كتب البلاغة العربية
تاريخ التأليف في البلاغة العربية يعود إلى العصور الإسلامية الأولى، حيث لم تكن البلاغة موضوعًا مستقلًا حينئذٍ، بل كانت متداخلة في مؤلفات اللغة والأدب والنقد. وفيما يلي استعراض لأبرز كتب البلاغة العربية القديمة وفقًا لتطورها التاريخي من القرن الثاني إلى القرن السابع الهجري، منظمة بحسب الفئات التالية:
كتب لغوية وأدبية تحتوي على موضوع البلاغة
تضمنَت كتب اللغة والأدب في العصور القديمة مجموعة من الأبواب والمباحث التي تتعلق بالبلاغة، وكانت هذه الإشارات تُستخدم أحيانًا كنقد للنصوص. ومن أبرز هذه الكتب:
- كتاب سيبويه (ت 180هـ)
يعتبر هذا الكتاب من أهم كتب اللغة، حيث يتضمن إشارات بلاغية في بعض فصوله مثل فصل: “الاستقامة في الكلام والإحالة”.
- كتاب البيان والتبيين للجاحظ (ت 255هـ)
هذا الكتاب يُعتبر موسوعة أدبية شاملة تناولت الفصاحة والبلاغة والبيان بشكل مفصل، مستعرضًا العديد من فنون البلاغة.
- كتاب الكامل في اللغة والأدب للمبرد (ت 285هـ)
يحتوي هذا الكتاب على آراء عامة تتعلق بالبلاغة، حيث تناول المبرد فيه عيوب الكلام، والمساواة، والإطناب، والتشبيه والكناية، بالإضافة إلى مواضيع بلاغية أخرى.
كتب نقدية تناولت موضوع البلاغة
شهد القرن الثالث تقسيم النقاد إلى فئتين؛ الأولى تؤمن بأن البلاغة تكمن في عراقة الشعر القديم، بينما ترى الثانية أنها مرتبطة بمعاني عميقة تشابه تلك الموجودة في مجالات الفلسفة والمنطق. وقد جاءت عدة مؤلفات نقدية تضمنت مواضيع بلاغية، ومن أبرزها:
- كتاب البديع لابن المعتز (ت 296هـ)
يعد هذا الكتاب الأول الذي جمع فنون البلاغة بصورة مستقلة، وقد تضمن دفاعًا عن التقليد العربي في الشعر وانتقد التجديد فيه.
توالت بعد ذلك مؤلفات بحثت في مقاييس نقد الشعر، متضمنةً موضوعات بلاغية تتعلق بالصور الفنية، وطرق الأداء، وقوة التعبير، وتنوع الأساليب، ومنه:
- عيار الشعر لابن طباطبا (ت 322هـ).
- كتاب نقد الشعر لقدامة بن جعفر (ت 337هـ).
- كتاب الموازنة بين الطائيين للآمدي (ت 371هـ).
- كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه للقاضي الجرجاني (ت 392هـ).
- كتاب الصناعتين للعسكري (ت 395هـ).
- كتاب العمدة في الشعر ونقده لابن رشيق القيرواني (ت 463هـ).
- كتاب سر الفصاحة لابن سنان الخفاجي (ت 466هـ).
كتب مستقلة في البلاغة
بلغت البلاغة ذروتها في القرن الخامس الهجري، حيث ارتبطت بقضية إعجاز القرآن الكريم. وقد تم تأليف العديد من الكتب التي سعت لاستكشاف جوهر البلاغة وقياساتها، ومن أبرزها:
- كتاب دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني (ت 471هـ).
في هذا الكتاب، أبرز الجرجاني أهمية علم البيان مقارنة ببقية علوم البلاغة، وكشف عن نظرية جديدة غيّرت مسار البحث البلاغي، وهي نظرية النظم.
- كتاب أسرار البلاغة لعبد القاهر الجرجاني (ت 471هـ)
هذا الكتاب يُعتبر مرجعًا في علم البلاغة، حيث عالج فيه الجرجاني موضوعات بلاغية هامة مثل الاستعارة والتشبيه والعلاقة بين اللفظ والمعنى، مشيرًا كثيرًا إلى القرآن الكريم والأحاديث النبوية وكلام العرب.
- مفتاح العلوم للسكاكي (ت 626هـ)
يعتبر هذا الكتاب النموذج الذي اتبعه العلماء في تصنيف علوم البلاغة، مقسمًا إلى ثلاثة أفرع: المعاني، والبديع، والبيان، ساعيًا إلى تقنين البلاغة من خلال تعريفاتها وقوانينها، مما منح الكتاب طابعًا علميًا متميزًا.
- كتاب منهج البُلَغاء وسراج الأدباء للقرطاجني (ت 684هـ)
في هذا الكتاب، سعى القرطاجني إلى تطوير نظرية النظم التي وضعها الجرجاني، موسعًا مفهوم البلاغة ليضم دراسة التراكيب وغيرها من العناصر البلاغية.
في الختام، تحتوي مكتبة البلاغة العربية على عدد هائل من الكتب. وقد ركزنا في هذا المقال على الأبرز منها، مما لا يقلل من أهمية الكتب الأخرى، فقد أظهرت وفرة الشروحات والملخصات لهذه الكتب مكانتها ومساهمتها العلمية الكبيرة.