فقدان الشهية
فقدان الشهية، المعروف أيضًا بفقدان الشهية العصابي (Anorexia nervosa)، هو اضطراب غذائي خطير يشيع بشكل أكبر بين الإناث. يعاني الأفراد المصابون بهذا الاضطراب من فقدان ملحوظ في الوزن، والذي يُشخص إذا كان وزن الشخص أقل بنسبة 15% من الوزن المثالي. من المهم ملاحظة أن فقدان الشهية يمكن أن يكون مفهومًا معقدًا؛ حيث يشعر المصابون بالجوع الشديد، لكنهم يرفضون تناول الطعام، ويعيشون في حالة من الخوف المستمر من زيادة الوزن أو السمنة، رغم كونهم يعانون من هزال شديد.
أسباب فقدان الشهية عند البالغين
لا يوجد سبب محدد وراء فقدان الشهية، ولكن هناك مجموعة من العوامل التي قد تسهم في حدوثه. يُعتبر هذا الاضطراب أكثر شيوعاً بين المراهقين، ولكنه يمكن أن يحدث في أي عمر، وندر حدوثه بعد سن الأربعين. وفيما يلي العوامل الرئيسية التي تلعب دورًا في فقدان الشهية:
- العوامل البيولوجية: بالرغم من عدم معرفة الجينات المحددة المسؤولة عن فقدان الشهية، يُعتقد أن 50-80% من خطر الإصابة يعود لأسباب وراثية. وقد أشارت الأبحاث إلى وجود اختلال في بعض المواد الكيميائية في الدماغ، التي تتحكم في الشهية والجوع وعملية الهضم. بالإضافة إلى ذلك، يميل بعض الأفراد إلى الكمالية والمثابرة، وهي سمات مرتبطة بفقدان الشهية.
- العوامل النفسية: قد يتمتع المصابون بفقدان الشهية بشخصية تميل إلى السلوكيات القهرية والاستحواذية، ما يدفعهم لتبني عادات غذائية معينة على الرغم من الشعور بالجوع. كما أن عدم الاقتناع بنحافة الجسم الناتج عن هوس الكمال والقلق يساهم في تفاقم الحالة.
- العوامل البيئية: تشمل هذه العوامل التأثيرات الاجتماعية والمجتمعية، مثل مفاهيم الجمال السائدة في وسائل الإعلام التي تربط النحافة بالجاذبية. تشمل العوامل الأخرى الهرمونات التي تتغير خلال فترة البلوغ، فضلاً عن القلق والتوتر وعدم الثقة بالنفس. من العوامل الأخرى:
- العنف الجنسي أو الجسدي أو العاطفي.
- مشاكل أسرية أو علاقات معقدة مع الآخرين.
- تعرّض للشائعات والتنمر.
- القلق من الامتحانات والضغط المرتبط بتحقيق النجاح.
- مشكلات حياتية تسبب ضغطًا نفسيًا، مثل صعوبة العثور على وظيفة.
أعراض فقدان الشهية
لا يُعد الشعور بالجوع المفرط العرض الوحيد لفقدان الشهية؛ حيث تصاحبه عدد من الأعراض والعلامات المميزة، ومن أبرزها:
- ارتباط احترام الذات بصورة الجسم.
- الاهتمام المفرط بحساب السعرات الحرارية والدهون في الطعام.
- تبني عادات غذائية غير صحية، مثل تقطيع الطعام إلى قطع صغيرة أو تناول الطعام بمفردهم أو إخفاء الطعام.
- انقطاع الدورة الشهرية (Amenorrhea) لمدة ثلاثة أشهر.
- الإمساك.
- الجفاف.
- صعوبة في النوم.
- دوار أو إغماء.
- تساقط الشعر.
- الإصابة بالاكتئاب.
- انتفاخ الذراعين أو الساقين.
- نمو شعر خفيف في الجسم والوجه.
- الشعور بالبرد، خاصة في الأطراف.
- اختلال نبض القلب.
- تجنب الأنشطة الاجتماعية والعائلية والميل إلى الانعزال.
علاج فقدان الشهية
إحدى التحديات الرئيسية في علاج فقدان الشهية هي عدم رغبة المريض في تلقي العلاج، بسبب عدم اقتناعه بضرورة ذلك، بالإضافة إلى مخاوف من زيادة الوزن. يهدف العلاج بشكل أساسي إلى الوصول إلى وزن صحي ومعالجة المشكلات النفسية التي قد تنجم عن الاضطراب، مثل عدم الثقة بالنفس، وتغيير السلوك العام للمريض. يتطلب العلاج عادة الجمع بين مجموعة من الخيارات، والتي قد تشمل:
- العلاج في المستشفى: قد يؤدي فقدان الوزن الشديد إلى مضاعفات غير صحية مثل سوء التغذية، حيث قد يتطلب الأمر الدخول إلى المستشفى لعلاج مشاكل القلب، والجفاف، والاكتئاب الشديد، والتوازن الكهربائي. في بعض الحالات، قد يحتاج المريض إلى تغذية وريديّة.
- استعادة الوزن الصحي: التركيز على استعادة الوزن الصحي يتم من خلال خطوات متكاملة تشمل الأطباء والمعالجين النفسيين وأفراد الأسرة، بالإضافة إلى اختصاصيين تغذية لتقديم خطط غذائية مناسبة.
- العلاج النفسي: يهدف العلاج النفسي إلى تغيير أفكار وآراء المريض حول الطعام والوزن. يشمل ذلك تقنيات لتعزيز سلوكيات صحية تجاه الغذاء، وتعديل الاستجابة للأحداث. يُنصح بإشراك الأسرة، خاصةً عند معالجة حالات المراهقين، نظرًا لأنهم قد يجدون صعوبة في اتخاذ قرارات صحية.
- العلاج الدوائي: بينما لا توجد أدوية مخصصة لعلاج فقدان الشهية، يمكن أن تساهم الأدوية المضادة للاكتئاب، مثل مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية، في تحسين الاكتئاب والقلق، مما قد يحفز الشهية، كما تُستخدم أدوية أخرى لمعالجة مشكلات نفسية معينة.