مدح النبي كطريق للخائفين
تُعتبر هذه القصيدة واحدة من أروع القصائد التي تضرب في مدح الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، حيث يبرز الشاعر البوصيري جمال عبقريته في وصفه:
إنَّ مَدْحَ النَّبِيِّ أمانٌ للخائفين الوجلين
فإن كنت في مديحِه، بكلمات مرتجلة أو غير مرتجلة
فلا تعلق بأوطان أو ذكريات
ولا تتوقَف عند أماكن قد عُرفت من قبل
لكن صفْ جمالَ حبيب الله منفردًا،
فهو خير ممدوح في كل وصف وغزل
ريحانتاي على زهر الروابي،
ريحانتاي من زهرة فاطمة،
خير النساء، ومن نسل الإمام علي
إذا أردت مديح أحد من سلالته
فهو النسب الذي يرفع من مدحي لسيد الرسل
محمدٌ، أفضل الرسل، الذي شهد
بفضله أنبياء العصور اللبلى
لم يكن يضاهيه الحسن في الخلق والخُلق
ولا يزال حبه يخلد في كل قلب
وتمسك بسنة المرسلين
فإن فيها شفاء لكل جهل وعَكَرٍ
حرر الفكر في بساتين هذه الأفكار
قصيدة حول النبي والخاتم
كتب حسان بن ثابت في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم:
أغر عليه، خاتمٌ للنبوّة،
من الله، مشهود يلوح ويُشاهد
وقد أتى الله باسم النبي مُقترنًا باسمه،
إذا قال المؤذن في الخمس أشهد
وشق الله له من اسمِه ما يجله،
فذو العرش محمود، وهذا محمد
نبيٌ جاء بعد يأس وفترة،
بينما كانت الأوثان تعبد في الأرض
فأصبح سراجًا منيرًا وهادياً،
يشرق كما تشرق السيوف اللامعة
وأنذرنا بنار، وبشرنا بجنة،
علّمنا الإسلام، فلك الحمد يا الله
وأنت إله الخلق، ربي وخالقي،
أشهد بذلك ما عمّرت في الناس
تَعَالَيْتَ رَبَّ الناس عن قول من دعا
بغيرك إلهًا، أنت الأعلى والأمجد
لك الخلق والنعماء والأمر كله،
فإياك نستغيث، وإياك نعبد
قصيدة بعث النبي محمد
قال الشاعر جرير في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم:
إن الذي بعث النبي محمدًا،
جعل الخلافة في الإمام العادل
وقد نفع ما منعته تحرجًا،
مكسا العشور على جسر الساحل
حصلت على عدلك من أقام في أرضنا،
فإليك حاجة كل وفدٍ راحل
إني لأرجو خيرك عاجلًا،
ونفسي تودّ حب العاجل
والله أنزل في الكتاب فريضةً،
لابن السبيل وللفقير العائل
قصيدة ولادة الهدى بضياء الكون
قصيدة “ولد الهدى” كانت من أجمل قصائد مدح الرسول للشاعر أحمد شوقي:
وُلِدَ الهُدى فالكائنات ضياء،
وفم الزمان تبسم وثناء
الروح والملأ الملائكة حوله،
للدين وللدنيا به بشائر
والعرش يزهو والحظيرة تزدهي،
والمنتهى والسدرة العظيمة
وحديقة الفرقان ضاحكة الروابي،
بالترجمة عذبة غناء
والوحي يقطر سلسلاً من سلسل،
واللوح والقلم البديع رُواء
نُظمت أسماء الرسل فهي صحيفة،
في اللوح واسم محمد طُغراء
اسم الجلالة في بديع حروفه،
ألف هنالك واسم طه الباء
يا خير من جاء الوجود تحيةً،
من مرسلين إلى الهدى بك جاؤوا
بيت النبيين الذي لا يلتقي
إلا الحنفاء فيه والحُنفاء
خير الأبوة حازه آدم
دون الأنام وأحرزت حواء
هم أدركوا عز النبوة وانتهت
فيها إليك العزة الغامرة
خلقت لبيتك وهو مخلوق لها،
إن العظائم كفؤها العظماء
بك بَشَّر الله السماء فزُينت،
وتضوعت مسكًا بك الغبراء
وبدا محياك الذي قَسَماته،
حقٌ وغرته هدى وحياء
وعليه من نور النبوة رونقٌ،
ومِن الخليل وهدى سيماء
أثنى المسيح عليه خلف سماه،
وتهللَت واهتزت العذراء
يومٌ يتلوه على الزمان صباحه،
ومساؤه بمحمدٍ وضّاء
الحق عالي الركن فيه مظفر،
في الملك لا يعلو عليه لواء
ذعرت عروش الظالمين فزُلزِلَت،
وعلت على تيجانهم أصداء
والنار خاوية الجوانب حولهم،
خمدت ذؤائبها وغاض الماء
والآيات تترا والخوارق جمعٌ،
جبريل روحٌ بها غداء
نعم اليتيم بدت مخايل فضله،
واليُتم رزق والعقل بهاء
في المهد يُستسقى الحيا برجائه،
وبقصده تُستدفع البأساء
بسوى الأمانة في الصبا والصدق،
لم يعرفه أهل الصدق والأمناء
يا من له الأخلاق ما تهوى العلا،
منها وما يتعشق الكبراء
لو لم تقم ديناً لاقامت وحدها،
دينًا تضيء بنوره الأنحاء
زانتك في الخلق العظيم شَمائل،
يغرى بهن ويلوع الكرماء
أما الجمال فأنت شمس سمائه،
وملاحة الصديق منك سناء
والحسن من كرم الوجوه وخيره،
ما أوتي القواد والزعماء
فإذا سخوت بلغت بالجود المدى،
وفعلت ما لا تفعله الأنواء
قصيدة مدح المصطفى وإحياء القلوب
يقول الشاعر البوصيري في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم:
بمدح المصطفى تحيا القلوب
وتغتفر الخطايا والذنوب
وآمل أن أعيش به سعيدًا،
وأن ألقاه وليست عليّ حُوب
نبيٌ كامل الأوصاف تمتْ
محاسنه فقيل له الحبيب
يفرّج ذكره الكربات عنا،
إذا نزلت بساحتنا الكروب
مدائحه تزيد القلب شوقًا
إليه كأنها حلي وطيب
وأذكره وليلة الخطوب داجية،
عليَّ فتنجلي عني الخطوب
وصفت شيمًا منه حسناء،
فما أدري أهو مديحٌ أم نسيب
ومن لي أن أرى منه محياً
يسر بحسنِه القلب الكئيب
كأن حديثه زهر نضير،
وحامل زهره غصن رطيب
ولي طرفٌ لمرآه مشوقٌ،
ولي قلبٌ لذكراه طروب
تبوأ قاب قوسين اختصاصاً،
ولا واشٍ هناك ولا رقيب
مناصبه السنية ليس فيها
لإنسان ولا ملك نصيب
رحيب الصدر ضاق الكون عما
تضمن ذلك الصدر الرحيب