حكم القصر والجمع أثناء السفر
يتفاوت حكم القصر عن حكم الجمع في أثناء السفر. يُعَدّ قصر الصلاة من السنن المؤكدة خلال السفر، وذلك تأسيساً على ما وثقت السنة النبوية من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي كان يقصر الصلاة في جميع أسفاره. لذا، ينبغي على المسلم الالتزام بقصر الصلاة في السفر، إلا إذا صلى خلف إمام يكمل صلاته، حيث إن صلاة الجماعة تُعتبر واجبة سواء للمسافر أو المقيم. في المقابل، يُعتبر جمع الصلاة جائزاً أثناء السفر وليس بالضرورة سنّة مؤكدة، ويفضل أن يؤدي المسلم كل صلاة في وقتها دون الجمع، إلا في حالات وجود مشقة يصعب تحملها عند ترك الجمع، مما يجعل الجمع مستحباً له في هذا السياق. قد يقوم المسافر أحيانًا بجمع الصلاة، وقد يختار في أوقات أخرى عدم الجمع.
مشروعية قصر الصلاة للمسافرين
يُشرَع للمسافر قصر الصلاة الرباعية، بحيث يؤدي صلاة الظهر والعصر والعشاء بركعتين بدلاً من أربع. أما الصلاة الثنائية مثل الفجر، والثلاثية مثل المغرب، فلا تُقصر وتُصلّى كما هي. يشترط لقصر الصلاة أن يغادر المسافر وطنه ويخرج من العمران، وأن تكون نيته الإقامة في البلد المسافر إليه أقل من أربعة أيام. إذا تجاوزت مدة الإقامة أربعة أيام، يتوجب عليه إتمام الصلاة دون قصرها. وإذا كان غير جازم لمدة الإقامة، يُسمح له بالقصر حتى وإن زادت إقامته عن أربعة أيام باعتباره مسافراً. كذلك، يُشترط للقصر أن يؤدي المسافر صلاته منفرداً أو مع جماعة من المسافرين، بينما إذا صلى مع إمام أو جماعة من المقيمين، يتعين عليه إتمام أربعة ركعات.
المسافة التي تُجيز القصر في الصلاة
تختلف آراء العلماء بشأن المسافة المقررة التي تبيح قصر الصلاة. فقد اتفق بعضهم على أن هذه المسافة هي ثلاثة وثمانين كيلومتراً، بينما رأى آخرون أن أي مسافة تعتبر سفرًا وفقاً لعرف الناس تتيح قصر الصلاة، حتى لو كانت أقل من ثلاثة وثمانين كيلومتراً. ويستند هذا الرأي إلى عدم تحديد الله تعالى لمسافة القصر في كتابه، حيث قال: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ)، حيث أن “الضرب في الأرض” يُشير إلى السفر وقد أتى في الآية بشكل مطلق دون تحديد مسافة معينة.