أسباب ظهور الشعر الحر
تعددت الأسباب التي أدت إلى بزوغ الشعر الحر أو شعر التفعيلة، وسنسلط الضوء في هذا المقال على هذه العوامل المختلفة.
أسباب اجتماعية
إن التأثيرات الاجتماعية تلعب دورًا بالغ الأهمية في تطور الشعر. فقد شهد العالم قبل ظهور الشعر الحر تغييرات جوهرية في مختلف جوانب الحياة، مثل التغيرات في التكوين الحضاري والبيئة الاجتماعية والعلاقات الإنسانية. وقد أحدثت هذه التحولات تغيرات ملحوظة في الشعر، حيث استجاب الشعر الحر لكل هذه المتغيرات الاجتماعية، ليظهر في طابع جديد يعكس تلك التغيرات.
أسباب نفسية
تشير هذه الأسباب إلى الآثار النفسية التي أحدثتها الحركات التحررية كرد فعل على الظلم والقمع الذي عانته الشعوب العربية تحت وطأة الاستعمار. وقد أصبح الشعر وسيلة تعبير ملائمة لاحتواء المشاعر والأفكار التي تملأ عقول وقلوب الناس، مما أدى إلى ظهور الشعر الحر كاستجابة طبيعية لشعور عام يسعى المجتمع والشعراء للتعبير عنه.
أسباب أدبية
تتفاعل الحركات الأدبية مع بعضها البعض، حيث يؤثر ما يحدث في الغرب على الشرق والعكس صحيح. وقد ترك الشعر الغربي والمذاهب الأدبية بصماتها على الشعر العربي، فالشعر، باعتباره تعبيرًا عن الحياة، جاء ليظهر في شكل حر خالٍ من القيود، مما يعكس رغبة في التجديد والابتكار.
أسباب ذكرتها نازك الملائكة
إلى جانب ما تم ذكره، توجد مجموعة من الأسباب التي وضعتها نازك الملائكة في كتابها “قضايا الشعر المعاصر”، حيث تلخصت في النقاط التالية:
- العودة إلى الواقع: إن أوزان الشعر الحر تسمح للشاعر بالتعبير عن واقعه ومعاناته، مما يعكس قيم العمل والاجتهاد بشكل أكثر فعالية من الأساليب التقليدية. لذا، ابتعد الشعراء عن الأجواء الرومانسية الحالمة إلى الواقع المعاش، خصوصًا وأن الاتجاه الرومانسي قد ساد قبل ظهور الشعر الحر.
- التخلص من الرتابة: لقد استمر نموذج الشطرين في القصيدة العربية لفترة طويلة، وآن الأوان لتجديد هذا الشكل والدخول إلى أفق جديد يتناسب مع التطورات. فقد كانت القصيدة الكلاسيكية تلتزم بتسلسل معين، بينما الشعر الحر لا يقيد الشاعر بهذا النمط.
- التركيز على المضمون: بعد فترة من الانشغال بالشكل الخارجي للقصيدة العربية، جاء الشعر الحر كدعوة للتحرر من قواعد تقيد عدد التفعيلات والقافية، مما سمح بالتوجه نحو التركيز على المغزى والمحتوى.