أبرز كتب المقامات الأدبية
مقامات الهمذاني
ألفها الكاتب أحمد بن الحسين الهمذاني، المعروف بلقب بديع الزمان الهمذاني. تدور أحداث المقامات حول شخصية تدعى أبو الفتح الإسكندري، ويرويها شخصية عيسى ابن هشام. تناولت هذه المقامات موضوع الكدية أو الشحاذة، ويُقال إن عددها كان يقترب من الأربعمائة، غير أنه لم يصل إلينا منها إلا ما يقارب عشرة. تعود تسمية المقامات إلى طوائف محددة كالساسانية أو أشخاص كالمقامة الجاحظية أو مدن كالمقامة النيسابورية والمقامة البغدادية. ويرتكب بطل المقامات العديد من الحيل للاحتيال على أموال الناس.
تعكس مقامات الهمذاني واقعه الاجتماعي ومرافق حياته المختلفة، حيث يذكر المساجد، والمحلات التجارية، والمطاعم، وغيرها. وتتباين مغازي المقامات فأحياناً تتناول النقد وأحياناً أخرى الشعر، وتعرض أيضاً قضايا المجتمع بصورة هزلية تُدخل البسمة على قلوب السامعين. وقد اعتمد الهمذاني في أسلوبه على السجع، إلى جانب استخدامه لأساليب بلاغية متنوعة مثل التشبيهات والاستعارات والجناس ومراعاة النظير.
مقامات الحريري
كتب القاسم بن علي بن محمد بن عثمان الحريري مقامات تُعرف بمقامات الحريري، حيث بطل مقاماتها هو أبو زيد السروجي، والراوي هو الحارث بن همام، الذي يتحدث عن نفسه. تعد هذه المقامات مشابهة لمقامات الهمذاني من حيث الموضوع، لكن الحريري انطلق منها لتعليم الشباب فنون البلاغة.
لذا، امتازت مقامات الحريري بفخامة الألفاظ وتعقيد الأسلوب، وقد كتبها بخط يده مما ساعد على عدم تشتت النصوص كما حصل في مقامات الهمذاني. استلهمت كتاباته من أسلوب الهمذاني البلاغي ولكنها تميزت بتعقيد أكبر طغى على الأداء، حيث إن بعض التعابير كانت أقرب إلى الألغاز. كما احتوت المقامات على توشيحات بالآيات القرآنية وأمثال وحكم.
على عكس مقامات الهمذاني التي تناولت النقد الاجتماعي، كانت مقامات الحريري تعليمية حيث خصص مقامة للفقه وأخرى للنحو. صحيح أن مقامات الهمذاني جلبت شهرة واسعة في الأوساط النقدية، إلا أن مقامات الحريري استحوذت على إعجاب كتّاب المقامات الذين اقتفوا أثر أسلوبه.
مقامات اليازجي
تُعرف مقامات اليازجي التي كتبها ناصيف بن عبدالله بن ناصيف بن جنبلاط بن سعد اليازجي في العصر الحديث (توفي عام 1871) باسم “مجمع البحرين”، وقد استوحى اسمها من القرآن الكريم. ربما أراد بالبحرين التمييز بين النظم والنثر، أو قصد بهما مقامات الهمذاني والحريري. تتضمن مقامات اليازجي ستين مقامة، بطلها هو الشيخ ميمون بن خزام، والراوي هو سهل بن عباد، وموضوعها يدور حول الكدية.
كان تأثر اليازجي بالحريري أكبر من تأثره بالهمذاني، مما جعل له طابعًا سوداويًا متشائمًا، حيث كان يعتقد أن القيم الأخلاقية قد تلاشت، وأن الاحتيال أصبح الوسيلة الوحيدة للعيش. على الرغم من تنوع مغازي مقامات اليازجي، إلا أن جميعها تناولت مواضيع تعليمية مثل الطب والفلك والنحو واللغة.
أما أسلوبه، فكان أقرب إلى أسلوب الحريري، في حين كانت لغته تميل إلى لغة القدماء أكثر من لغة عصره. كان هدفه في كتابة المقامات هو تعليم النشء مختلف العلوم بلغة راقية، ليُظهر أن العربية قادرة على احتواء كل العلوم.