أسباب البطالة الهيكلية
التطور التكنولوجي
يعتبر التطور التكنولوجي من أبرز العوامل التي تسهم في ارتفاع معدلات البطالة. فقد أدى إلى الاستغناء عن عدد كبير من الوظائف، أو تقليل عدد العاملين في مجالات متعددة. يعود السبب في تفضيل استخدام التكنولوجيا وتطبيق الحلول الرقمية الحديثة إلى ما تحققه من إنتاجية أعلى وتكاليف أقل. أحد الأمثلة البارزة على ذلك هو استبدال العمال بالروبوتات لأداء مهام كانت تُنفذ سابقاً من قِبل البشر، مما يزيد من صعوبة إيجاد فرص عمل مناسبة للعمال بمختلف مهاراتهم وخبراتهم. وفي ضوء ذلك، يواجه العمال الذين يفتقرون إلى المهارات المطلوبة تحديات أكبر في العثور على وظائف مستدامة.
العولمة واتفاقيات التجارة
أثرت العولمة بشكل كبير على الشركات، حيث أصبحت بإمكانها الاستعانة بمصادر خارجية من دول تتمتع بتكاليف أقل للموارد البشرية، وخاصة في مجالات الصناعة التي تتطلب عدداً كبيراً من العاملين. على سبيل المثال، العديد من المصانع الكبرى في الولايات المتحدة الأمريكية قامت بنقل عملياتها إلى دول تُعد تكاليف المعيشة والأجور فيها منخفضة، مما أدى إلى تقليص الوظائف المتاحة في السوق الأمريكية وبالتالي زيادة معدلات البطالة.
بالنسبة لاتفاقيات التجارة، ساهمت العولمة في زيادة عدد هذه الاتفاقيات، وأحد أبرز الأمثلة هو اتفاقية التجارة الحرة في الولايات المتحدة، التي قللت من القيود المفروضة على التجارة. وقد سهل هذا الأمر على العديد من المصانع نقل أنشطتها إلى المكسيك، مما جعل العمال الذين كانوا يعملون في تلك المصانع في الولايات المتحدة عرضة للبطالة، ولم يتمكنوا من العثور على وظائف تتناسب مع مهاراتهم، مما أدى إلى تفاقم مشكلة البطالة الهيكلية.
الجمود الجغرافي
يُعتبر الجمود الجغرافي أحد العوامل التي تساهم بشكل ملحوظ في تفشي البطالة الهيكلية. يُشير الجمود الجغرافي إلى عدم قدرة أو رغبة الأفراد في الانتقال أو الهجرة إلى بلاد أخرى حيث يمكنهم العثور على فرص عمل تناسب مهاراتهم. قد يعود ذلك إلى أسباب مثل تكاليف السكن، الروابط الأسرية، نقص المدخرات المالية، أو صعوبة التخلي عن جذورهم وبلدانهم من أجل البحث عن عمل. وعندما يصبح هذا الوضع شائعًا، فإنه يُعزز من زيادة معدلات البطالة الهيكلية.
البطالة الهيكلية
تُعرف البطالة الهيكلية بأنها نوع من البطالة طويلة الأمد، الناتجة عن وجود فجوة بين المهارات والخبرات المتوفرة لدى الأفراد العاطلين عن العمل، والفرص الوظيفية المتاحة في السوق. إذ قد تتواجد فرص عمل، لكن الأفراد لا يستطيعون الوصول إليها بسبب موقعهم الجغرافي أو نقص المهارات اللازمة. تحدث البطالة الهيكلية نتيجة للتغيرات الاقتصادية والتحولات السريعة، وقد تزداد حتى خلال الفترات التي تشهد فيها الاقتصادات نموًا. كما تتأثر بشكل أكبر بالعوامل السياسية، المنافسة، والتطور التكنولوجي، مما يؤثر بشكل خاص على العمال الأكبر سنًا مقارنة بالشباب.