العلاقة بين الغذاء والجمال
في سياق السعي للمحافظة على الجمال والشباب، يتطلع العديد من الأفراد إلى استكشاف جميع الحلول الممكنة لمواجهة آثار الشيخوخة. فمع تقدم العمر، تبدو البشرة متغيرة ويظهر الشيب، وقد تبدأ الصحة العامة بالتراجع. تعتبر البشرة أولى المؤشرات على تقدم السن، بينما قد تبقى علامات الشيخوخة مخفية داخل الأعضاء الداخلية. من هنا، يكمن النجاح في محاربة الشيخوخة في التركيز على تعزيز الصحة والنشاط، وتحويل شبح تقدم العمر إلى مرحلة من القوة وليس الضعف. لذا، من الضروري أن نبدأ بالاهتمام بالصحة ومواجهة الشيخوخة منذ سن مبكرة، حيث تساهم الحمية الغذائية المتوازنة وممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم على المدى الطويل في الحفاظ على الصحة والشباب. ووسط الشائعات المحيطة ببعض الفيتامينات ودورها في مكافحة علامات التقدم في السن، يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على الحقائق العلمية المتعلقة بالفيتامينات التي تساهم في محاربة الشيخوخة.
أهم الفيتامينات لمكافحة الشيخوخة
تتطلب حماية البشرة من مظاهر الشيخوخة اتباع استراتيجيات متعددة، من أبرزها الحد من التعرض لأشعة الشمس وضرورة استخدام واقي الشمس لحماية البشرة من الأشعة فوق البنفسجية. إلى جانب ذلك، ينبغي تقليل التعرض للملوثات والسميات، وكذلك تعزيز تناول مضادات الأكسدة. وقد أظهرت الأبحاث العلمية أن تناول مكملات غذائية معينة يمكن أن يسهم بشكل إيجابي في تحسين حالة البشرة، حيث تعمل مضادات الأكسدة على مكافحة الجذور الحرة والحد من تكوين الأكسجين النشط وتجديد أنسجة الخلايا التي تعرضت للتلف. تعد التغذية السليمة وسيلة فعالة للحصول على مضادات الأكسدة، وتشمل الفيتامينات مثل فيتامين ج وفيتامين هـ، بالإضافة إلى الكاروتينات وعنصري السيلينيوم والنحاس، الذين أثبتت الدراسات فوائدهم العديدة في محاربة الشيخوخة.
فيتامين ج
يُعرف فيتامين ج بصفته أحد أقوى مضادات الأكسدة في الجسم، ويلعب دوراً حاسماً في إنتاج الكولاجين، وهو البروتين الأساسي للبشرة والأنسجة الأخرى. يساهم في مكافحة الشيخوخة من خلال تحييد الجذور الحرة وخصوصاً الأضرار الناجمة عنها التي تسرع خطوات الشيخوخة. ويصنف فيتامين ج كأحد أكثر مضادات الأكسدة وفرة في البشرة، مما يجعلها عرضة للأسف من تأثيرات الملوثات والدخان وأشعة الشمس. حيث يمكن أن يؤدي التعرض البسيط للأشعة فوق البنفسجية إلى خفض مستوى فيتامين ج في البشرة بنسبة 30%، في حين أن التعرض للملوثات في المناطق الحضرية قد يُقلل مستويات فيتامين ج بنسبة 55%. تشير الأبحاث إلى أن تناول فيتامين ج يمكن أن يقلل من خطر الإصابة ببعض الأمراض المرتبطة بتقدم العمر، مثل تقليل خطر فقدان البصر الناتج عن الضمور الشبكي المرتبط بالسن، أو تقليل خطر الإصابة بتصلب الشرايين، بالإضافة إلى تأثيره الإيجابي في خفض ضغط الدم الانقباضي.
يحتاج البالغون إلى حوالي 2000 ملغم من فيتامين ج يومياً، ويمكن الحصول عليه عبر تناول الفواكه والخضروات، وخاصة الفواكه الحمضية وعصائرها، وكذلك الفراولة والبطيخ والطماطم والبروكلي والفلفل الحلو والكيوي.
فيتامين هـ
يُعتبر فيتامين هـ من أهم مضادات الأكسدة الذائبة في الدهون في جسم الإنسان. تلعب وظيفته كمضاد للأكسدة دوراً رئيسياً في الدفاع عن الجسم ضد تأثيرات الجذور الحرة، مما يحمي مكونات الخلايا وأغشيتها من الأكسدة والتلف. يساعد فيتامين هـ أيضاً في حماية الأحماض الدهنية غير المشبعة وغيرها من الدهون من الأكسدة. وقد أظهرت الدراسات أن استخدامه الخارجي قد يقلل من التجاعيد الناتجة عن التعرض للشمس ويحسن بنية البشرة.
علاوة على ذلك، يساعد فيتامين هـ في مواجهة مشاكل أخرى متعلقة بتقدم العمر، مثل تقليل خطر الوفاة بسبب سرطان المثانة، وتقليل خطر الإصابة بالخرف، وخفض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. كما يساهم مع فيتامين ج في تحسين مستويات كوليسترول الدم وفي تقليل خطر الإصابة بالسكتة الدماغية لدى الرجال المصابين بالسكري وارتفاع ضغط الدم.
تحتاج البالغون إلى 1000 ملغم من فيتامين هـ يومياً، ويمكن الحصول عليه عبر تناول الزيوت النباتية، حيث يُعتبر زيت جنين القمح من المصادر الغنية به. يجدر بالذكر أن فيتامين هـ سريع التلف، لذا يفضل تناول الأطعمة الطازجة وغير المعالجة.
أغذية تعزز مقاومة الشيخوخة
يساهم تناول الفواكه والخضروات الملونة الغنية بمضادات الأكسدة، مثل الخضروات الورقية والبندورة الحمراء والتوت الأزرق والجزر والعنب الأحمر، في تزويد الجسم بما يحتاجه لمكافحة الشيخوخة. يُنصح بتناول ما بين 5 إلى 9 حصص من الفواكه والخضروات يومياً، بالإضافة إلى حوالي 3 حصص من الحبوب الكاملة مثل الأرز البني والقمح الكامل والشوفان والكينوا، حيث تساهم هذه الأغذية في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب ومرض السكري من النوع الثاني. كذلك، يُعتبر تناول الأسماك الدهنية مصدراً جيداً للأوميغا-3 المرتبط بالحد من خطر الأمراض القلبية والسكتات الدماغية والزهايمر. تُعتبر الحليب ومنتجاته منخفضة الدسم والمُدعّمة بفيتامين د من الخيارات الجيدة للحفاظ على صحة العظام ومستويات صحيّة من الكوليسترول.
يجب تقليل تناول الدهون المشبعة واللحوم الدهنية والحليب كامل الدسم، بالإضافة إلى السكريات والملح، للحصول على نظام غذائي صحي يمكن أن يخفف من خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بتقدم العمر. نستنتج أن مبادئ النظام الغذائي المناسب لمكافحة الشيخوخة تُعد جزءاً من المبادئ الصحية العامة التي يستحب الالتزام بها من قبل الجميع.