آداب الاستئذان في الإسلام
لقد أرسى الله سبحانه وتعالى مجموعة من الآداب التي تضمن حقوق المسلمين تجاه بعضهم البعض، ومن بين هذه الآداب تأتي آداب الاستئذان. حيث يقول الله -عز وجل-: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ”. ومن الآداب التي ينبغي على المسلم الالتزام بها عند الاستئذان ما يلي:
- الوقوف على أحد جوانب الباب: يجب عدم مواجهة الباب مباشرة، لأن ذلك قد يكشف لأهل البيت ما لا يرغبون في إظهاره عند فتح الباب. إذا وقف المستأذن بجانب الباب، يتجنب حرجًا محتملاً، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “إنما جُعل الاستئذان من أجل النظر”.
- البدء بالسلام: يجب على المستأذن أن يبدأ حديثه بالسلام، فهو تحية الإسلام وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو يمثل بداية اللقاء ونهايته.
- انتظار الإذن بالدخول: ينبغي الانتظار حتى يحصل على رد إيجابي من صاحب البيت قبل الدخول. فالاستئذان وحده لا يكفي بل يجب التأكد من موافقة صاحب البيت.
- تجنب قول “أنا”: عند الاستفسار من قبل أهل البيت، يجب أن يقدم المستأذن اسمه وليس مجرد “أنا”. كما رواه الصحابي جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-: “أَتَيْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في دَيْنٍ كانَ علَى أبِي، فَدَقَقْتُ البَابَ، فَقالَ: مَن ذَا؟ فَقُلتُ: أنَا، فَقالَ: أنَا أنَا! كَأنَّهُ كَرِهَهَا”.
- حصر الطرق على الباب بثلاث مرات: يُفضل عدم الطرق أكثر من ثلاث مرات، حتى لو سمع المستأذن أصواتاً من الداخل. وفي حالة عدم الاستجابة، فيجب العودة دون تردد.
- الرجوع عند الطلب: في حال طلب منه الانصراف، يجب الرجوع بطيب نفس، حتى وإن كان هناك موعد مسبق، حيث أن البيوت لها أسرار وقد تطرأ ظروف تمنع استقبال الزوار، كما قال الله -عز وجل-: “وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ”.
حكم الاستئذان
يعتبر الاستئذان فرضاً، استناداً إلى قول الله -عز وجل-: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ”. فقد حظر الله -عز وجل- دخول البيوت دون استئذان، مما يجعل ذلك واجباً قبل الدخول.
الحكمة من مشروعية الاستئذان
وقد شرع الله -تعالى- العديد من الأخلاق والآداب الإسلامية حفاظاً على الحقوق وحماية لها، ومن الحكمة وراء مشروعية الاستئذان ما يلي:
- حماية المستأذن: أن الاستئذان يحفظ عين المستأذن من رؤية ما ينفره.
- حماية حرمة البيوت: حيث لا يُسمح للزوار بالدخول إلا بعد الاستئذان.
- ستر العورات: يصون البيوت من التعرض لما قد يُظهر خصوصياتها.
- تفادي الحرج: تقليل إحراج المستأذن وأهل البيت.