قصيدة اللغة العربية
- يقول الشاعر عبد الرحيم أحمد الصغير (الماسخ):
طلعت .. فالمولد مجهول
لغةٌ – في الظلمة – قنديل
حملت تاريخًا، فما تعبت
فالحِمل جديدٌ وأصيل
تتعانق فيه بلا حدٍّ
وتذوب قلوبٌ وعقول
فتفِيض الأرض بمختلفٍ
متَّفقٍ أجذبه نيل
طلعت، أتُراها قد غربت
قبلاً؟ فالموكب موصول
أم نحن طلعنا من شجرٍ
ثمرًا أنضجه الترتيل؟
فكأن البدءَ – وقد عبرتْ
عينيه – حنين وطُلول
والروح يذيع بشارتها
تذكار قاسٍ وجميل
يوقفها .. والريح رخاءٌ
يُطلقها .. والغيم ثقيل
طلعت، وطلعنا أو غربت
وغربنا فالفرق ضئيل
نتفق ونختلف قليلاً
في أن الشامل مشمول
فيُقال: يئسنا وانحسرتْ
ويُقال: سمونا وتطول
ويُقال: عشقنا وابتهجتْ
ويُقال: غدرنا وتميل
ونظل كيانًا منفردًا
ركناه فروعٌ وأصول
ما جف شتاءً في دمنا
يخضر ربيعًا ويسيل.
قصيدة اللغة العربية
- يقول الشاعر حافظ إبراهيم:
رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي
وناديت قومي فاحتسبت حياتي
رموني بعقمٍ في الشباب وليتني
عقمت فلم أجزع لقول عداتي
وولدت فلما لم أجد لعرائسي
رجالاً وأكفاءً وأدت بناتي
ووسعت كتاب الله لفظًا وغايًة
وما ضقت عن آيٍ به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة
وتنسيق أسماءٍ لمخترعات
أنا البحر في أحشائه الدُر كامن
فهل سألوا الغواص عن صدفاتي؟
فيا ويحكم أبلي وتبلي محاسني
ومنكم، وإن عز الدواء، أساتي
أيطربكم من جانب الغرب ناعب
ينادي بوأدي في ربيع حياتي؟
أرى كل يوم في الجرائد مزلقًا
من القبر يدنيني بغير أناة
وأسمع للكتاب في مصر ضجةً
فأعلم أن الصائحين نعاتي
أيهجرني قومي عفا الله عنهم
إلى لغة لم تتصل برواة؟
سرت لوثة الإفرنج فيها كما سرى
لُعاب الأفاعي في مسيل فرات
فجاءت كثوبٍ ضم سبعين رقعة
مُشكلة الألوان مختلفات
إلى معشر الكتّاب والجمع حافل
بسطت رجائي بعد بسط شكاتي
فإما حياة تبعث الميت في البلى
وتُبني في تلك الرموس رفاتي
وإما ممات لا قيامة بعده
ممات لعمري لم يُقَسْ بممات
قصيدة يا أميراً أهدى إلى لغة الضاد
- يقول الشاعر خليل مطران:
يا أميراً أهدى إلى لغة الضاد
كنوزًا من علمه وبيانه
ذلك المعجم الزراعي قد كان
رجاءً حققته في أوانه
عملٌ لا يُكَاد يقضيه إلا
مجمع بالكثير من أعوانه
دمت ذخراً له مآثره في
نفع هذا الحمى وفي رفع شأنه
قصيدة اللغة العربية
- يقول الشاعر حمد بن خليفة أبو شهاب:
لغة القرآن يا شمس الهدى
صانك الرحمن من كيد العدى
هل على وجه الثرى من لغة
أحدثت في مسمع الدهر صدى
مثلما أحدثته في عالم
عنك لا يعلم شيئًا أبداً
فتعاطاك فأمسى عالما
بك أفتى وتغنى وحدا
وعلى ركنك أرسى علمه
خبر التوكيد بعد المبتدا
أنت علمت الألى أن النهى
هي عقل المرء لا ما أفسدا
ووضعت الاسم والفعل ولم
تتركي الحرف طليقًا سيدا
أنت من قومت منهم ألسنا
تجهل المتن وتؤذي السندا
بك نحن الأمة المثلى التي
توجز القول وتزجي الجيدا
بين طياتك أغلى جوهر
غرد الشادي بها وانتضدا
في بيان واضح غار الضحى
منه فاستعدى عليك الفرقدا
نحن علمنا بك الناس الهدى
وبك اخترنا البيان المفردا
وزرعنا بك مجداً خالداً
يتحدى الشامخات الخلدا
فوق أجواز الفضا أصداؤه
وبك التاريخ غنى وشدا
ما اصطفاك الله فينا عبثًا
لا ولا اختارك للدين سدى
أنت من عدنان نورٌ وهدى
أنت من قحطان بذل وفدا
لغة قد أنزل الله بها
بينات من لدنه وهدى
والقريض العذب لولاها لما
نغم المدلج بالليل الحدا
حمحمات الخيل من أصواتها
وصليل المشرفيات الصدى
كنت أخشى من شبا أعدائها
وعليها اليوم لا أخشى العدا
إنما أخشى شبا جُهالها
من رعى الغي وخلى الرشدا
يا ولاة الأمر هل من سامع
حينما أدعو إلى هذا الندا
هذه الفصحى التي نشدو بها
ونُحيي من بشجواها شدا
هو روح العرب من يحفظها
حفظ الروح بها والجسدا
إن أردتم لغة خالصة
تبعث الأمس كريماً والغدا
فلها اختاروا لها أربابها
من إذا حدث عنها غرّدا
وأتى بالقول من معدنه
ناصعًا كالدُر حلى العسجدا
يا وعاء الدين والدنيا معًا
حسبك القرآن حفظاً وأدا
بلسان عربي، نبعه
ما الفرات العذب أو ما بردى
كلما قادك شيطان الهوى
للرّدى نجاك سلطان الهدى
قصيدة لا تقل عن لغتي أم اللغاتِ
- يقول الشاعر وديع عقل:
لا تقل عن لغتي أم اللغاتِ
إنها تبرأ من تلك البنات
لغتي أكرمُ أمٍّ لم تلد
لذويها العرب غير المكرمات
ما رأت للضاد عيني أثرًا
في لغات الغرب ذات الثغثغات
إن ربي خلق الضاد وقد
خصها بالحسنات الخالدات
وعدا عادٍ من الغرب على
أرضنا بالغزوات الموبقات
ملك البيت وأمسى ربَّه
وطوى الرزق وأودى بالحياة
هاجم الضاد فكانت معقلاً
ثابتًا في وجهه كل الثبات
معقلٌ ردَّ دواهيهِ فما
باءَ إلا بالأماني الخائبات
أيها العرب حمى معقلكم
ربكم من شر تلك النائبات
إن يوماً تجرح الضاد به
هو والله لكم يوم الممات
أيها العرب إن ضاقت بكم
مدن الشرق لهول العاديات
فاحذروا أن تخسروا الضاد ولو
دحرجواكم معها في الفلوات
قصيدة لغة الضاد
- يقول الشاعر صباح الحكيم:
أنا لا أكتبُ حتى أشتهر
لا ولا أكتبُ كي أرقى القمر
أنا لا أكتب إلا لغة
في فؤادي سكنت منذ الصغر
لغة الضاد وما أجملها
سأغنيها إلى أن أندثر
سوف أسري في رباها عاشقًا
أنحتُ الصخر وحرفي يزدهر
لا أُبالي بالذي يجرحني
بل أرى في خدشه فكرًا نضر
أتحدى كل مَنْ يمنعني
إنه صاحب ذوق معتكر
أنا جنديٌ وسيفي قلمي
وحروف الضاد فيها تستقر
سيخوض الحرب حبرًا قلمي
لا يهاب الموت لا يخشى الخطر
قلبي المفتون فيكم أمتي
ثملٌ في ودكم حد الخدر
في ارتقاء العلم لا أستحي
أستجد الفكر من كل البشر
أنا كالطير أغني ألمي
وقصيدي عازفٌ لحن الوتر