أنواع التسامح في الإسلام
التسامح يُعرف في اللغة بالتساهل، واصطلاحًا يُعبر عنه بالعفو عند القدرة، ورفض الإساءة بالمثل، بالإضافة إلى الارتفاع عن الأمور التافهة، ورفع النفس إلى مراتب عليا. يُعتبر التسامح مفهومًا أخلاقيًا تم الدعوة إليه من جميع الأنبياء والصالحين لما له من أهمية كبيرة في تماسك المجتمع وإزالة الخصومة بين الأفراد والجماعات. ويعني التسامح أيضًا قبول عقائد وثقافات المخالفين، وهو أحد الأسس الجوهرية لتحقيق العدل والحرية لجميع أفراد المجتمع.
أعطى الإسلام الأولوية للعديد من الأخلاق الحسنة، ومن أبرزها التسامح، حيث حدد هذا السلوك العلاقات الاجتماعية بين الأفراد في الدولة الإسلامية. وقد جاء الإسلام بأشكال متعددة من التسامح، مثل التسامح الديني، والعرقي، والثقافي، وكذلك تسهيل المعاملات. وأحد أهم أنواع التسامح الذي دعا إليه الإسلام هو مسامحة النفس على الأخطاء السابقة، إذ يُؤكد الإسلام أن الاتجار بالأخطاء السابقة يُعتبر مغفورًا.
التسامح الديني
يشير التسامح الديني في الإسلام إلى حق كل فرد في الدولة الإسلامية في اعتناق ما يراه حقًا، فضلاً عن حريته في ممارسة شعائره الدينية كما يشاء. كما يتطلب هذا المفهوم أن يكون جميع الأفراد متساوين أمام القوانين. ويتضمن هذا التعريف أتباع المذاهب المختلفة من الإسلام وأتباع الديانات الأخرى.
لم يتجلى التسامح الديني بين المسلمين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث كان الناس يجمعهم مبدأ واحد، لكن بعد ذلك، بروزت العديد من المذاهب والفرق، مما تطلب احترام كل طائفة للأخرى. أما فيما يتعلق بالتسامح مع أتباع الديانات الأخرى، فقد كان هنالك ترسيم واضح منذ زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث أطلق عليهم اسم “أهل الذمة”، وقد وردت العديد من الآيات والأحاديث التي تؤكد ضرورة الحفاظ على حقوقهم.
التسامح الثقافي
ركز التسامح في الإسلام على أهمية احترام الآخرين خلال الحوار معهم، حيث يُعد الحوار وسيلة يومية لتحقيق التعارف بين الأفراد من مختلف الأعراق والثقافات. يعزز الإسلام ثقافة قبول الآخر ويدعو إلى التسامح من خلال إيصال الأفكار الجديدة بطريقة محترمة ومحبّبة.
التسامح مع التعددية
أكد الإسلام منذ بداياته أن التعددية هي سنة كونية وفطرة بشرية، حيث إن الناس بطبيعتهم مختلفون في آرائهم ومعتقداتهم ومصالحهم. ولذلك، تسعى مبادئ الإسلام لتعليم المسلمين أن الإيمان الحقيقي لا يعني تطابق الأفكار والمعتقدات، بل إن من واجب المسلم قبول الاختلاف وتقدير التنوع.
أسس التسامح في الإسلام
تستند العقيدة الإسلامية إلى مبادئ تعزز التسامح والتعايش السلمي بين الأفراد على الرغم من اختلافاتهم العقائدية، ومن هذه المبادئ:
- الإيمان بأن الاختلاف في العقائد هو مشيئة من الله تعالى.
- التأكيد على مسؤولية الفرد عن خياراته وأفعاله.
- تبين مسؤولية الأنبياء في إيصال الرسالة دون فرض الدين على الناس.
- التسامح منذ ظهور الإسلام مع أتباع الأديان الأخرى، وهذا أحد أركان الإيمان.
أمثلة على التسامح في الإسلام
يتضمن القرآن الكريم والسنة النبوية العديد من الأمثلة على التسامح الممارس من قبل الأنبياء والرجال الصالحين، ومنها:
- عفو يوسف عليه السلام عن إخوته، كما ورد في قوله تعالى: (قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).
- عفو الرسول صلى الله عليه وسلم عن سهيل بن عمرو في فتح مكة، حيث قال لأصحابه: (من لقي منكم سهيلًا فلا يسئ لقاءه، فلعمري إن سهيلًا له عقل وشرف وما مثل سهيل يجهل الإسلام، ولكن قدر فكان).