ما هي الأموال الربوية؟
أوضح النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الأصناف والأموال التي يدخلها الربا، والتي تُعرف بالأموال الربوية، في عدة أحاديث. ومن بين هذه الأحاديث، قوله: (الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والْفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والْبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والْمِلْحُ بالمِلْحِ، مِثْلًا بمِثْلٍ، سَواءً بسَواءٍ، يَدًا بيَدٍ. فإذا اختلفتْ هذه الأصناف، فَبِيعُوا كيفَ شِئْتُمْ، إذا كانَ يَدًا بيَدٍ).
تتضمن هذه الأصناف الستة الأموال التي يتعلق بها الربا، حيث يُحظر فيها الزيادة أو التأخير عند البيع. ولذلك، يجب الالتزام بالمماثلة في الوزن والكيل، بغض النظر عن الجودة أو الرداءة.
أنواع الأموال الربوية
النقدين
يشير هذا المصطلح إلى الذهب والفضة، بالإضافة إلى ما يعادلها من الأوراق النقدية. ولصحة بيع هذه الأموال عند التبادل من نفس الجنس، يتطلب الأمر الحضور وعدم التأجيل. يجمع بينهما سبب مشترك، باستثناء ما إذا كان أحد العوضين ثمناً والآخر مثمّناً، مثل بيع الموزونات بالدرهم أو الدينار. قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والْفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والْبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ…)
أسباب الربوية في النقدين
اتفق الفقهاء على تحريم الربا في النقدين، وهما الذهب والفضة، لأسباب متعددة. حيث رأت الحنفية أن السبب هو الجنس لوروده بشكل واضح في الأحاديث، فيما اعتبرت المالكية أنّ السبب هو الثمنيّة. بينما قال بعضهم إن النقص في أي منهما يسبب ضرراً للأشخاص. أما الشافعية، فرأوا أن السبب في النقدين بشكل عام هو كونها من الأثمان، مشيرين إلى كلمة غالب. وأقروا بأن الفلوس قد تحل مكانهما.
هناك رأي آخر يعتبر أن السبب الأساسي هو الوزن مع الجنس، ما يعني أن الربا يدخل في جميع الموزونات من نفس النوع، ك الحديد والذهب. وعليه، لا يصح بيعها إلا بشرط التماثل والتقابض. أما عند بيعها بغير جنسها، فيجب شرط التقابض في نفس المجلس؛ وفقاً لقول الحنفية والحنابلة.
أحد الآراء يشير إلى أن الأسباب ترتبط بكونها من الأثمان غالباً، مما يطلق عليه البعض الجوهرية في الأثمان، وهو ما يطرحه المالكية والشافعية. ومع ذلك، فقد قصروا هذه العلة على الذهب والفضة فقط، بحيث لا تدخل العملات حتى وإن كانت من الأثمان.
أما ابن تيمية وابن القيم، من الحنابلة، فأكدا أن السبب يكمن في الشروط العامة للأثمان، حيث انضم كل ما يُعتبر ثمناً إلى إطار الربا، مقتصرًا في ذلك على الذهب والفضة فقط.
الأصناف الأربعة: التمر والبر والشعير والملح
وفقاً للأحاديث، ينتمي إلى الأصناف الربوية أيضاً: التمر، البُر، الشعير، والملح. وهناك جدل حول شمولية الربا لها، وما إذا كان يمكن تطبيقه على أصناف أخرى. فقد توافق الأئمة الأربعة على أن الربا لا يقتصر على هذه الأصناف، بل يشمل ما يتشابه معها في العلة، حيث إن التحريم يتمحور حول علة معينة.
هذا الموضوع يعتبر نوعاً من القياس على ما يشبهه. لذلك، يُعطى نفس الحكم لكل ما يتناسب مع العلة ذاتها، بناءً على ما قاله النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بشأن غلامه عندما أرسله لبيع صاع من القمح.
قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (أنَّهُ أَرْسَلَ غُلَامَهُ بصَاعِ قَمْحٍ، فَقالَ: بعْهُ، ثُمَّ اشْتَرِ به شَعِيرًا…). وقد أشار علماء مثل طاووس، وقتادة، والظاهرية، إلى أن الربا يقتصر فقط على الأصناف المذكورة في الحديث، مستندين بذلك إلى محدودية النص.
أسباب الربوية في الأصناف الأربعة
طبقاً لما ذكره ابن رشد في كتابه “البداية”، فإن السبب لتحريم الربا في هذه الأصناف الأربعة هو طعمها. حيث أن وصف النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لهذه الأصناف يعتبر دليلا على أن هذا هو السبب، كما في حالة القطع ليد السارق بسبب السرقة.
أما الذين يرون إدخال أصناف أخرى للتحريم، فقد أفادوا بأنه يمكن أن يستندوا إلى علتي الكيل والجنس، في حين أن الحنفية اعتبرت السبب هو الكيل أو الوزن مع الجنس، مما يعني أن الربا يدخل في جميع المكيلات والموزونات من نفس النوع، سواء تعلق ذلك بالطعام أو غيره.
بالمقابل، اعتبر المالكية أن السبب هو القوت والادخار، بينما حدد الشافعية السبب في الطعم، مما يعني أن الربا يكون مرتبطا بكل أصناف الطعام، سواء كانت مكيلة أو غير مكيلة. وذهب بعض الشافعية للقول إن السبب هو الطعم مع الكيل أو الوزن.