أسباب نزول سورة الحجرات
تعد سورة الحجرات من السور المدنية، وتحتوي على ثماني عشرة آية، وتأتي في ترتيب المصحف بعد سورة الفتح. جاءت هذه السورة لتوجيه المسلمين نحو تهذيب نفوسهم وتعزيز القيم الأخلاقية وأدب التعامل مع النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- ومع الآخرين. رغم عدم وجود سبب نزول شامل للسورة، إلا أن هناك أسباب نزول تتعلق بآيات معينة داخلها. وفيما يلي بعض من هذه الآيات وأسباب نزولها:
سبب نزول مطلع سورة الحجرات
تتعلق أول ثلاث آيات من سورة الحجرات بعدد من أسباب النزول، وهي كالتالي:
- نزلت الآيات بسبب خلاف أبي بكر وعمر.
ترجع أسباب هذا النزاع بينهما إلى حضور مجموعة من بني تميم عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث اقترح أبو بكر أن يعين القعقاع بن عبد، بينما اقترح عمر الأقرع بن حابس. اتهم أبو بكر عمر بأنه يسعى للاختلاف معه، فرد عمر بأنه لم يكن راغبًا في ذلك، فتشاجرا حتى ارتفعت أصواتهما.
وفي تفسير قوله -تعالى-: (لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)، يُفهم أن المعنى هو عدم اتخاذ القرارات قبل استشارة النبي-صلى الله عليه وسلم-. تعتبر هذه الآية نهيًا عن التصرف الذي قام به أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما-.
- نزلت الآيات في حق ثابت بن قيس.
كان ثابت بن قيس يعاني من وقر في أذنه ويمتاز بصوت جهوري، مما جعله يجهر بصوته عند حديثه مع النبي-صلى الله عليه وسلم-، مما كان يسبب إزعاجًا له. ونزلت الآية -تعالى-: (لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ)، وقد اعترف ثابت بن قيس أنه كان يرفع صوته، فقال: “أنا من أهل النار”، لكن النبي-صلى الله عليه وسلم- طمأنه بكونه أحد أهل الجنة.
سبب نزول (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ)
نزلت هذه الآية في الأعراب الذين جاءوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ووجدوه في بيته وفي حجرات نسائه، فلم يتحلوا بالصبر حتى خرج إليهم، فنادوا: “يا محمد، أخرج”. وقد ذمهم الله لعدم عقلهم، إذ لم يدركوا وجوب توقير النبي الكريم.
سبب نزول (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا…)
يُقال إن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة عندما بعثه النبي-صلى الله عليه وسلم- إلى بني المصطلق، وقد كان بينه وبينهم عداوة في الجاهلية. وعاد الوليد إلى النبي وأبلغه بأنهم ارتدوا. وبعد أن أرسل النبي خالد بن الوليد -رضي الله عنه- ليحقق خبرهم، تبين أنهم ما زالوا متمسكين بدين الإسلام، مما أدى إلى نزول الآية الكريمة.
سبب نزول (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا…)
تعددت الآراء حول سبب نزول هذه الآية، ومنها:
- أنها نزلت بشأن رجلين من الأنصار كان بينهما خصومة.
- أنها نزلت في قبيلتي الأوس والخزرج.
- أنها نزلت في قتال حصل بين مجموعة من الأنصار وجماعة تابعة لعبد الله بن أبيّ.
سبب نزول (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى ..)
تعددت الأقوال في سبب نزول هذه الآية، وفيما يلي بعض من هذه الأقوال:
- قيل إنها نزلت في أبي هند عندما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بني بياضة أن يزوجوه من امرأة منهم، واستنكروا ذلك كونه من مواليهم.
- أنها نزلت في بلال بن رباح عندما صعد ليؤذن، حيث استهزأ به أشراف مكة.
- أنها نزلت في رجل لم يتفسح له في المجلس وهو ثابت بن قيس بن شماس.
سبب نزول (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا …)
تعددت الآراء حول سبب نزول هذه الآية، وكما يلي:
- قيل إنها نزلت في الأعراب الذين تخلفوا عن الخروج يوم الحديبية، وهم من قبائل مزينة، وجهينة، وأسلم، وأشجع، وغفار، أو في أعراب بني أسد بن خزيمة.
- وقيل إنها نزلت في الأعراب؛ لأنهم أرادوا أن ينسبوا أنفسهم للهجرة.