضحاياه حوالي 3.7 مليون شخص. وقد وقعت هذه الكارثة بعد هطول أمطار غزيرة تسببت في فيضان حوض نهر اليانغتسي المكتظ بالسكان، مما أدى إلى غمر مساحات تصل إلى 1295 كيلومترًا مربعًا، مما أجبر نحو نصف مليون شخص على إخلاء منازلهم.
أسباب فيضان نهر اليانغتسي
عاش الناس في سلام على ضفاف الأنهار الأصفر واليانهغتسي لآلاف السنين، لكن بداية من بين عامي 1928م و1930م، شهدت البلاد جفافًا خطيرًا نتيجة ضعف هطول الأمطار، مما أدى إلى انخفاض كبير في مستوى مياه الأنهار وجفاف التربة. ومع حلول فصل الربيع، تعرضت البلاد لثلوج كثيفة تلاها هطول غزير للأمطار، مما أدى إلى ذوبان الثلوج وارتفاع مستوى المياه في الأنهار. بالإضافة إلى ذلك، تعرضت البلاد لعدد غير معتاد من الأعاصير، حيث شهدت سبعة أعاصير فقط في يوليو من ذلك العام، في حين أن المعدل السنوي المعتاد هو اثنين.
بينما كان الطقس عاملاً رئيسيًا في حدوث الفيضان، فإن انشغال الحكومة بالصراعات الداخلية والتمردات قد أثر سلبًا على القدرة على مراقبة برامج إدارة النهر. كما زاد الاستخدام المفرط للأراضي الزراعية، وفي ظل غياب الرقابة، تم بناء سدود بشكل غير مناسب لم تكن قادرة على السيطرة على جريان المياه بالشكل المطلوب. الأمر الذي أدى أيضًا إلى تدمير الغابات والأراضي الخصبة، مما أثر سلبًا على التنظيم الطبيعي للنهر. وبنتيجة هذه العوامل، تسببت الأحوال الجوية القاسية في اختراق المياه للضفاف، مما أدى إلى تلف السدود واندفاع المياه عبر البلاد.
تداعيات فيضان نهر اليانغتسي
في المرحلة الأولى من الفيضان، لقي حوالي 150000 شخص حتفهم، بينما واجه الناجون أزمة معيشية خطيرة؛ إذ جرفت الفيضانات المحصول الصيفي ودمرت كميات ضخمة من الحبوب المخزنة، مما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار الحبوب وانتشار المجاعة. وصلت الأوضاع إلى درجة دفعت البعض إلى أكل لحوم البشر في مناطق النزاع الحادة. وعلاوة على ذلك، تسبب نزوح السكان المتضررين، وتدمير أنظمة الصرف الصحي، ونقص التغذية، وانتشار الحشرات والبعوض في تفشي الأمراض والأوبئة، حيث أدى انتشار مرض الملاريا وحده إلى وفاة نحو 300000 شخص. وبالتالي، كان عدد الوفيات الناجمة عن الأمراض أضعاف عدد الوفيات الناتجة عن الغرق في مياه الفيضان.