قصيدة فنجان عشق
قصيدة للشاعر محمود بن سعود الحليبي:
سأسكبُ قلبيَ في فنجانٍ من عشقٍ
لتلكَ التي تُحِبُ صُبَابةَ روحيَ
مع الشِّعر والهيل والزعفرانْ!
سأسكبهُ للتي يرتمي
على شاطِئَيْ مقلتَيْها جنوني
فترسلُ رمشَها ملتقطاً في حنينٍ
ويحتويني جَفنُها بشيءٍ من حنانْ!
سأسكبهُ للتي تأخذُني
حُلْمًا رقيقًا يراودُ عينيَّ كغلامٍ ذكيٍّ
قد تعوّد منذ الطفولة أن يلتهمَ المدادَ الدفئ
على ورقٍ
من بياضِ الفؤادِ
تؤججهُ جمرةٌ في الجنَانْ!
سأسكبهُ للتي تستقبلُ دموعيَ ملحاً أجاجاً
عندما تضطربُ أحوالي وتغمرني السُّحب
ويفيضُ صدري حزناً
وتضيقُ الأزمنة
ويضجُّ المكانْ!
لتلكَ التي حين يصرخُ جُرحي
وينزفُ آلمني في داخل جميع الشَّجْوِ
تجري نحوي
تعانقُ شَجْوي
تهدهدُ راحتها خاطري
تغني لي حفيفَ الجُنَيْنَةِ للكرَوانْ
لتلكَ التي تستفيقُ ظنوني
على نغمةٍ في شذاها الأصيلِ
فأرحلُ فيها
وترحلُ فيَّ
على صهوةٍ من خيول اليقينِ
ودربٍ تنشرُ خضرتهُ بالأمان
لتلكَ التي ما زلتُ أبحثُ عنها
إلا على لُجَجِ الحُلُمِ المستبدِّ
تراءت لعينيَّ حوريةً
تعومُ وتطفُو
وتصحو وتغفو
وتتركني
بين ضفاف الأماني
وصحراءَ عمري
تُنَازعني في هَواها مُلَحٌ ثَكلى
يعربدُ فيها
أنينُ الربابةِ
بوحًا إليها
ونوحًا عليها
نشيجُ الكمَان!
قصيدة تبدي الغرام وأهل العشق تكتمه
من قصائد رفاعة الطهطاوي، وتتناول بعض أبياتها:
تُبْدِي الغرامَ وأهلُ العشق تكتمُه
ادعاءً يُثير الجدل لمن يسلمهُ
ما هكذا الحبُّ يا من لم تفهمه
خَلِّ الغرامَ لصبٍّ دمعُه دمُه
حيران توجدُه الذكرى وتعدمُه
دعْ قلبَه في مشاغلٍ من تقلبه
واحبب في اشتعالٍ من تلهبه
وصنِع جميلَ الأفعالِ في تجنبه
واقنع له بعلاقاتٍ علقنَ به
لو اطلعتَ عليه كنتَ تَرحمُه
فؤاده في الحمى مسعى جاذبيته
وفي نجوم السما مرعًى لأعينه
فيا عذولاً سعى في لوم عاذره
عذلتَه حين لم تنظر بعينيه
ولا علمتَ الذي في الحب يعلمه
ألا ترى نفسه مرعَى الهوى انتجعتْ
وساقها الحبُ فانساقتْ ولا رجعتْ
فاعذرْ أو اعذلْه ما وُرْقُ الحِمى سجعتْ
لو ذقتَ كأس الهوى العذريّ ما هجعتْ
عيناك في جُنح ليلٍ جُنَّ مظلمٍ
ولا صبوتَ لسلوانٍ ولا مللِ
ولا جنحتَ إلى لومٍ ولا عَذِلِ
ولا انثنيت لخطبٍ في الهوى جللِ
ولا ثنيت عنان الشوق عن طلل
بالٍ عفتْ بيد الأنواء أرسمه
فكيف ناقشته في أصل مذهبهَ
وما تحرَّيتَ تحقيقاً لمطلبهِ
فوالذي صانه عن وصمة الشبه
ما الحبُّ إلا لقومٍ يُعرفون به
قد مارسوا الحب حتى هان معظمه
قصيدة أحبك أحبك والبقية تأتي
إحدى قصائد الشاعر نزار قباني:
حديثُكِ سُجَّادةٌ فارسيةٌ..
وعيناكِ عُصفوتانِ دمشقيّتانِ..
تطيرانِ بين الجدار وبين الجدارْ..
وقلبي يسافرُ مثل الحمامة فوق مياه يديكِ،
ويأخُذُ قَيْلُولةً تحت ظلِّ السِّوارْ..
وإنِّي أُحبُّكِ..
لكنْ أخافْ التورُّطَ فيكِ،
أخافُ التوحُّدَ فيكِ،
أخافُ التقمُّصَ فيكِ،
فقد علَّمتْني التجاربُ أن أتجنَّب عشقَ النساءِ،
وموجَ البحارْ..
أنا لا أناقش حبَّكِ.. فهو نهاري
ولستُ أناقشُ شمسَ النهارْ
أنا لا أناقش حبَّكِ..
فهو يقرِّرُ في أيِّ يوم سيأتي.. وفي أيَّ يومٍ سيذهبُ..
وهو يحدّدُ وقتَ الحوارِ، وشكلَ الحوارْ..
دعيني أصبُّ لكِ الشايَ،
أنتِ خرافيَّةُ الحسن هذا الصباحَ،
وصوتُكِ نَقْشٌ جميلٌ على ثوب مراكشيَّهْ
وعِقْدُكِ يلعبُ كالطفل تحت المرايا..
ويرتشفُ الماءَ من شفّة المزهريَّهْ
دعيني أصبُّ لكِ الشايَ، هل قلتُ إنِّي أُحبُّكِ؟
هل قلتُ إنِّي سعيدٌ لأنكِ جئتِ..
وأنَّ حضورَكِ يسعدُ مثلَ حضور القصيدةْ
ومثلَ حضور المراكبِ، والذكرياتِ البعيدَهْ..
دعيني أُترجمُ بعضَ كلام المقاعدِ وهي تُرحِّبُ فيكِ..
دعيني، أعبِّرُ عمّا يدورُ ببال الفناجينِ،
وهي تفكرُ في شفتيكِ..
وبالِ الملاعقِ، والسُكَّريَّهْ..
دعيني أُضيفُكِ حرفاً جديداً..
على أحرُفِ الأبجديَّهْ..
دعيني أُناقضُ نفسي قليلاً
وأجمعُ في الحبّ بين الحضارة والبربريَّهْ..
– أأعجبكِ الشايُ؟
– هل ترغبينَ ببعض الحليبِ؟
– وهل تكتفينَ –كما كنتِ دوماً- بقطعةِ سُكَّرْ؟
– وأمّا أنا فأفضّلُ وجهكِ من غير سُكَّرْ..
أُكرّرُ للمرَّة الألفِ أنّي أُحبُّكِ..
كيف تريدينني أن أفسِّرَ ما لا يُفَسَّرْ؟
وكيف تريدينني أن أقيسَ مساحةَ حزني؟
وحزنيَ كالطفل.. يزدادُ في كلِّ يوم جمالاً ويكبرْ..
دعيني أقولُ بكلِّ اللغات التي تعرفينَ والتي لا تعرفينَ..
أُحبُّكِ أنتِ..
دعيني أفتّشُ عن مفرداتٍ..
تكون بحجم حنيني إليكِ..
وعن كلماتٍ.. تغطّي مساحةَ نهديكِ..
بالماء، والعُشْب، والياسمينْ
دعيني أفكّرُ عنكِ..
وأشتاقُ عنكِ..
وأبكي، وأضحكُ عنكِ..
وأُلغي المسافةَ بين الخيال وبين اليقينْ..
دعيني أنادي عليكِ، بكلِّ حروف النداء..
لعلّي إذا ما تَغَرْغَرْتُ باسْمِكِ، من شفتي تُولدينْ
دعيني أؤسّسُ دولةَ عشقٍ..
تكونينَ أنتِ المليكةَ فيها..
وأصبحُ فيها أنا أعظمَ العاشقينْ..
دعيني أقودُ انقلاباً..
يوطّدُ سلطتكِ بين الشعوبِ،
دعيني.. أغيّرُ بالحبِّ وجهَ الحضارةِ..
أنتِ الحضارةُ.. أنتِ التراث الذي يتشكّلُ في باطن الأرض
منذ ألوف السنينْ..
أُحبُّكِ..
كيفَ تريديني أن أبرهنَ أنّ حضوركِ في الكون،
مثل حضور المياهِ،
ومثل حضور الشَجَرْ
وأنّكِ زهرةُ دوَّار شمسٍ..
وبستانُ نَخْلٍ..
وأُغنيةٌ أبحرتْ من وَتَرْ..
دعيني أقولُك بالصمتِ..
حين تضيقُ العبارةُ عمّا أُعاني..
وحين يصيرُ الكلامُ مؤامرةً أتورّط فيها.
وتغدو القصيدةُ آنيةً من حَجَرْ..
دعيني..
أقولُكِ ما بين نفسي وبيني..
وما بينَ أهداب عيني، وعيني..
دعيني..
أقولكِ بالرمزِ، إن كنتِ لا تثقينَ بضوء القمرْ..
دعيني أقولُكِ بالبَرْقِ،
أو برَذَاذ المَطَرْ..
دعيني أُقدّمُ للبحر عنوانَ عينيكِ..
إن تقبلي دعوتي للسَفَرْ..
لماذا أُحبُّكِ؟
إنَّ السفينةَ في البحر، لا تتذكَّرُ كيف أحاط بها الماءُ..
لا تتذكَرُ كيف اعتراها الدُوارْ..
لماذا أُحبّكِ؟
إنَّ الرصاصةَ في اللحم لا تتساءلُ من أينَ جاءتْ..
وليست تُقدِّمُ أيَّ اعتذارْ..
لماذا أُحبُّكِ.. لا تسأليني..
فليسَ لديَّ الخيارُ.. وليس لديكِ الخيارْ..
قصيدة أول العشق
قصيدة للشاعر أدونيس:
قرأ العاشقون الجراحَ / كتبنا الجراحْ
زمناً آخراً، ورسمنا
وقتنا:
وجْهيَ المساءُ، وأهدابكِ الصّباحْ
وخُطانا دمٌ وحنينٌ
مثلهم/
كلما استيقظوا ، قطفونا
ورمونا
وَرْدَةٌ للرّياحْ.