النظريات الرئيسية في التجارة الدولية
تُقسم النظريات التي تُعتمد في مجال التجارة الدولية إلى مدرستين رئيسيتين: المدرسة الكلاسيكية للتجارة الدولية والمدرسة الحديثة. كل منها تتضمن مجموعة من الفرضيات والنظريات. وفيما يلي تقديم مختصر لكل منها:
النظريات الكلاسيكية في التجارة الدولية
من النظريات البارزة في هذا المجال:
النظرية التجارية التقليدية
تفترض هذه النظرية أن ثروة الدولة تعتمد على ما تمتلكه من معادن نفيسة مثل الذهب والفضة. لتحقيق توازن إيجابي في ميزان المدفوعات، يتعين على الدولة أن تزيد صادراتها مقابل تقليص وارداتها، مما يستلزم زيادة احتياطياتها من المعادن المذكورة.
يتمثل الهدف في تحقيق فائض تجاري، حيث تتجاوز قيمة الصادرات قيمة الواردات. وعلى العكس، إذا كانت الواردات أكبر من الصادرات، يمكن أن يظهر عجز في ميزان المدفوعات، مما ينشئ العديد من الصعوبات الاقتصادية.
نظرية الميزة المطلقة
تشير هذه النظرية إلى أن الدولة تحقق ميزة مطلقة عندما تستطيع إنتاج سلعة بكفاءة أعلى أو بتكلفة أقل من دولة أخرى. يتوجب على الدولة حينذاك التخصص في إنتاج هذه السلعة، مما يُشجع على زيادة الكفاءة نتيجة لتخصص القوى العاملة في نفس مجال الإنتاج.
وبذلك، فإن كل دولة ستتخصص في إنتاج السلع التي تتفوق فيها، مما يؤدي إلى فوائد تعود على الدول التي تتبادل التجارة مع بعضها، وبالتالي تحسين مستويات المعيشة في كلا البلدين.
نظرية الميزة النسبية
ظهرت هذه النظرية لتصحيح الخلل المحوري في النظرية السابقة، حيث قد تكون دولة ما كفؤة في إنتاج مجموعة متنوعة من السلع، مما يتيح لها مزايا متعددة في الإنتاج بدلاً من التركيز على منتج واحد فقط. وفي الوقت نفسه، قد لا تمتلك دولة أخرى ميزات واضحة في إنتاج أي سلعة، ومع ذلك فإن التجارة يمكن أن تحدث بين الدولتين، وهو أمر يتناقض مع مفهوم الميزة المطلقة.
لذا، تركز نظرية الميزة المطلقة على الإمكانيات الإنتاجية المطلقة للدولة، بينما تركز نظرية الميزة النسبية على الفروقات النسبية في الإنتاج.
نظرية هيكشر-أولين
تُعرف أيضاً بنظرية نسب عناصر الإنتاج، وتؤكد أن الدولة تقوم بإنتاج وتصدير السلع التي تعتمد في تصنيعها على عناصر الإنتاج المتوفرة وبأسعار منخفضة، بينما تستورد المنتجات التي تتطلب عناصر إنتاج نادرة وعالية التكلفة.
تشمل عناصر الإنتاج: تكاليف اليد العاملة، الموقع، رأس المال، والمعدات المستخدمة في عملية الإنتاج.
نظرية مفارقة ليونتيف
وفقاً للنظرية السابقة لعوامل الإنتاج، يفترض أنه في دولة تملك عناصر إنتاج وفيرة، ستكون المنتجات المعتمدة على هذه العناصر هي السائدة. ومع ذلك، كانت هناك مفارقة عند دراسة الاقتصاد الأمريكي، حيث تمتلك الولايات المتحدة وفرة في عنصر رأس المال، وكان من المتوقع أن تنتج سلع تعتمد على هذا العنصر.
لكن المفارقة تكمن في أن الولايات المتحدة تستورد كميات أكبر من السلع التي تعتمد على رأس المال، وهو ما يتناقض مع نظرية عناصر الإنتاج، وبالتالي سُميت بمفارقة ليونتيف.
النظريات الحديثة في التجارة الدولية
ومن أبرز النظريات الحديثة:
نظرية التشابه بين الدول
تقترح هذه النظرية أن الشركات تدعو لإنتاج السلع للاستهلاك المحلي في المقام الأول، وعند تحديدها لأسواق عالمية مشابهة للسوق المحلي، تقوم بتصدير منتجاتها. لذا، فإن التبادل التجاري يتم بشكل رئيسي بين الدول التي تتقارب فيها متوسطات الدخول الفردية.
تكون هذه النظرية فعالة حين تلعب العوامل مثل العلامات التجارية وكفاءة المنتجات دورًا محوريًا في قرار الشراء لدى المستهلكين.
نظرية دورة حياة المنتج
تعتبر هذه النظرية أن إنتاج أي سلعة يمر عبر ثلاث مراحل:
- المرحلة الأولى: مرحلة المنتج الجديد
وهذا يعني أن المنتج يُصنع في البلاد التي نشأ فيها، في بدايات تقديمه.
- المرحلة الثانية: مرحلة تطوير المنتج
تمثل هذه المرحلة إدخال تحسينات وتحديثات على المنتج، مما يؤدي إلى تغييره إلى منتج جديد.
- المرحلة الثالثة: مرحلة المنتج القياسي
حيث يبدأ تصنيع هذا المنتج في دول معينة بتكاليف إنتاج منخفضة.
نظرية التنافس الاستراتيجي العالمي
تركز هذه النظرية على الشركات متعددة الجنسيات التي تسعى لصناعة منتجات تنافس بها الشركات العالمية الأخرى، والعقبات التي تعترض دخولها الأسواق الجديدة وتطوير منتجاتها لتلبية معايير المنافسة.
يمكن تلخيص هذه العوائق بما يلي:
- البحث والتطوير.
- حقوق الملكية الفكرية.
- المعايير الاقتصادية.
- أساليب البيع والتسويق.
- الخبرات الصناعية.
- القدرة على الحصول على المواد الخام اللازمة للعملية الإنتاجية.
نظرية الميزة التنافسية المحلية
تفترض هذه النظرية أن قدرة الدولة التنافسية في القطاع الصناعي تعتمد على مستوى الابتكار ومقدار الأفكار الجديدة التي تُطبق في إنتاج السلع.
وحددت هذه النظرية أربعة عوامل رئيسية تؤثر على القدرة التنافسية للدولة، وهي:
- توفر المواد الخام في السوق المحلي، وكيفية استغلالها بشكل فعال.
- الطلب على السلعة في السوق المحلية.
- توافر قطاع الموردين المحليين والصناعات التكميلية.
- سمات الشركة المحلية وقدرتها على الابتكار.