تحليل قصيدة “أتراها تحبني ميسون” لنزار قباني
تعتبر القصيدة العمودية التي كتبها نزار قباني على بحر الخفيف من الأعمال المميزة، وقد كتبها تعبيرًا عن مشاعره أثناء حرب تشرين التحريرية لعام 1973. وقد كانت هذه القصيدة مختلفة عن أسلوبه المعروف في الشعر الحر، حيث بدأها ببيت يقول فيه:
- أَتُراها تُحبني مَيسون؟
أم توهمتُ والنّساء ظنونُ
يا ابنة العم والهَوى أمويٌ
كيف أُخفي الهَوى وكيف أُبينُ
في هذه الأبيات، يستخدم الشاعر كناية عن دمشق باسم ميسون، وهي إشارة إلى ميسون بنت بحدل، زوجة الصحابي العظيم معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-. وقد اختار نزار هذا الاسم للإشارة إلى المدينة لأنها كانت رمزًا للبيت الأموي، مما يعكس عمق ارتباطه بالحب والشغف في دمشق وعدم قدرته على كتمان مشاعره.
- هَل مَرايا دمشقُ تعرفُ وَجهي
من جديدٍ أَم غيَّرتني السّنين؟
يا زمانًا في الصَّالحية سـمح
أينَ منّي الغَوى وأينَ الفُتون؟
يتساءل نزار عن إذا ما كانت دمشق تذكره رغم السنوات العديدة التي غاب فيها عن أزقتها. ويستحضر ذاكرته عن حي الصالحية، متخيلًا الأوقات الجميلة التي مضت والتي أصبحت مجرد ذكريات.
- يا سَريري ويَا شَراشفَ أُمي
يَا عصافير يَا شذا يا غصون
يا زَورايبَ حَارتي.. خبّئني
بين جفنيكِ فالزَّمان ضنين
واعذِريني إن بَدوت حزينًا
إنَّ وجهَ المُحبِّ وجه حزين
تبدأ الذكريات في الظهور، شراشف أمه أصبحت تعبر عن الحنين، وتنقله إلى الماضي حيث يسعى للاختباء من الحاضر في ذكرياته الجميلة.
- هَا هي الشَّام بعدَ فرقةِ دهرٍ
أنهرٌ سبعةٌ وحورٌ عين
آه يا شامُ كيفَ أشرحُ ما بِي
وأنا فيك دائماً مسكون
يا دمشقُ التي تفشى شذاها
تحتَ جلدي كأنَّه الزَّيزفونُ
قادمٌ من مدائنِ الريح وحـدي
فاحتضني كالطِّفل يا قاسيون
يركز نزار على حنينه للمدينة، مما يجعله يشعر بأن دمشق تعيش في دمه. ورغم أن الاغتراب يحيط به، إلا أنه يشعر بحضن دمشق، ليس فقط مكانًا بل كأم تحتضنه.
- أهي مجنونةٌ بشَوقي إلَيها
هذهِ الشَّام، أم أنَا المَجنون؟
إن تخلَّت كلّ المَقادير عني
فبعِيني حَبيبتي أستعين
يظهر الشاعر هنا شوقه العميق لدمشق، وهو يتساءل عن مدى تمسك المدينة بأبنائها، معبرًا عن الفكرة أن مدينة الياسمين لا تتركهم أبدًا، بل تحتضنهم حتى في أصعب الأوقات.
- جاءَ تشرينُ يا حبيبةَ عمري
أحسنُ وقتٍ للهَوى تشرين
ولَنا موعدٌ على جبلِ الشّيخ
كم الثلج دافئ وحنون
سنواتٌ سبعٌ من الحزنِ مرَّت
ماتَ فيها الصَّفصاف والزّيتون
يشير نزار إلى تشرين، شهر الانتصارات والحنين، متحدثًا عن الثلوج التي تعكس مشاعر الحب والذكريات.
- شام يا شامُ يا أميرةَ حبّي
كيفَ ينسَى غرامَه المَجنون؟
شمسُ غرناطةَ أطلَّت علينا
بعدَ يأسٍ وزغرَدت ميسلون
جاءَ تشرينُ.. إنَّ وجهك أحلى
بكثيرٍ ما سرّه تشـرين؟
يستمر نزار في استحضار جمال دمشق، مستعيرًا ذكريات غرناطة، وموضحًا أن تشرين هو فترة التعبير عن الحب والجمال.
- إنّ أرضَ الجَولان تشبهُ عينيك
فماءٌ يَجري ولوزٌ وتيـن
مزّقي يَا دمشق خارطةَ الذّل
وقُولي للدّهر كن فيكون
استرَدّت أيامها بك بدرٌ
واستعَادَت شبابَها حطينُ
يرتبط الجولان وما مرّ به من أحداث مع الأمل في التحرير، ويبشر الآن بعودة المجد للمدينة.
- كتبَ اللهُ أن تَكوني دمشق
بك يبدأ ويَنتَهي التّكوين
هزم الرُّوم بعدَ سبعٍ عجاف
وتَعافى وجداننُا المَطعون
اسحَبي الذَّيل يَا قنيطرة المَجد
وكحلَ جفنَيك يَا حرمون
يعود نزار إلى الفتوحات القديمة للمدينة، مستحضرًا أيام المجد التي يجب أن تستعيدها.
- علّمينا فقهَ العُروبة يا شام
فأنت البيانُ والتّبيين
وَطني يَا قصيدةَ النار والورد
تغنـت بما صَنَعت القُـرون
اركبي الشَّمس يا دمشق حصان
ولكِ اللهُ حافظٌ وأمينُ
يختتم نزار بقوة، موجهًا كلمات حب وتقدير لدمشق التي تُعد رمزًا للجمال والحضارة.
معاني مفردات قصيدة “أتراها تحبني ميسون”
تتضمن القصيدة مجموعة من المعاني التي تحتاج إلى توضيح:
المفردة | معنى المفردة |
الغوى | الضلال. |
الهوى | العشق والميل للآخر. |
عجاف | مريضة وهزيلة. |
الصور الفنية في قصيدة “أتراها تحبني ميسون”
تتضمن القصيدة العديد من الصور الفنية، منها:
- يا زمانًا في الصالحية سمح
تشبيه الزمان بالرجل الخلوق والذي يتسم بصفات نبيلة، مما يشكل استعارة مكنية.
- يا زواريب حارتي خبئيني
تشبيه الأزقة البشرية التي تحوي الحياة من خلال استعارة مكنية.
- أهي مجنونة بشوقي إليها
حيث يُصوّر دمشق كأنها امرأة تحب وتعبر عن مشاعر بشرية، وهذه استعارة مكنية.
- الثلج دافئ
يصف نزار الثلج بأنه دافئ نتيجة لمشاعر الحب والمعانقة، وهو تشبيه بليغ.
الأفكار الرئيسية في قصيدة “أتراها تحبني ميسون”
تحتوي القصيدة على العديد من الأفكار الرئيسية، منها:
- استفسار الشاعر عن مشاعر مدينته نحوه.
- استحضار ذكريات الأحياء القديمة.
- تجاوز الذكريات للأم والمنزل.
- التغزل بدمشق كتعبير عن عشق أبدي.
- الإشارة إلى الفتوحات الإسلامية.
- احتفاء بجمال شهر تشرين كرمز للانتصارات.
كلمات قصيدة “أتراها تحبني ميسون”
كتب الشاعر نزار قباني:
أتُراها تُحبني مَيسون؟
أم توهّمتُ والنّساء ظنونُ
يا ابنة العم والهَوى أمويٌ
كيف أُخفي الهَوى وكيف أُبينُ
هَل مَرايا دمشقُ تعرفُ وَجهي
من جديدٍ أَم غيَّرتني السّنين؟
يا زماناً في الصَّالحية سـمح
أينَ منّي الغَوى وأينَ الفُتون؟
يا سَريري ويَا شَراشفَ أُمي
يَا عصافير يَا شذا يا غصون
يا زَورايبَ حَارتي.. خبّئني
بين جفنيكِ فالزَّمان ضنين
واعذِريني إن بَدوت حزينًا
إنَّ وجهَ المُحبِّ وجه حزين
هَا هي الشَّام بعدَ فرقةِ دهرٍ
أنهرٌ سبعـةٌ وحورٌ عين
آه يا شامُ كيفَ أشرحُ ما بِي
وأنا فيك دائماً مسكون
يا دمشقُ التي تفشَّى شذاها
تحتَ جلدي كأنَّه الزَّيزفونُ
قادمٌ من مدائنِ الريح وحـدي
فاحتضني كالطِّفل يا قاسيون
أهي مجنونةٌ بشَوقي إلَيها
هذهِ الشَّام، أم أنَا المَجنون؟
إن تخلَّت كلّ المَقادير عني
فبعِيني حَبيبتي أستعين
جاءَ تشرينُ يا حبيبةَ عمري
أحسنُ وقتٍ للهَوى تشرين
ولَنا موعدٌ على جبلِ الشّيخ
كم الثلج دافئ وحنـون
سنواتٌ سبعٌ من الحزنِ مرَّت
ماتَ فيها الصَّفصاف والزّيتون
شام يا شامُ يا أميرةَ حبّي
كيفَ ينسَى غرامَه المَجنون؟
شمسُ غرناطةَ أطلَّت علينا
بعدَ يأسٍ وزغرَدت ميسلون
جاءَ تشرينُ.. إنَّ وجهك أحلى
بكثيرٍ ما سـرّه تشـرين؟
إنّ أرضَ الجَولان تشبهُ عينيك
فماءٌ يَجري ولـوزٌ وتيـن
مزّقي يَا دمشق خارطةَ الذّل
وقُولي للدّهر كن فيـكون
استرَدّت أيامها بك بدرٌ
واستعَادَت شبابَها حطينُ
كتبَ اللهُ أن تَكوني دمشق
بك يبدَا ويَنتَهي التّكويـن
هزم الرُّوم بعدَ سبعٍ عجاف
وتَعافى وجداننُا المَطعـون
اسحَبي الذَّيل يَا قنيطرة المَجد
وكحلَ جفنَيك يَا حرمون
علّمينا فقهَ العُروبة يا شام
فأنت البيانُ والتّبيين
وَطني يَا قصيدةَ النار والورد
تغنـت بما صَنَعت القُـرون
اركبي الشَّمس يا دمشق حصان
ولكِ اللهُ حافظٌ وأمينُ