آيات الصوم في سورة البقرة
تتناول سورة البقرة مجموعة من الآيات المتعلقة بمفهوم الصيام، وهي كما يلي:
- قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
لقد فرض الله الصيام على أتباع الدين الإسلامي كما فرضه على الأمم السابقة، إذ أن في الصوم فوائد عظيمة تعود على المسلم، منها الابتعاد عن الذنوب والخطايا، فالتقليل من تناول الطعام يساهم في تقليل الشهوة، مما يؤدي إلى تقليل الإقدام على المعاصي.
- قال الله -تعالى-: (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ).
لقد تم تحديد وقت خاص لصيام المسلمين، وهو شهر رمضان. وقد أذن الله للمريض الذي لا يستطيع الصيام، أو الذي يمكنه الصيام لكن قد يسبب ضرراً له، وللمسافر أيضاً بأن يفطر في أيام عذرهم، على أن يقضوا تلك الأيام في وقت لاحق من السنة. ومن يجد صعوبة في الصيام خلال شهر رمضان ولا يستطيع القضاء بعده، فإن له أن يفطر على أن يقدم فدية للمحتاجين، مع التأكيد على أن الصيام أفضل له من الإفطار ودفع الفدية.
- قال الله -تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
تشير هذه الآية الكريمة إلى بدء نزول القرآن الكريم في شهر رمضان، إذ أنه جاء هادياً للبشرية، موضحاً الطريق الصحيح من الضلال. كما تبين الآية تيسير الله على عباده من خلال تشريع الإفطار للمسافر والمريض، وتوجيه المسلمين ليتذكروا نعمة القرآن خلال أيام شهر رمضان عبر التكبير والذكر.
- قال الله -تعالى-: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ).
لقد أباح الله -تعالى- للمسلمين إتيان زوجاتهم في ليالي الصيام قبل طلوع الفجر بعد أن كان ذلك محظوراً. وفي هذه الآية توبة من الله للمسلمين الذين كانوا يقومون بذلك قبل أن يصبح حلالاً، حيث تم تعريف حدود الصيام ووقته، والذي يمتد من الفجر حتى غروب الشمس.
أسباب نزول آيات الصوم في سورة البقرة
نزلت الآيات المتعلقة بالصيام لأسباب معينة وقد ذكرها المفسرون في كتبهم، وهي كما يلي:
- قال الله -تعالى-: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ).
وكان سبب نزولها هو زيارة أحد الصحابة للرسول -صلى الله عليه وسلم- في زمن الحديبية، حيث كان رأسه مليئاً بالقمل، فأمره النبي بحلق شعره، ودفع الفدية التي تمثل صيام ثلاثة أيام أو ذبح شاة أو الصدقة لستة فقراء.
- قال الله -تعالى-: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ).
كان محظوراً على المسلمين مجامعة زوجاتهم إذا قاموا بالنوم بعد الإفطار، لكن إذا لم يناموا فذلك لا بأس فيه. وقد أراد عمر بن الخطاب أن يجامع زوجته بعدما نامت، ولما ذكر ذلك للرسول، نزلت الآية الكريمة التي تحلل الأكل والشرب والجماع حتى الفجر، حتى لو تخلل ذلك النوم والاستيقاظ، مما أسعد المسلمين كثيرًا.
أحكام الصوم من آيات سورة البقرة
تنص أحكام الصوم الواردة في آيات سورة البقرة على مجموعة من القواعد، وهي كما يلي:
- جواز الأكل والشرب والجماع بعد الإفطار حتى مطلع الفجر، قال الله -تعالى-: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ).
- حرمة مباشرة الزوجات لمن ينوي الاعتكاف في المساجد خلال شهر رمضان، سواءً في الليل أو النهار، حيث يبطل الاعتكاف ذلك، قال الله -تعالى-: (وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ).
- جواز الإفطار للمريض والمسافر إذا كان الصيام يشق عليهما، مع ضرورة قضاء ما أفطرا من الأيام، قال الله -تعالى-: (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ).