العشق
نُعلن السلام على قلوب العشاق التي تبدو مختلفة في أعيننا في زمن يفيض بالقلوب ويتكرر فيه العابرون. تلك القلوب التي يحنُّ لها القلب، حيث تُعتبر الجانب المضيء من عالمنا، كالقمر أو ربما كنجمة تنير دروبنا، تمنحنا قبساً من نورها كلما بدأت قلوبنا في الانطفاء. فالقلوب العاشقة تنشر السلام في أرواحنا وتزرع السكينة في قلوبنا، حيث تستطيع أن تلم شتات أفكارنا وتحسن استئصال جذور الحزن من أعماقنا. لقد كتب العديد من الشعراء أبياتاً رائعة تحت مظلة الحب والعشق.
بيان الرومانسية
وُلد الشاعر الأمريكي وولاس ستيفنز في الثاني من أكتوبر عام 1879، ورغم أنه صوّر الإنسان كمخلوق خالٍ من الأمل في حياة ما بعد الموت، إلا أنه خلّف وراءه إرثاً أدبياً عظيماً. تزوج بإلسي فويلا عام 1909 وتوفي في الثاني من أغسطس 1955. كان ستيفنز يمتلك أسلوباً فريداً في الكتابة. رغم تعقيد معانيه وكثرة الكلمات الصعبة في مؤلفاته، إلا أن قصائده تُعرف بغناها اللغوي الاستثنائي. شهد نجاحه وهو يوازن بين الشعر ومسيرته المهنية كمحامٍ ومدير في حقل التأمين.
الليل لا يفقه شيئاً عن أناشيد الليل.
هو كما هو، وأنا كما أنا،
ومن الحكمة أن أعي نفسي
وأعيك.
فقط نحن الإثنان نستطيع تبادل
ما يمكن أن يمنحه أحدنا للآخر.
فقط نحن واحد،
لا أنت والليل، ولا الليل وأنا،
لكن أنت وأنا، وحيدين،
في عمق وحدة نفوسنا،
نعبر إلى ما وراء العزلات المألوفة،
بدرجة أن الليل يصبح مجرد خلفية لذاتيْنا،
بحسب الصدق، كلٌ منا مع ذاته المنفصلة،
في الضوء الشاحب الذي يلقيه أحدنا على الآخر.
النهر غريب وأنت حبيبي
يعتز محمود درويش بمكانته كأحد أبرز الشعراء الذين نظموا أجمل القصائد الغزلية والرومانسية والوطنية. تميز شعره بشغف الثورة والوطن، وقد شغل منصب رئيس رابطة الكتاب والصحفيين الفلسطينيين. ساهم محمود درويش في تحرير مجلة الكرمل وكتب العديد من الدواوين التي نُسخت بتأثير من الشاعر اللبناني روبير غنام.
الغريب النهر قالت
واستعدت للغناء
لم نحاول لغة الحبّ ولم نذهب إلى النهر سدى
وأتاني الليل من مناديلها
لم يأت ليل مثل هذا الليل من قبل، فقدمت دمي للأنبياء
ليموتوا بدلاً منا
ونبقى ساعة فوق رصيف الغرباء
واستعدت للغناء.
وحيدين في لحظة العشاق أزهار على الماء
وأقدام على الماء
إلى أين سنذهب؟
للغزال الريح والرمح، أنا السكين والجرح.
إلى أين سنذهب؟
ها هي الحرية الحسناء في شرياني المقطوع.
عيناك وبلدان على النافذة الصغرى،
يا عصفورة النار، إلى أين سنذهب؟
للغزال الريح والرمح،
ولتأتي للشاعر أوقات أعلى من الماء وأدنى من حبال الشنق.
يا عصفورة المنفى، إلى أين سنذهب؟
لم أودعك، فقد ودعت سطح الكرة الأرضية الآن،
معي أنت، لقاء دائم بين وداع ووداع.
ها أنا أشهد أن الحب مثل الموت،
يأتي حين لا ننتظر الحب،
فلا تنتظريني.
الغريب النهر قالت
واستعدت للسفر.
الجهات الست لا تعرف عن جانا
سوى أن المطر
لم يبللها.
ولا تعرف عنها
غير أني قد تغيّرت، تغيرّت
تصببت بروقا وشجر،
وأسرت السندباد.
والغريب النهر قالت
ها هو الشيء الذي نسكت
قد صار بلاداً.
هل هي الأرض التي نسكن،
قد صارت سفر.
والغريب النهر قالت
واستعدّت للسفر.
وحدنا لا ندخل الليل سدى.
لماذا يتمنى جسمك الشعر
وزهر اللوتس الأبعد من قبري؟
لماذا تحملين
بمزيد من عيون الشهداء؟
اقتربي مني، ليزيدوا واحداً.
خبزي كفاف البرهة الأولى
وأمضي نحو وقتي وصليب الآخرين.
وحدنا لا ندخل الليل سدى،
يا أيها الجسم الذي يختصر الأرض
ويا أيتها الأرض التي تأخذ شكل الجسد الروحي،
كوني لأكون.
حاولي أن ترسميني قمراً
ينحدر الليل إلى الغابات خيلاً.
حاولي أن ترسميني حجراً
تمضي المسافات إلى بيتي خيلاً.
فلماذا تحملين
بمزيد من وجوه الشهداء؟
ابتعدي عني ليصيروا أمة في واحد.
هل تحرقين الريح في خاصرتي
أم تمتشقين الشمس
أم تنتحرين؟
علّمتني هذه الدنيا لغات وبلاداً غير ما ترسمه عيناك.
لا أفهم شيئاً منك، لا أفهمني جانا.
فلا تنتظريني.
الغريب النهر قالت
واستعدت للبكاء.
لم تكن أجمل من خادمة المقهى،
ولا أقرب من أمي،
ولكن المساء
كان قطة بين كفيها،
وكان الأفق الواسع يأتي من زجاج النافذة
لاجئاً في ظل عينيها.
وكان الغرباء
يملأون الظل،
لن أمضي إلى النهر سدى.
إذهبي في الحلم يا جانا.
بكت جانا،
وكان الوقت يرميني على ساعة ماء.
إذهبي في الوقت يا جانا.
بكت جانا،
وكان الحلم ذرات هواء.
إذهبي في الفرح الأول يا جانا.
بكت جانا،
وكان الجرح ورد الشهداء.
آه جانا،
لم تكوني مدني،
أو وطني،
أو زمني،
كي أوقف النهر الذي يجرفني،
فلماذا تدخلين الآن جسمي
لتصيري النهر أو سيدة النهر؟
لماذا تخرجين الآن من جسمي،
ومن أجلك جدّدت الإقامة
فوق هذه الأرض؟ جدّدت الإقامة
إذهبي في الحلم يا جانا،
بكت جانا،
وصار النهر زنّاراً على خاصرتي
واختفى شكل السماء.
يلين لأهل الدين من لين قلبه
الفرزدق، شاعر عربي قدّم مساهمات هامة في الشعر الأموي، وُلد في البصرة عام 641 وتوفي عام 732. عُرف بجودته في شعر المدح والفخر والهجاء، وتأثر بشدة بأبيه، الذي ساعده في تعلم فنون الكتابة. ظهرت ملامح الشباب والحب في شعر الفرزدق بعد لقائه مع ظمياء، وتميز بألفاظه الغزيرة ومعانيه المركزة في موضوع الهجاء.
تَظَلُّ بِعَيْنَيْها إلى الجبَلِ الّذي
عَلَيْهِ مُلاءُ الثّلْجِ بِيضُ الَبنائِقِ
تَظَلُّ إلى الغاسُولِ تَرْعَى حَزِينَةً
ثَنايا بِرَاقٍ نَاقَتي بالحَمالِقِ
ألا لَيتَ شعري هَل أزُورَنّ نِسْوَةً
بِرَعْنِ سَنَامٍ كاسِرَاتِ النّمَارِقِ
بَوَادِ يُشَمِّمْنَ الخُزَامَى تُرَى لهَا
مَعاصِمُ فيها السُّوُر دُرْمُ المَرَافِقِ
كَفَى عُمَرٌ ما كان يُخشَى انْحرَافُه
إذا أجْحَفَتْ بالنّاسِ إحدى البَوائقِ
وَما حَجَرٌ يُرْمَى بِهِ أهْلُ جانِبٍ
لفِتْنَتِهِمْ مِثْلَ الّذي بِالمَشارِقِ
يَلِينُ لأهْلِ الدِّينِ مِنْ لِينِ قَلْبِهِ
لَهُمْ وَغَليظٌ قَلْبُهُ للمُنَافِقِ
وَمَا رُفِعَتْ إلاّ أمَامَ جَمَاعةٍ
عَلى مِثْلِهِ حَزْماً عِمادُ السُّرَادِقِ
جَمَعْتَ كَثيراً طَيّباً ما جَمَعْتَهُ
بغَدْرٍ وَلا العَذْرَاءُ ذاتُ السَّوَارِقِ
وَلا مَالِ مَوْلىً للوَليّ الذي جَنى
على نَفسهِ بَعض الحُتوفِ اللّوَاحِقِ
وَلَكِنْ بكَفّيْكَ الكَثِيرِ نَداهُمَا
وَنَفسِكَ قد أحكمْتَ عند الوَثائِقِ
بِخَيْرِ عِبَادِ الله بَعْدَ مُحَمّدٍ
لَهُ كانَ يَدْعُو الله كلُّ الخَلايِقِ
لِيَجْعَلَهُ الله الخلِيفَةَ والّذِي
لَهُ المِنْبَرُ الأعلى عَلى كُلّ ناطِقِ
وَفُضَّ بسَيْفِ الله عَنْهُ وَدَفْعِهِ
كَتايِبُ كانَتْ مِنْ وَرَاءِ الخَنادِقِ
دَعَاهُمْ مَزُونيٌّ، فَجاءوا كَأنّهُمْ
بجَنْبَيْهِ شَاءٌ تَابِعٌ كُلَّ نَاعِقِ
لَقُوا يَوْمَ عَقْرِ بابِلٍ حِينع أقْبَلُوا
سُيُوفاً تُشَظّي جُمجَماتِ المَفارِقِ
وَلَيْتَ الّذي وَلاّكَ، يَوْمَ وَلَيْتَهُ
وَلايَةَ وَافٍ بالأمَانَةِ صَادِقِ
لَهُ حِينَ أْلقَى بِالمَقاليدِ والعُرَى
أتَتْكَ مع الأيّامِ ذاتِ الشّقاشِقِ
وَما حَلَبَ المصْرَينِ مِثْلُكَ حالِبٌ
وَلا ضَمّها مِمّنْ جَنا في الحَقَائِقِ
وَلكنْ غَلَبتَ النّاسَ أن تَتبعَ الهَوَى
وَفَاءً يَرُوقُ العَينَ من كُلّ رَائِقِ
وَأدْرَكْتَ مَنْ قد كان قَبلكَ عامِلاً
بضِعْفَينِ مما قد جَبَى غَيرَ رَاهِقِ