الأسباب الرئيسية وراء خمول الغدة الدرقية
يعد خمول الغدة الدرقية، المعروف أيضاً بقصور الغدة الدرقية (بالإنجليزية: Hypothyroidism)، نتيجة لمجموعة من الأسباب الشائعة. هنا نستعرض بعض هذه الأسباب:
مرض هاشيموتو
يعتبر مرض هاشيموتو (بالإنجليزية: Hashimoto’s disease)، المعروف أيضاً باسم التهاب الغدة الدرقية لهاشيموتو (بالإنجليزية: Hashimoto’s thyroiditis)، من أكثر اضطرابات المناعة الذاتية شيوعاً، حيث يقوم جهاز المناعة بمهاجمة الغدة الدرقية، مما يؤدي إلى تلف أنسجة الغدة وانخفاض إنتاج الهرمونات. وتُظهر الدراسات أن النساء يكنّ أكثر عرضة للإصابة بمرض هاشيموتو، حيث تصل فرصتهن إلى ثماني مرات مقارنة بالرجال. ورغم أن العلماء لم يتوصلوا بعد إلى السبب الأساسي وراء الإصابة، تشير بعض الأبحاث إلى وجود علاقة بين المرض وتاريخ عائلي للإصابة، فضلاً عن ازدياد المخاطر لدى النساء بعد الولادة، حيث قد تتفاقم حالة التهاب الغدة الدرقية. كما تزداد مخاطر الإصابة بمرض هاشيموتو مع وجود اضطرابات مناعية ذات صلة، مثل:
- مرض البهاق (بالإنجليزية: Vitiligo).
- مرض أديسون (بالإنجليزية: Addison’s disease).
- داء السكري من النوع الأول (بالإنجليزية: Type 1 diabetes).
- متلازمة شوغرن (بالإنجليزية: Sjögren’s syndrome).
- التهاب الكبد المناعي الذاتي (بالإنجليزية: Autoimmune hepatitis).
- فقر الدم الخبيث (بالإنجليزية: Pernicious anemia).
- مرض الذئبة الحمراء (بالإنجليزية: Lupus).
- حساسية القمح (بالإنجليزية: Celiac disease).
- التهاب المفاصل الروماتويدي (بالإنجليزية: Rheumatoid arthritis).
من المهم الحصول على العلاج المناسب عند الإصابة بمرض هاشيموتو لضمان السيطرة على الحالة وتفادي المضاعفات الصحية المحتملة، مثل العقم (بالإنجليزية: Infertility)، ورفع مستويات الكوليسترول، وتشوه الجنين لدى النساء الحوامل اللواتي لا يتلقين العلاج، وكذلك خطر الإجهاض (بالإنجليزية: Miscarriage). في الحالات الشديدة، قد يُصاب الشخص بما يُعرف باسم الوذمة المخاطية (بالإنجليزية: Myxedema)، وهي حالة نادرة قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة تشمل النوبات، وفشل القلب، والغيبوبة، وحتى الوفاة.
الأدوية
يمكن أن يكون قصور الغدة الدرقية نتيجة لاستخدام بعض الأدوية، حيث قد يسبب خمول الغدة بشكل مؤقت أو مزمن. إليك بعض هذه الأدوية:
- دواء الليثيوم: يُستخدم لعلاج مجموعة متنوعة من المشكلات الصحية مثل اضطرابات الدم، الفصام، الاكتئاب، والاضطراب ثنائي القطب (بالإنجليزية: Bipolar disorder)، ولكن يمكن أن يؤدي إلى خمول الغدة الدرقية، خصوصاً إذا كان الشخص يعاني من اضطرابات في الغدة. يجب على الأشخاص الذين يتناولون هذا الدواء إجراء فحوصات دورية للتحقق من مستويات الهرمونات.
- اليود: يعتبر من العناصر الأساسية لإنتاج هرمونات الغدة الدرقية، وبالتالي فإن نقص اليود يؤدي إلى خمول الغدة. وفي الوقت نفسه، يمكن أن يؤدي الإفراط في تناول مكملات اليود إلى الإصابة بخمول الغدة.
- دواء أميودارون: يستخدم لعلاج اضطرابات نظم القلب، لكن يحتوي على كميات عالية من اليود، وقد يؤدي إلى التهاب الغدة وانخفاض مستويات هرموناتها لاحقاً.
- دواء إنترفيرون ألفا: يُستخدم في علاج أنواع معينة من السرطان والتهاب الكبد الفيروسي، إلا أنه قد يسبب التهاباً في الغدة الدرقية.
- أدوية أخرى: تشمل أدوية مثل بيكساروتين (بالإنجليزية: Bexarotene) وإيبيليموماب (بالإنجليزية: Ipilimumab) والانترلوكين-2 (بالإنجليزية: Interleukin-2), حيث قد تسهم أيضاً في إصابة الشخص بخمول الغدة الدرقية.
من الجدير بالذكر أن خمول الغدة الدرقية قد ينتج أيضاً عن الإفراط في استجابة الجسم لعلاج فرط نشاط الغدة الدرقية، كاستخدام اليود المشع أو الأدوية المضادة للغدة الدرقية، مما يؤدي إلى انخفاض كبير في إنتاج هرمونات الغدة.
الجراحة لاستئصال الغدة الدرقية
في بعض الأحيان يحتاج المصاب إلى عملية جراحية لاستئصال جزء أو كامل الغدة الدرقية، وغالباً ما يُجرى هذا الإجراء لإزالة حليمات الغدة أو عند تشخيص سرطان الغدة. وتشير الدراسات إلى أن نسبة الإصابة بخمول الغدة بعد إزالة جزء منها تكون بين 30-50%، وفي حال استئصال الغدة بالكامل يتعين على الشخص تناول هرمونات الغدة الدرقية المصنعة مدى الحياة.
لمعرفة المزيد عن استئصال الغدة الدرقية، يمكن الاطلاع على المقال التالي: (استئصال الغدة الدرقية).
التعرض للعلاج الإشعاعي
عندما يتم استخدام العلاج الإشعاعي لعلاج بعض أنواع السرطان في الرأس والرقبة، يتعرض المريض لخطر إصابة بنسبة تصل إلى 50% بخمول الغدة الدرقية، حيث تؤثر الأشعة على الخلايا السرطانية والسليمة المعنية.
الأسباب النادرة لخمول الغدة الدرقية
إلى جانب الأسباب الشائعة، هناك أسباب نادرة قد تؤدي إلى خمول الغدة الدرقية، إليك بعضها:
خمول الغدة الدرقية الخلقي
يتمثل خمول الغدة الدرقية الخلقي (بالإنجليزية: Congenital hypothyroidism) في حالات نادرة يحدث بسبب خلل في تكوين الغدة أثناء مراحل التطور الجنيني. بالرغم من أن الغدة قد تكتمل، إلا أنها قد لا تنتج الهرمونات المناسبة. غالباً ما يتم اكتشاف الإصابة عن طريق الفحوصات الروتينية عند الأطفال حديثي الولادة.
اضطرابات الغدة النخامية
يمكن أن تكون بعض حالات خمول الغدة الدرقية نتيجة لاضطرابات في الغدة النخامية، وتعهد هذه الحالة بـ”خمول الغدة الدرقية الثانوي” (بالإنجليزية: Secondary hypothyroidism). حيث تنظم الغدة النخامية إفراز الهرمونات للدراقة، وعندما تفشل الغدة في إنتاج الهرمون المحفز للغدة (TSH)، يحدث خمول في الغدة الدرقية. وقد يتسبب ذلك في إصابات نادرة مثل الأورام أو الالتهابات.
الحمل
تتعرض حوالي 3% من النساء خلال الحمل لخمول الغدة الدرقية، وعادةً مايكون سببه مرض هاشيموتو. فإن هرمونات الغدة الدرقية تلعب دوراً محورياً في نمو الجنين، لذا من الضروري المتابعة مع الطبيب. تشمل الأعراض التعب، الإرهاق، التشنجات، والإمساك. أما المضاعفات المحتملة فتتضمن:
- فقر الدم (بالإنجليزية: Anemia).
- الإجهاض.
- وفاة الجنين.
- انخفاض وزن الجنين.
- فشل القلب الاحتقاني (بالإنجليزية: Congestive heart failure).
- مقدمات الارتعاج (بالإنجليزية: Preeclampsia).
لمزيد من المعلومات حول خمول الغدة الدرقية أثناء الحمل، يُمكن الاطلاع على المقال: (نقص الغدة الدرقية للحامل).
بعض النساء قد يعانين كذلك من حالة تُعرف بالتهاب الغدة الدرقية بعد الولادة (بالإنجليزية: Postpartum Thyroiditis)، التي تؤدي إلى التهاب الغدة في السنة الأولى بعد الولادة، حيث يبدأ الأمر بنشاط الغدة ثم يتطور إلى خمول. غالباً ما تستعيد الغدة نشاطها الطبيعي، لكن في بعض الحالات قد يكون هناك خمول مزمن.
نقص اليود في الجسم
الماس ذكر سابقاً، يلعب اليود دوراً هاماً في إنتاج هرمونات الغدة الدرقية. إذا لم يحصل الجسم على كميات كافية من اليود، فقد تظهر أعراض مشابهة لخمول الغدة. تشمل الأسباب المحتملة لنقص اليود:
- عدم تناول الملح المعزز باليود.
- الحمل.
- العائش في مناطق ذات نسبة يود منخفضة.
- اتباع نظام غذائي فقير باليود.
أنواع خمول الغدة الدرقية
توجد ثلاث أنواع رئيسية من خمول الغدة الدرقية، وهي كالتالي:
- الخمول الأولي: حيث تختل قدرة الغدة على إنتاج الهرمونات الكافية.
- الخمول الثانوي: حيث تخفق الغدة النخامية في تحفيز الغدة الدرقية لإنتاج الهرمونات، وغالباً ما يرتبط بمشاكل في مستوى الإشارات الهرمونية.
- الخمول الثالثي: حيث يجري الخلل عبر الغدة النخامية.
علاج خمول الغدة الدرقية
يهدف علاج خمول الغدة الدرقية إلى استعادة مستويات الهرمونات إلى المدى الطبيعي والسيطرة على الأعراض. يتم ذلك عادةً باستخدام الليفوثيروكسين، وهو هرمون اصطناعي يُؤخذ يومياً، وقد يبدأ المريض في الشعور بتحسن سريع. تختلف فترة استخدام الدواء من شخص لآخر، حيث يحتاج البعض لفترة قصيرة بينما يستمر الآخرون على مدى الحياة. يقوم الطبيب بتعديل الجرعة استناداً إلى حالة المريض.
تحديد الجرعة المناسبة من الدواء
يؤخذ في الاعتبار عدة عوامل عند تحديد الجرعة المناسبة من الليفوثيروكسين، مثل العمر وحالة القلب والأوعية الدموية. يتطلب العلاج مراقبة دقيقة لمستويات الهرمون، على أن تكون مدة العلاج عادة ما بين أربعة إلى ستة أسابيع للحصول على التأثير المطلوب. يُحذر المرضى من التوقف عن تناول الدواء دون استشارة الطبيب، حيث يمكن أن تظهر الأعراض مجددًا.
الجرعة القصوى المسموح بها تتراوح بين 1-1.6 ميكروغرام لكل كيلوغرام يومياً، مع العلم أنه نادراً ما ترتفع الجرعات لـ 200-300 ميكروغرام.
امتصاص الليفوثيروكسين
قد تؤثر بعض الأدوية والأطعمة على قدرة الجسم على امتصاص الليفوثيروكسين، لذا ينبغي إبلاغ الطبيب بالأدوية المستخدمة. يُنصح بتناول الليفوثيروكسين على معدة فارغة والانتظار لمدة ساعة قبل الأكل أو تناول أدوية أخرى.
قصور الغدة الدرقية دون سريري
يتميز هذا النوع بارتفاع مستوى الهرمون المنبه للدرقية مع بقاء مستويات الثيروكسين في النطاق الطبيعي. يحتاج الأطباء إلى التعامل مع هذه الحالة بحذر، حيث إن رفع مستويات الهرمون بشكل طفيف قد يكون غير مجدٍ. لكن في بعض الحالات، قد يستدعي الأمر علاجها خاصةً مع زيادة مستوى الهرمون المنشط.
لمزيد من المعلومات حول علاج خمول الغدة الدرقية، يُمكن الاطلاع على المقال: (ما هو علاج خمول الغدة الدرقية).