النبي والصديق في الهجرة
استُهدِي الصديق -رضوان الله عليه- من قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- ليكون رفيقًا له في رحلة الهجرة، وهي رحلة تحوي أهمية كبيرة في تاريخ الأمة الإسلامية. حيث أظهر الصديق خلال هذه الرحلة صدق نواياه وحماسه في حماية النبي -صلى الله عليه وسلم-، مما يبرز أيضًا المنزلة الرفيعة لأبي بكر عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتجلى ذلك بوضوح عندما لجأ النبي والصديق إلى غار ثور في وقت كانت فيه قريش قد أعدت مئة من الإبل للقبض عليهما.
كان الصديق شديد القلق على النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث عبّر عن مخاوفه بقوله: “يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى قدميه لرآنا تحت قدميه”. فطمأنه النبي -عليه الصلاة والسلام- بقوله: “يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما”. وتعتبر هذه الحادثة مثالًا على خصال الصديق الحقيقية في دعم ومساندة رفيقه في أوقات الشدة، وتذكيره بقدرة الله سبحانه وتعالى.
مبايعة النبي عن عثمان
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحرص دائمًا على إشراك أصحابه في الأعمال الصالحة وتحفيزهم على مساعٍ نبيلة. يظهر ذلك جليًا في وقائع مبايعة المسلمين له تحت الشجرة، بعد أن تأخر سيدنا عثمان بن عفان -رضي الله عنه- في مفاوضاته مع قريش حول دخول النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة لأداء العمرة. وقد ظن المسلمون في تلك اللحظة أن قريش قد أقدمت على قتل عثمان.
قرر الصحابة مبايعة النبي -صلى الله عليه وسلم- على قتال قريش، وتمت هذه المبايعة بمصافحة النبي -صلى الله عليه وسلم- لهم تحت الشجرة التي سُمّيت لاحقًا بشجرة الرضوان. بعد انتهاء المبايعة، أوضح النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أن هذه المبايعة تتعلق أيضًا بسيدنا عثمان، حيث قال: “هذه يد عثمان”، مما يعني أنه سيحصل على أجر وثواب بيعة الرضوان رغم غيابه.
تتجسد في هذه القصة قدوة للمسلمين في أهمية إدماج الآخرين في الأعمال الصالحة، والتأكد من مصالح الغائبين عنهم في الأمور الخيرية، مما يعكس مدى ثقة النبي -صلى الله عليه وسلم- بأصحابه.
قصة النبي مع أخته الشيماء
تحتوي قصة النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أخته الشيماء على لمحات من طفولته، حيث كانت الشيماء تُدعى حذافة، وتمكنت من تعريف نفسها بأنها أخت النبي -صلى الله عليه وسلم- من الرضاعة. وعندما أراد -عليه الصلاة والسلام- التحقق من ذلك، سألتها: “إن كنتِ صادقة، فهل لديكِ أثر يُثبت ذلك؟”.
أوضحت الشيماء أثر عضة من أسنان النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما كان صغيرًا، مما أثبت لها صحّتَها. وهنا يُبين النبي -صلى الله عليه وسلم- صدقها وكمال الأخوة التي تجمع بينهما. قدم النبي لها رداءه، ولم يفرض عليها البقاء معه، بل خيّرها بين أن تبقى معه أو تعود إلى قبيلتها، فاختارت العودة إلى قومها. وتؤكد هذه القصة على أهمية العلاقات الأسرية، وقيم الأخوة حتى في حالتى الرضاعة.
افتقار النبي لجليبيب
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتمتع بصفة السؤال عن أصحابه وتفقد أحوالهم، كما يظهر في قصة الصحابي جليبيب -رضي الله عنه-. عندما استفسر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن جليبيب ووجده أعزبًا، قرر النبي مساعدته في الزواج وتحدث إلى والد امرأة لضمان زواج جليبيب.
بعد غزوة أحد واستشهاد عدد من الصحابة، سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أولئك الذين فقدوهم بينهم، رغم أن الصحابة لم يذكروا جليبيب، إلا أن النبي قال إنه يشعر بفقده، مما دفعه للبحث في القتلى ليجد جليبيب مدرجًا بالدماء بجانب سبعة قتلى آخرين. أكرم النبي -صلى الله عليه وسلم- جليبيب حتى بعد استشهاده قائلاً: “هذا مني وأنا منه”، ووضع رأسه على ساعده الشريف حتى يتم تجهيز قبره.
مزاح النبي مع زاهر
جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- بين جميع صفات الكمال في الدين والدنيا، ومع ذلك لم يمنعه ذلك من التخفف مع رفاقه. فقد كان يمازحهم بصدق، ومن ذلك قصة مزاحه مع زاهر -رضي الله عنه- الذي كان يملك قبحًا في وجهه، وكان من الأعراب.
- كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحتضن زاهرًا من الخلف ويسأله: “من يشتري هذا العبد؟” مما كان يثير ضحك زاهر لأنه كان يعتقد أنه لن يجد زبونًا له.
- كان يقول أيضًا: “زاهر باديتنا ونحن حاضروه”، حيث كان يبرز الفروق بين الأعراب وأهل المدينة.
- عبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المقياس الحقيقي لقيمة الشخص عن طريق قيمته عند الله وليس في نظر الناس.
اقتصاص سواد من النبي
خلال ترتيب الصفوف في غزوة بدر، قام النبي -صلى الله عليه وسلم- بتحريك سواد ليعود إلى الصف ولكن سوادًا طلب أن يُقدَّر له حقّه بعد أن تأذّى. وفي رد فعل جميل منه، كشف النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عذبه الشريف وقال له: “استقد”، بمعنى أفضًل له أن يأخذ حقه.
لكن سوادًا بدلاً من ذلك، قبل بطن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: “بل اعفُ عني لعلك تشفع لي يوم القيامة”. وقد أظهر النبي -صلى الله عليه وسلم- مروءة وكرمًا مع سواد بالرغم من طلبه الحقوق، وجعله أميرًا في خيبر، مما يُظهر أنه كان يُقدِّر مطالب أصحابه ويدعمهم.