قصائد تتناول مواضيع العلم والمعرفة

العلم

العلم
العلم

لا يمكن إنكار فضل العلم على الأمم والفرد، فالجهل قد يُصاحبه المال والجاه، لكنه يظل كوعاء فارغ لا يحمل سوى الهواء. بينما كثيراً ما نجد أصحاب العلم الذين ربما لا يملكون شيئاً يذكر في حياتهم، لكنهم قنوعون، ويدركون أن معرفتهم هي سلاحهم في مواجهة تحديات الحياة. فهم يعرفون أن العلم كنز دفين، يستطيع أن يراه ويشعر بقيمته فقط من ذاق مرارته واختار العزلة والعمل بجد. يبقى العلم رمزاً للشموخ والحضارة. في هذه المقالة، نعرض لكم بعض القصائد الجميلة التي كتبها شعراء عن العلم.

قصيدة يوم العلم

قصيدة يوم العلم
قصيدة يوم العلم

يُعتبر الشاعر عبد الله البردوني واحدًا من أبرز الشعراء، حيث وُلِد في عام 1929م في قرية بردون باليمن. التحق بدار العلوم في صنعاء وتخرج منها عام 1953م، حيث أصبح أستاذاً للآداب العربية. ترك البردوني خلفه عشرة دواوين من الشعر، ومن أبرز أعماله “لعيني أم بلقيس”، و”مدينة الغد”، و”السفر إلى الأيام الخضر”، وغيرها. توفي الشاعر في صبيحة يوم الاثنين عام 1999م. وقد نظم قصيدة بعنوان “يوم العلم” قال فيها:

ماذا يقول الشعر؟ كيف يرنّم؟

هتف الجمال: فكيف يشدو الملهم

ماذا يغنّي الشعر؟ كيف يهيم في

هذا الجمال؟ وأين، أين يهوّم؟

في كل متّجه ربيع راقص

وبكل جو ألف فجر يبسم

يا سكرة ابن الشعر، هذا يومه

نغم يبعثره السنى ويلملم

يوم تلاقيه المدارس والمنى

سكرى كما لاقى الحبيبة مغرم

يوم يكاد الصمت يهدر بالغنا

فيه، ويرتجل النشيد الأبكم

يوم يرنّحه الهنا وله غد

أهنا وأحفل بالجمال وأنغم

يا وثبة “اليمن السعيد” تيقظت

شبابة وسمت كما يتوسّم

ماذا يرى “اليمن” الحبيب، تحققت

أسمى مناه وجلّ ما يتوهّم

فتحت تباشير الصباح جفونه

فانشقّ مرقده وهبّ النوم

وأفاق والإصرار ملء عيونه

غضبان يكسر قيده ويدمدم

ومضى على ومض الحياة شبابه

يقظان يسبح في الشعاع ويحلم

وأطلّ “يوم العلم” يرفل في السنى

وكأنه بفم الحياة… ترنّم

يوم تلقّنه المدارس نشأها

درسا يعلّمه الحياة ويلهم

ويعيد التاريخ ذكراه وفي:

شفتيه منه تساؤل وتبسّم

يوم أغنيه ويسكر جوّه

نغمي فيسكر من حلاوته الفم

وقف الشباب إلى الشباب وكلهم

ثقة وفخر بالبطولة مفعم

في مهرجان العلم، رفّ شبابه

كالزهر يهمس بالشذى ويتمتم

وتألّق المتعلّمون… كأنهم

فيه الأشعّة والسما والأنجم

يا فتية اليمن الأشمّ وحلمه

ثمر النبوغ أمامكم فتقدّموا

واقتحموا خطر الطريق إلى العلا

فخطورة الشبان أن يتقحموا

وابنوا بكفّ العلم علياكم، فما

تبنيه كفّ العلم لا يتهدّم

وتساءلوا: من نحن؟ ما تاريخنا؟

وتعلّموا منه الطموح وعلّموا

هذه البلاد، وأنتم من قلبها

فلذوا وأنتم ساعداها أنتم

فثبوا كما تثب الحياة قويّة

إنّ الشباب توثّب وتقدّم

لا يهتدي بالعلم إلاّ نيّر

بهج البصيرة بالعلوم متيم

وفتى يحسّ الشعب فيه لأنّه

من جسمه في كل جارحة دم

يشقى ليسعد أمّه أو عالما

عطر الرسالة حرقة وتألم

فتفهّموا ما خلف كل تستّر

إنّ الحقيقة دربه وتفهّم

قد يلبس اللص عفافاً ويكتسي

ثوب النبيّ منافق أو مجرم

ميت يكفّن بالطلاء ضميره

ويفوح رغم طلائه ما يكتم

ما أعجب الإنسان، هذا ملؤه

خير وهذا الشرّ فيه مجسم!

لا يستوي الإنسان، هذا قلبه

حجر وهذا شمعه تتضرّم

هذا فلان في حشاه بلبل

يشدو وهذا فيه يزأر ضيغم

ما أغرب الدنيا على أحضانها

عرس يغنيها ويبكي مأتم!

بيت يموت الفأر خلف جداره

جوعاً وبيت بالموائد متخم

ويد منعّمة تنوء بمالها

ويبقى يلثمها ويعطي المعدم

فمتى يرى الإنسان دنيا غضّة

سمحة، فلا ظلم ولا متظلّم؟

يا إخوتي، نشء المدارس يومكم

بكر البلاد، فكرّموه تكرّموا

وتفهّموا سفر الحياة، فكلّها

سفر ودرس والزمن معلذم

ماذا أقول لكم وتحت عيونكم

ما يعقل الوعي الكريم ويفهم؟

بقوة العلم تقوى شوكة الأمم

بقوة العلم تقوى شوكة الأمم
بقوة العلم تقوى شوكة الأمم

محمود سامي البارودي، المعروف بمحمود سامي باشا بن حسن حسين بن عبد الله البارودي، هو شاعر ومثقف مصري من أصول شركسية. حينما نشبت الثورة العربية، كان في صفوف الثوار. وعندما دخل الإنجليز القاهرة، سُجن وحُكم عليه بالإعدام، لكن تم تعديل الحكم وتم نفيه إلى جزيرة سيلان. قام بكتابة قصيدة بعنوان “بقوة العلم تقوى شوكة الأمم”، قال فيها:

بِقُوَّةِ الْعِلْمِ تَقْوَى شَوْكَةُ الأُمَمِ

فَالْحُكْمُ فِي الدَّهْرِ مَنْسُوبٌ إِلَى الْقَلَمِ

كَمْ بَيْنَ مَا تَلْفِظُ الأَسْيَافُ مِنْ عَلَقٍ

وَبَيْنَ مَا تَنْفُثُ الأَقْلامُ مِنْ حِكَمِ

لَوْ أَنْصَفَ النَّاسُ كَانَ الْفَضْلُ بَيْنَهُمُ

بِقَطْرَةٍ مِنْ مِدَادٍ لا بِسَفْكِ دَمِ

فَاعْكِفْ عَلَى الْعِلْمِ تَبْلُغْ شَأْوَ مَنْزِلَةٍ

فِي الْفَضْلِ مَحْفُوفَةٍ بِالْعِزِّ وَالْكَرَمِ

فَلَيْسَ يَجْنِي ثِمَارَ الْفَوْزِ يَانِعَةً

مِنْ جَنَّةِ الْعِلْمِ إِلَّا صَادِقُ الْهِمَمِ

لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسَاعِي مَا يَبِينُ بِهِ

سَبْقُ الرِّجَالِ تَسَاوَى النَّاسُ فِي الْقِيَمِ

وَلِلْفَتَى مُهْلَةٌ فِي الدَّهْرِ إِنْ ذَهَبَتْ

أَوْقَاتُهَا عَبَثَاً لَمْ يَخْلُ مِنْ نَدَمِ

لَوْلا مُدَاوَلَةُ الأَفْكَارِ مَا ظَهَرَتْ

خَزَائِنُ الأَرْضِ بَيْنَ السَّهْلِ وَالْعَلَمِ

كَمْ أُمَّةٍ دَرَسَتْ أَشْبَاحُهَا وَسَرَتْ

أَرْوَاحُهَا بَيْنَنَا فِي عَالَمِ الْكَلِمِ

فَانْظُرْ إِلَى الْهَرَمَيْنِ الْمَاثِلَيْنِ تَجِدْ

غَرَائِباً لا تَرَاهَا النَّفْسُ فِي الْحُلُمِ

صَرْحَانِ مَا دَارَتِ الأَفْلاكُ مُنْذُ جَرَتْ

عَلَى نَظِيرِهِمَا فِي الشَّكْلِ وَالْعِظَمِ

تَضَمَّنَا حِكَماً بَادَتْ مَصَادِرُهَا

لَكِنَّهَا بَقِيَتْ نَقْشاً عَلَى رَضَمِ

قَوْمٌ طَوَتْهُمْ يَدُ الأَيَّامِ فَانْقَرَضُوا

وَذِكْرُهُمْ لَمْ يَزَلْ حَيّاً عَلَى الْقِدَمِ

فَكَمْ بِهَا صُوَر كَادَتْ تُخَاطِبُنَا

جَهْراً بِغَيْرِ لِسَانٍ نَاطِقٍ وَفَمِ

تَتْلُو لِهِرْمِسَ آيَاتٍ تَدُلُّ عَلَى

فَضْلٍ عَمِيمٍ وَمَجْدٍ بَاذِخِ الْقَدَمِ

آيَاتِ فَخْرٍ تَجَلَّى نُورُهَا فَغَدَتْ

مَذْكُورَةً بِلِسَانِ الْعُرْبِ وَالْعَجَمِ

وَلَاحَ بَيْنَهُمَا بَلْهِيبُ مُتَّجِهاً

لِلشَّرْقِ يَلْحَظُ مَجْرَى النِّيلِ مِنْ أَمَمِ

كَأَنَّهُ رَابِضٌ لِلْوَثْبِ مُنْتَظِرٌ

فَرِيسَةً فَهْوَ يَرْعَاهَا وَلَمْ يَنَمِ

رَمْزٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعُلُومَ إِذَا

عَمَّتْ بِمِصْرَ نَزَتْ مِنْ وَهْدَةِ الْعَدَمِ

فَاسْتَيْقِظُوا يَا بَني الأَوْطَانِ وَانْتَصِبُوا

لِلْعِلْمِ فَهْوَ مَدَارُ الْعَدْلِ فِي الأُمَمِ

وَلا تَظُنُّوا نَمَاءَ الْمَالِ وَانْتَسِبُوا

فَالْعِلْمُ أَفْضَلُ مَا يَحْوِيهِ ذُو نَسَمِ

فَرُبَّ ذِي ثَرْوَةٍ بِالْجَهْلِ مُحْتَقَرٍ

وَرُبَّ ذِي خَلَّةٍ بِالْعِلْمِ مُحْتَرَمِ

شِيدُوا الْمَدَارِسَ فَهْيَ الْغَرْسُ إِنْ بَسَقَتْ

أَفْنَانُهُ أَثْمَرَتْ غَضّاً مِنَ الْنِّعَمِ

مَغْنَى عُلُومٍ تَرَى الأَبْنَاءَ عَاكِفَةً

عَلَى الدُّرُوسِ بِهِ كَالطَّيْرِ فِي الْحَرَمِ

مِنْ كُلِّ كَهْلِ الْحِجَا فِي سِنِّ عَاشِرَةٍ

يَكَادُ مَنْطِقُهُ يَنْهَلُّ بِالْحِكَمِ

كَأَنَّهَا فَلَكٌ لاحَتْ بِهِ شُهُبٌ

تُغْنِي بِرَوْنَقِهَا عَنْ أَنْجُمِ الظُّلَمِ

يَجْنُونَ مِنْ كُلِّ عِلْمٍ زَهْرَةً عَبِقَتْ

بِنَفْحَةٍ تَبْعَثُ الأَرْوَاحَ فِي الرِّمَمِ

فَكَمْ تَرَى بَيْنَهُمْ مِنْ شَاعِرٍ لَسِنٍ

أو كَاتِبٍ فَطِنٍ أَوْ حَاسِبٍ فَهِمِ

وَنَابِغٍ نَالَ مِنْ عِلْمِ الْحُقُوقِ بِهَا

مَزِيَّةً أَلْبَسَتْهُ خِلْعَةَ الْحَكَمِ

وَلُجِّ هَنْدَسَةٍ تَجْرِي بِحِكْمَتِهِ

جَدَاوِلُ الْمَاءِ فِي هَالٍ مِنَ الأَكَمِ

بَلْ كَمْ خَطِيبٍ شَفَى نَفْسَاً بِمَوْعِظَةٍ

وَكَمْ طَبِيبٍ شَفَى جِسْمًَا مِنَ السَّقَمِ

مُؤَدَّبُونَ بِآدَابِ الْمُلُوكِ فَلا

تَلْقَى بِهِمْ غَيْرَ عَالِي الْقَدْرِ مُحْتَشِمِ

قَوْمٌ بِهِمْ تَصْلُحُ الدُّنْيَا إِذَا فَسَدَتْ

وَيَفْرُقُ الْعَدْلُ بَيْنَ الذِّئْبِ وَالْغَنَمِ

وَكَيْفَ يَثْبُتُ رُكْنُ الْعَدْلِ فِي بَلَدٍ

لَمْ يَنْتَصِبْ بَيْنَهَا لِلْعِلْمِ مِنْ عَلَمِ

مَا صَوَّرَ اللَّهُ لِلْأَبْدَانِ أَفْئِدَةً

إِلَّا لِيَرْفَعَ أَهْلَ الْجِدِّ وَالْفَهْمِ

وَأَسْعَدُ النَّاسِ مَنْ أَفْضَى إِلَى أَمَدٍ

فِي الْفَضْلِ وَامْتَازَ بِالْعَالِي مِنَ الشِّيَمِ

لَوْلا الْفَضِيلَةُ لَمْ يَخْلُدْ لِذِي أَدَبٍ

ذِكْرٌ عَلَى الدَّهْرِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَدَمِ

فَلْيَنْظُرِ الْمَرْءُ فِيمَا قَدَّمَتْ يَدُهُ

قَبْلَ الْمَعَادِ فَإِنَّ الْعُمْرَ لَمْ يَدُمِ

قصيدة على العلم نبكي

قصيدة على العلم نبكي
قصيدة على العلم نبكي

الشاعر أحمد بن علي بن مشرف، من أهل الأحساء في نجد، قد درس وعمل قاضياً بها. توفي في الأحساء، وهو فقيه مالكي وكثير النظم. نظم قصيدة بعنوان “على العلم نبكي” قال فيها:

على العلم نبكي إذ قد اندرس العلم

ولم يبق فينا منه روح ولا جسم

ولكن بقي رسم من العلم دارس

وعما قليل سوف ينطمس الرسم

فآن لعين أن تسيل دموعها

وآن لقلب أن يصدعه الهم

فإن يفقد العلم شرا وفتنة

وتضيع دين أمره واجب حتم

وما سائر الأعمال إلا ضلالة

إذا لم يكن للعالمين بها علم

وما الناس دون العلم إلا بظلمة

من الجهل لا مصباح فيها ولا نجم

فهل يهتدي إلا بنجم سمائه

إذا ما بدا من أفقه ذلك النجم

فهذا أوان القبض للعلم فلينح

عليه الذي في الحب كان له سهم

فليس بمبقى العلم كثرة كتبه

فماذا تفيد الكتب إن فقد الفهم

وما قبضة إلا بموت وعاته

فقبضهم قبض له وبهم ينمو

فجد وأد الجهد فيه فإنه

لصاحبه فخر وذخر به الغنم

فعار على المرء الذي تم عقله

وقد املت فيه المروءة والحزم

إذا قيل: ماذا أوجب الله يا فتى

أجاب بلا أدري وإني لي العلم

وأقبح من ذا لو أجاب سؤاله

بجهل، فإن الجهل مورده وخم

أيرضى بأن الجهل من بعض وصفه

ولو قيل: ياذا الجهل، فارقه الحلم

فكيف إذا ما البحث من بين أهله

جرى وهو بين القوم ليس له سهم

تدور بهم عيناه ليس بناطق

فغير حرى أن يرى فاضلا قدم

ما العلم إلا كالحياة إذا سرت

بجسم حي، والميت من فاته العلم

وكم في كتاب الله من مدحة له

يكاد بها ذو العلم فوق السهى يسمو

وكم خبر في فضله صح مسندا

عن المصطفى، فاسأل به من له علم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *