علماء أوروبا البارزين في العصر الحديث
يعتبر العصر الحديث عصرًا محوريًا شهد تطورًا ملحوظًا في المجالات العلمية خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر. وقد حلّت هذه التطورات مكان الأفكار اليونانية التي سادت لمدة تقارب الألفي عام. أصبح العلم الآن مستقلاً، وله أهداف عملية، مما يتيح طرح أسئلة جديدة والإجابة عليها وفق معايير حديثة، مما أدى إلى تقدم العلوم وصولًا إلى ما هي عليه اليوم. وفيما يلي نتعرف على بعض من أبرز علماء أوروبا في العصر الحديث:
تيخو براهي
تيخو براهي هو عالم فلك دنماركي معروف بملاحظاته الفلكية الدقيقة. درس في جامعة كوبنهاغن مواد متعددة، لكنه بعد مشاهدته لظاهرة الكسوف عام 1560م، قرر تكريس دراسته للفلك. على الرغم من انتقاله إلى جامعة لايبزيغ لاستكمال تعليمه، فإن الفلك لم يكن تخصصًا أكاديميًا في ذلك الوقت، لذا اعتمد على الكتب الجامعية وملاحظاته الخاصة، مثل ملاحظته لاقتران كوكب المشتري وزحل.
براهي اشتهر بنظريته حول النظام الشمسي التي تقوم على فرضية أن الأرض ثابتة، بينما الكواكب، بما في ذلك القمر والشمس، تدور من حولها. استمرت تأثيرات نظرياته حتى منتصف القرن السابع عشر، لكنها تراجعت بعد ذلك بسبب عدم استخدامه التلسكوب في أبحاثه، حيث ظهرت اكتشافات أكثر دقة بعد ذلك.
يوهانس كبلر
يوهانس كبلر هو عالم رياضيات وفلك ألماني، وقد اكتشف أن الأرض والكواكب تدور حول الشمس في مسارات إهليلجية. كما وضع ثلاثة قوانين أساسية لحركة الكواكب، والتي تم نشرها بين عامي 1609 و1619م. وقد أجرى أيضًا أبحاثًا مهمة في علم البصريات، حيث اكتشف نوعين جديدين من العدسات متعددة الوجوه، وقدم أول معالجة رياضية لتعبئة المجالات المتساوية، مما ساعد في فهم تشكيل خلايا قرص العسل.
كذلك، أسس كبلر فكرة اللوغاريتمات، وابتكر أسلوبًا لقياس أحجام الأجسام الصلبة، وساهم في تطوير حساب التفاضل والتكامل، وأعد جداول فلكية بدقة عالية. وتمامًا كغيره من العلماء، كان كبلر يسعى لإثبات وجود الله من خلال الظواهر الكونية، على الرغم من كونه عقلانيًا، حيث اعتقد بوجود ظواهر تتجاوز حدود العقل.
رينيه ديكارت
رينيه ديكارت هو فيلسوف وعالم رياضيات يُعتبر أب الفلسفة الحديثة. اشتهر بنقطة انطلاقه الفلسفي الشهيرة “أنا أفكر، إذًا أنا موجود”. تلقى ديكارت تعليمًا مكثفًا في كلية يسوعية منذ سن الثامنة، وحصل على شهادة في القانون في سن الثانية والعشرين. تأثر بطريقة التعليم في تلك الفترة، فبدأ بدراسة تطبيقات الرياضيات والمنطق لفهم العالم الطبيعي، وتضمن منهجه تأملاً في طبيعة الوجود والمعرفة، مما أسفر عن العديد من الملاحظات الشائعة.
باراسيلسوس
باراسيلسوس هو رائد الكيمياء ومصلح علم المواد الطبية، ويُنعت بعدة ألقاب منها “لوثر الطب” و”الأب الروحي للعلاج الكيميائي الحديث” و”مؤسس الكيمياء الطبية”. عاش باراسيلسوس في زمان ليوناردو دافنشي بالقرب من قرية أينسيديلن في سويسرا، وعمل كطبيب وكيميائي؛ حيث مارس الطب في الأديرة قبل أن يصبح طبيب بلدية. درس الكيمياء وأجرى تجارب على النباتات، مما جعله خبيراً في الطب البديل.
اطلع باراسيلسوس على العديد من المخطوطات الطبية وتلقى تعليمه في الجامعات الأوروبية، وحصل على درجة الدكتوراه في الطب عام 1516م. كانت قضاياه الرئيسية تدور حول معاني الحياة والموت وأسباب المرض (سواء كانت اختلالات داخلية أو عوامل خارجية)، بالإضافة إلى العلاقة بين الإنسان ونفسه وعلاقته بالله. كان يؤمن بأن أعضاء الجسم تعمل وفق مبادئ كيميائية، وأن أي خلل في أحد الأجزاء يؤثر سلبًا على الصحة العامة.