سلام من صبا بردى الأرق
تحية مفعمة بالشوق من صبا بردى، أرقٌ يعتصر القلب.
وهنالك جرعات من الدموع في شريان دمشق، لا تُمحى.
وعذر عن اليراع والقوافي، جلال الرزء يتجاوز الوصف الدقيق.
وذكرياتي وأفكاري، ترفرف بقلبي نحوكِ.
كلما نظرت إليكِ، كانت هناك همسات وأحلام.
ومخلفات ليالي القهر، تجسد جراحات عميقة في القلب.
لقد دخلت إلى عوالمكِ حيث الغروب يترآى.
وجهكِ الناصع كالفجر ضاحك.
وتحت ظلالكِ تسير الأنهار.
وفي جنباتك تتناثر الأزهار والأوراق.
وحولي مجموعة من الفتيان المتعطرين بصباحاتهم،
يسعون نحو المجد ويتسابقون.
على ألسنتهم قصائد تُؤجج الإبداع.
وفي أكتافهم توجد خطباء يلهمهم الشغف.
أما رواة أشعاري فهم هنا، يتناقلها الناس في كل ركن.
تأملت في كبريائهم حتى اشتعلت أنفاسهم.
عنقود من الشجاعة صرخ بقوة ضد الظلم.
واحتج السادة بكل حرية، معززين بآثار الفخر.
فهنيئًا لهم أنباء تتابعت عناقًا؛
على مسامع الأوفياء، تكبر أحلامهم.
يُتَنظَّم هذا الابتكار في عروبتنا عبر الأزمان.
تُجمل زاوية التاريخ بأحداث تروى.
وتحدثوا عن تاريخٍ مُحترق مُزق.
أليست دمشق ركنًا للإسلام،
ومربيةً للأحاسيس النبيلة؟
صلاح الدين، هو تاجكِ الذي لا يُقارن.
ولم يُلبس أحدٌ مثلكِ يوماً.
اختلاف النهار والليل يُنسى
اختلاف الليل والنهار يُنسي،
فذكرياتي عن الصبا تطرز الأذهان.
أخبروني عن ملاحق شبابي،
وكيف تجسد من أحلام مرسومة.
مرت كنسمة ربيعية، وسنة جميلة تحمّل الكثير.
مصرُ الجرح، هل نسي القلب بجراحه؟
أم أن الزمان تجرك عن حزنك؟
كلما تجاوزت ليالي الزمن،
اذهبتي بعيدًا، والتاريخ يذكر.
أما في قلب البواخر، التي تبحر.
أم في أصواتها بعد أن ترددت.
راهبٌ داخل أعماق قلبي للبواخر عجيب،
كلما صرخنَ، تذكرن العظائم.
يا ابنة النيل، أبيكِ كرمٌ كبير،
أما تحبّين العطاء بلا حدود؟
أَلَيسَ حرامًا على الطيور عند نيلكِ،
وجائزًا لمن لا يُحبهُ مكرُكِ؟
كلّ دار أحق بالأهل، سوى،
في خبيث من المذهب الجدي.
نفسي جمرٌ، وقلبي شراعٌ،
أبحار في الدموع تسير.
واجعلي وجهك كالمنارة،
ضعيني بين رمال ومكس.
وطني لو شغلتني بكِ،
لتمنعت نفسي إلى أجلٍ بعيد.
لأسلك الفؤاد لكِ في شمسِ،
ظمأٌ للظلال الفاتنة.
شهد الله لم يغِب عن وجنتي،
صورتكِ تسكنني دومًا.
يصير الفكر إلى مسلّةِ،
في صباح كل شاردة.
أرى الجزيرة كعائلة،
تبحت نغمة تحكي كل جرس.
هي بلقيس في الحسن،
نتقدم بين الحقائق.
أمل أن تضم النيل عرساً،
وقبلها لم تُعقد بالأعراس.
لبست بالأصيل زينة من الوشي،
بين صنعاء ومباح.
قد خطه النيل، فانحنت خجلاً.
بين شهية وعري.
أرى النيل كرداء، في السواحل،
وإن كان كـكوثر من الصحة.
ابن ماء السماء بمكافأة،
ذاك الذي يملأ العيون بسحر.
لا ترى في ضياعهم غير روحي.
وأرى الجيزة حزينة،
لم تفزع بعد من فراق
لتموجات الصوت في السواقي.
وسؤال اليراع عنها همسات.
وقيام النخيل تشدو بشعر.
وتتجرّد عن كل طوق وثقل.
وكأن الأهرامات ميزان فخر.
في يوم يُحاكي عظمة.
أو قناطير بهاء فيها،
ألف جراح وألف فخر.
جمال الضحى يلعب كانجادٍ.
عندما تكتسح الليل.
وراهن الرمال أفطس إلا.
إنه صنع جنّة ليست مقسمة.
تتجلّى حقيقة الناس فيها.
سُبُعُ الخلق في سمائيات إنس.
لعب الدهر في ترابهم صبيًا.
والليالي كواعب ليست واحدة.
ركبت صيد القدر بعيني.
بأسلوب النقد والخدع.
فأصابت الممالك كسرى،
وهراقلة، والعرب النابغة.
يا فؤادي لكل أمر قرار.
يبدو واضح بعد الضباب.
أحكمت الأمور عقول يمين،
تنام هناك حيث الأسباب.
غرقَت في تفاصيل بلا فائدة،
أو في غريقٍ غير مسموع.
فلك يُكسف الشموس نهارًا.
ويرحل بالبدور ليلاً.
ومواعيد للأمور إذا ما.
بلغت الأمور لمقاييس.
دول كالبشر مُرتبطة.
تقوم بالرغم من التعسف.
والليالي تمام الحال.
لا تنكر ربّ العروبة عند الروم والفرس.
سددت بالقمر قوسًا وسلّت.
خشبًا ينفذ من كل ترس.
حكمت في القرون خوفو ودارا.
وداعًا لمن لا يُرى في الغيب.
يا ساكني مصر
يا ساكني مصر، لا زلنا على عهدنا.
الوفاء لدى غيابنا محياهما.
ألا ترسلون لنا من مياه نهركم،
ما يُعين مضاجعنا على النسيان؟
كل المناهل في الماء كالعفن،
ما أبعد النيل إلا عن آمالنا.