أقوال ابن القيم الجوزية حول مفهوم الصبر وجوهره
فيما يلي بعض من أجمل العبارات التي ذكرها ابن القيم الجوزي عن الصبر:
- الصبر هو ثبات القلب في موجهات الاضطراب.
- الصبر المرتبط بالتكليف – أي الأوامر والنواهي – يُعتبر أسمى من الصبر على القدر فقط؛ حيث إن هذا النوع من الصبر يمارسه كل من العبد والصالح.
- الصبر هو تثبيت العقول والأديان في مواجهة شهوات النفس وأحوالها.
- النفس تمثل وسيلة العبد التي يسير بها نحو الجنة أو النار، والصبر هنا يُعد بمثابة الخِطام والزمام لتلك الوسيلة، فإذا لم يتوفر ذلك، انحرفت النفس في كل اتجاه.
- من اعتاد على الصبر، أصبح عدوه يكترث له، ومن صعب عليه الصبر، سعى عدوه إلى استغلال ضعفه.
- الصبر والصلاة هما دعائم تحقيق مصالح الدارين.
- الكلمات القليلة إذا كانت نابعة من صدق ولا تتسم بالنوح أو الاستنكار، فلا تُعتبر انتقاصًا من واجب الصبر.
- إذا انفصل الشكر عن الصبر فقد بطل كونه شكرًا، والعكس صحيح.
- النفس لديها قوتان: قوة الإقدام وقوة الإحجام، وهي تتأرجح بين هذين القوتين، فتقبل على ما ترغب فيه وتبتعد عن ما تكرهه، والدين منجذب إلى هذين الجانبين، حيث يتمثل في الإقدام على طاعة الله والإحجام عن معصيته، ولايتحقق ذلك إلا من خلال الصبر.
أقوال ابن القيم حول الصبر في ضوء السنة النبوية
إليكم بعض العبارات التي استمدها ابن القيم الجوزي من السنّة النبويّة:
- وُعِدَ الصابرون بثلاثة خيرات، كل واحدة منها تفوق الدنيا وما فيها؛ وهي: صلوات الله عليهم، ورحمته لهم، وتخصيصهم بالهداية كما ورد في قوله: {أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.
- أشار الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى أن كل صبر هو خير وملئ بالبركة، وقال: (ما أُعطي أحد عطاء أفضل ولا أوسع من الصبر)، وأفاد عمر بن الخطاب بأن أفضل حياة قد وصلنا إليها كانت بالصبر، ولولا أن الصبر كان إنسانًا لكان من الكرام.
- جميع ما يفعله العبد في هذه الدنيا لا يخرج عن كونه نافعا أو ضارا في الدنيا أو الآخرة، أو مفيدا في إحداهما مضرا في الأخرى، وأشرف الأفعال هو الذي ينفع في الآخرة ويبتعد عن الضار هناك، وهذا هو جوهر الإيمان، إذ إن الأفعال النافعة تُعتبر شكرًا، بينما ترك الأفعال الضارة هو بمثابة الصبر.
- ينقسم الصبر إلى قسمين: قسم ممدوح وقسم مذموم؛ فالمذموم هو الصبر عن الله ومحبته والسير إليه. أما الصبر المحمود فينقسم إلى صبر لله وصبر بالله.
- الصبر مع الله مدار الوفاء؛ لأن الصبر معه يعني التمسك بأحكامه، وعدم انحراف القلب عن الرجوع إليه ولا الجوارح عن الطاعة، مما يحقق حق المعيّة في الوفاء، أما الصبر عن الله فهو نوع من الجفوة، ولا جفوة أشد ممن يتخلى عن عبادته.
- الكريم يصبر على طاعة الرحمن، بينما اللئيم يتحمل طاعة الشيطان، فنجد أن الأفراد اللئام هم من يصبرون أكثر على اتباع شهواتهم.
- {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ}، فمن لا يمتلك الصبر، لن يجد عونًا.
اقتباسات عن الصبر من كتاب “عدة الصابرين” لابن القيم
فيما يلي مجموعة مختارة من الاقتباسات من كتاب “عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين” لابن القيم:
- أما الاصطبار فهو أكثر قوة من التصبّر؛ إذ أنه يقتضي فعلاً مستمرًا للصبر وكأنه اكتساب؛ فالتصبر هو بداية الاصطبار، كما أن التكسّب هو مقدمة الاكتساب، ولذلك يتكرر التصبر حتى يصير اصطبارًا.
- أما المصابرة فهي مواجهة الخصم في مجال الصبر؛ وتحتاج إلى وقوعها بين طرفين، كما هو الحال في المشاتمة والمضاربة، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. وهذا يظهر الصبر كحال الصابر في نفسه، بينما المصابرة تمثل حالته في مواجهة خصومه، و المرابطة تعني الثبات والاستمرارية على الصبر والمصابرة.
- قد يتمكن الشخص من الصبر دون المصابرة، أو قد يصابر دون أن يثبت. كما يمكن أن يجتمعا دون عبادة والتقوى، وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى أن التقي هو العنصر الأساسي في كل ذلك، وأن الفلاح يتوقف عليها، فقال: {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. فالمرابطة لا تعني فقط البقاء في موقع التواجد الذي يتطلب الحذر من هجوم العدو، بل تعني أيضًا الثبات للحفاظ على القلب من التأثر بالهوى والشياطين.