أحكام التعويض عن الضرر
تعريف التعويض عن الضرر
التعويض عن الضرر هو مفهوم يرتبط بمواجهة الأذى الذي يمكن أن ينجم عن تصرفات الأفراد تجاه الآخرين. وفقاً للتعاليم الإسلامية، فإن التعويض يمثل البدل الذي يُعطى كتعويض عن الأضرار التي ألحقت بالآخرين. في اللغة، يُستخدم مصطلح التعويض للإشارة إلى العوض، فنقول “عوضته بتعويض” في حالة قيامنا بإعطائه بدلاً عما فقده نتيجة الأذى الذي تسببنا به.
في الاصطلاح، يشير التعويض إلى ما يُلزمه الشخص من تعويضٍ نتيجة إلحاق الضرر بالغير، حيث يُعتبر الضرر دليلاً على أي نقص أو أذى تسببت فيه أفعال الإنسان، سواء في النفس أو الممتلكات، وتُستخدم كلمة “ضرر” لوصف الأذى الذي قد يتعرض له الآخرون نتيجة أفعال معينة.
حكم التعويض عن الضرر في الإسلام
قدم الإسلام مجموعة من القوانين والضوابط التي تهدف إلى تنظيم الحياة في المجتمع الإسلامي وحماية حقوق الأفراد. فقد أقرّ الإسلام حق التعويض للأشخاص الذين يتعرضون للأذى، وحذر بشدة من تعمد إلحاق الضرر بالآخرين. ومن الآيات التي تدل على ذلك قوله تعالى: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ).
يمكن أن يظهر الضرر في عدة صور، مثل إتلاف الممتلكات، الأذى الشخصي، الإساءة الأدبية، أو تقصير في الأمانة. ويتم التعويض إما من خلال دفع مبلغ مالي متفق عليه بين الأطراف، أو عبر تقديم مصالح أخرى لمن تعرض للأذى كبديل عما تم فقده، وذلك بغية إنهاء النزاعات بين الأفراد. كما يمكن أن يتم إسقاط حق التعويض في حالتين: عندما يتنازل المتضرر عن المطالبة بالتعويض أو يتوقف عن طلب الحق.
تطبيقات أحكام التعويض عن الضرر في الإسلام
يجدر بالذكر أن التعويض لا يرتبط دائماً بوجود الإتلاف، بل هناك حالات يُعتبر فيها التعويض واجباً حتى في حال عدم وجود إتلاف مباشر. يُقسم الإتلاف إلى نوعين: الإتلاف المشروع وغير المشروع، إذ يستوجب الثاني تعويضًا متفقًا عليه بين العلماء في جميع الأحوال. على سبيل المثال، يُعد صيد الحيوانات أثناء الإحرام تداخلاً مع الحقوق، بينما يؤدي الإتلاف غير المشروع إلى آثار سلبية على المال أو الممتلكات المملوكة للآخرين.
عندما يكون الضرر ناتجاً عن فقدان عين معينة، يُعطى التعويض بناءً على جودتها؛ فإذا كانت تماثلية، يتحمل المتلف تبعات تقديم مثيلها، أما إذا كانت قيمية، فإن التعويض المرتبط بها سيكون وفقاً لقيمتها. ويشمل هذا أيضاً التعويض عن فقدان المنافع، حيث يُعتبر المستفيد ملزماً بدفع أجرة المثل لفترة حجز الممتلكات من قبل المتسبب في الأذى.
كما يُنظر إلى التعويض نتيجة التفريط أو التجاوز في العقود كجزء من تعويض الأضرار المحتملة، سواء أكان ناتجًا عن تلف المال، أو تقليص قيمته بفعل ضار، أو فقدان المكاسب والمنافع المتوقعة. كما تشمل الأبعاد الأدبية والمعنوية، مثل الاعتداء على حريات الأفراد، أو سمعتهم، أو مراكزهم الاجتماعية، حيث يُلزم التعويض في هذه الحالات أيضًا.