محاكمة أمير المؤمنين أمام القاضي مع يهودي
تعتبر إحدى القصص اللافتة في التاريخ الإسلامي هي محاكمة سيدنا علي -رضي الله عنه- عندما اكتشف أن درعه موجود لدى يهودي. توجه إليه قائلاً: “هذه درعي التي سقطت عن جملي”. رد اليهودي بالقول: “درعي في يدي”. ومن هنا اقترح اليهودي أن يذهبوا إلى قاضي المسلمين. توجهوا إلى شريح القاضي، الذي استفسر بدوره عن القضية، فقال علي: “درعي سقطت عن جمل لي وقد التقطها هذا اليهودي”.
رد شريح قائلاً: “وماذا تقول يا يهودي؟”، فأجاب اليهودي: “درعي في يدي”. قال شريح: “صدقت، ولكن يجب أن يكون هناك شاهدين”. لذا نادى علي على قنبر مولاه والحسن بن علي، اللذان شهدا بأن الدرع تعود لسيدنا علي. بعدها قال شريح: “نقبل شهادة مولاك، ولكن لا نقبل شهادة ابنك”.
هنا قال علي: “ثكلتك أمك، أتقول إن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، فيشهد الله أنهم كذلك؟” أجاب القاضي: “اللهم نعم”. ثم قال علي لليهودي: “خذ الدرع”. قال اليهودي: “أمير المؤمنين جاء إلي قاضي المسلمين وقضى لي”، ثم اعترف بأن الدرع هي فعلاً لجزء من ميراث علي، ثم أسلم ووهبها له علي.
هذه القصة تعكس عدالة الإسلام، حتى في التعامل مع غير المسلمين، وتؤكد أن العدل هو أساس الحكم. إذ تمثل هذه الواقعة نموذجاً لتطبيق القاضي لمبادئ العدالة حيث لم يُعتبر علي أمير المؤمنين إلا عند تقديم الأدلة الكافية، مما أسفر عن حكمه لصالح اليهودي.
قصة المعتصم و”وامعتصماه”
المعتصم، ابن هارون الرشيد، تولى الحكم بعد وفاة أخيه المأمون. وكان يُعرف بخاتمه الذي كتب عليه: “سل الله يعطك”. عُرف بقوته وشجاعته، حتى أنه انتقل إلى عمورية بعد أن تعرضت امرأة نبيلة للضرب من قِبل أحد الكفار، فما كان منها إلا أن صرخت: “وامعتصماه”.
عندما سمع المعتصم نداءها، شعر بشغف وحزن، فأمر بجمع القوات لغزو عمورية، رغم الظروف القاسية من برد وثلج، وأمر جنوده أن ينطلقوا جميعًا على خيول أبلق. استمر في حصار المدينة حتى تمكن من فتحها، قائلاً: “لبيك لبيك”، ثم أنقذ المرأة وأعدم المعتدي.
فتح سمرقند
تتضمن قصة فتح سمرقند العديد من الدروس والعبر. نذكر منها:
- علم أهل سمرقند بأحكام الإسلام المتعلقة بفتح المدن.
قام قتيبة بن مسلم -رحمه الله- بفتح سمرقند دون أن يدعو أهلها للإسلام أو الجزية، وأعطاهم مهلة ثلاثة أيام قبل البدء في القتال، مما جعل سكان سمرقند يشعرون بأن هذا مخالف لأحكام الإسلام، فأرسلوا رسولاً إلى الخليفة عمر بن عبد العزيز.
- سير رسول سمرقند كان على مدار أشهر للوصول إلى الخليفة.
قال رسول سكان سمرقند: “تنقلّت بين البلدان لأشهر حتى وصلت إلى دار الخلافة في دمشق”. وهذه دلالة على سمعة عدل الإسلام، حيث أرسل أهل سمرقند رسالتهم على الرغم من المسافة البعيدة من دار الخلافة.
- الأسلوب المتواضع للخليفة.
قال: “عندما وصلت دمشق، سألت عن دار الخليفة، فقيل لي إنها المسجد”، وما زالوا يشرحون لي أمور الصلاة والدين حتى اعتنقت الإسلام، وعندما سألت عن دار الخليفة، دلوني على دار بسيطة من الطين، ورأيت فيها رجلاً وزوجته يصلحان الحائط بالطين، فلم أصدق أنه الخليفة حتى أكد لي بعض الناس ذلك.
- كتابة على ظهر ورقة.
عندما أبلغ رسول سمرقند عمر بن عبد العزيز بالصورة، كتب له: “من عبد الله عمر بن عبد العزيز، إلى عامله في سمرقند، أن يقيم قاضيًا للنظر فيما ذكروه”. ولم يستطع الرسول تصديق أن هذه الكتابة تعني شيئًا، وأراد رمي الورقة.
- إخراج المسلمين من سمرقند.
عين قتيبة بن مسلم قاضيًا للنظر في دعوى أهل سمرقند، وعندما تأكد من صحة دعواهم، أمر بإخراج المسلمين من المدينة وإعطاء أهل سمرقند فترة للامتثال لأحكام الإسلام.
- إسلام معظم أهل سمرقند.
عندما رأى أهل سمرقند عدالة الحكم الإسلامي وتطبيقه، قرروا الدخول في الدين أو دفع الجزية، فاختار معظمهم الإسلام، في حين دفع القليل الآخر الجزية.