أشعار جرير المتعلقة بالحب
تضمّ المجموعة التالية من أشعار الشاعر العربي الشهير جرير، والتي تعبر عن مشاعره في الحب:
قصيدة “بان الخليط ولو طوعت ما بانا”
بانَ الخَليطُ وَلَو طُوِّعتُ ما بانا
وَقَطَّعوا مِن حِبالِ الوَصلِ أَقرانا
حَيِّ المَنازِلَ إِذ لا نَبتَغي بَدَلاً
بِالدارِ داراً وَلا الجيرانِ جيرانا
قَد كُنتُ في أَثَرِ الأَظعانِ ذا طَرَبٍ
مُرَوَّعاً مِن حِذارِ البَينِ مِحزانا
يا رَبُّ مُكتَإِبٍ لَو قَد نُعيتُ لَهُ
باكٍ وَآخَرَ مَسرورٍ بِمَنعانا
لَو تَعلَمينَ الَّذي نَلقى أَوَيتِ لَنا
أَو تَسمَعينَ إِلى ذي العَرشِ شَكوانا
كَصاحِبِ المَوجِ إِذ مالَت سَفينَتُهُ
يَدعو إِلى اللَهِ إِسراراً وَإِعلانا
يا أَيُّها الراكِبُ المُزجي مَطِيَتَهُ
بَلِّغ تَحِيَّتَنا لُقّيتَ حُملانا
بَلِّغ رَسائِلَ عَنّا خَفَّ مَحمَلُها
عَلى قَلائِصَ لَم يَحمِلنَ حيرانا
كَيما نَقولُ إِذا بَلَّغتَ حاجَتَنا
أَنتَ الأَمينُ إِذا مُستَأمَنٌ خانا
تُهدي السَلامَ لِأَهلِ الغَورِ مِن مَلَحٍ
هَيهاتَ مِن مَلَحٍ بِالغَورِ مُهدانا
أَحبِب إِلَيَّ بِذاكَ الجِزعِ مَنزِلَةً
بِالطَلحِ طَلحاً وَبِالأَعطانِ أَعطانا
يا لَيتَ ذا القَلبَ لاقى مَن يُعَلِّلُهُ
أَو ساقِياً فَسَقاهُ اليَومَ سُلوانا
أَو لَيتَها لَم تُعَلِّقنا عُلاقَتَها
وَلَم يَكُن داخِلَ الحُبُّ الذي كانا
هَلّا تَحَرَّجتِ مِمّا تَفعَلينَ بِنا
يا أَطيَبَ الناسِ يَومَ الدَجنِ أَردانا
قالَت أَلِمَّ بِنا إِن كُنتَ مُنطَلِقاً
وَلا إِخالُكَ بَعدَ اليَومِ تَلقانا
يا طَيبَ هَل مِن مَتاعٍ تُمتِعينَ بِهِ
ضَيفاً لَكُم باكِراً يا طَيبَ عَجلانا
ما كُنتُ أَوَّلَ مُشتاقٍ أَخا طَرَبٍ
هاجَت لَهُ غَدَواتُ البَينِ أَحزانا
يا أُمَّ عَمروٍ جَزاكِ اللَهُ مَغفِرَةً
رُدّي عَلَيَّ فُؤادي كَالَّذي كانا
أَلَستِ أَحسَنَ مَن يَمشي عَلى قَدَمٍ
يا أَملَحَ الناسِ كُلِّ الناسِ إِنسانا
يَلقى غَريمُكُمُ مِن غَيرِ عُسرَتِكُم
بِالبَذلِ بُخلاً وَبِالإِحسانِ حِرمانا
لا تَأمَنَنَّ فَإِنّي غَيرُ آمِنِهِ
غَدرَ الخَليلِ إِذا ما كانَ أَلوانا
قَد خُنتِ مَن لَم يَكُن يَخشى خِيانَتَكُم
ما كُنتُ أَوَّلَ مَوثوقٍ بِهِ خانا
لَقَد كَتَمتُ الهَوى حَتّى تَهَيَّمَني
لا أَستَطيعُ لِهَذا الحُبُّ كِتمانا
كادَ الهَوى يَومَ سَلمانينَ يَقتُلُني
وَكادَ يَقتُلُني يَوماً بِبَيدانا
وَكادَ يَومَ لِوى حَوّاءَ يَقتُلُني
لَو كُنتُ مِن زَفَراتِ البَينِ قُرحانا
لا بارَكَ اللَهُ فيمَن كانَ يَحسِبُكُم
إِلّا عَلى العَهدِ حَتّى كانَ ما كانا
مِن حُبَّكُم فَاِعلَمي لِلحُبِّ مَنزِلَةً
Nَهوى أَميرُكُمُ لَو كانَ يَهوانا
لا بارَكَ اللَهُ في الدُنيا إِذا اِنقَطَعَت
أَسبابُ دُنياكَ مِن أَسبابِ دُنيانا
يا أُمَّ عُثمانَ إِنَّ الحُبُّ عَن عَرضٍ
يُصبي الحَليمَ وَيُبكي العَينَ أَحيانا
ضَنَّت بِمَورِدَةٍ كانَت لَنا شَرَعاً
تَشفي صَدى مُستَهامِ القَلبِ صَديانا
كَيفَ التَلاقي وَلا بِالقَيظِ مَحضَرُكُم
مِنّا قَريبٌ وَلا مَبداكِ مَبدانا
نَهوى ثَرى العِرقِ إِذ لَم نَلقَ بَعدَكُمُ
كَالعِرقِ عِرقاً وَلا السُلّانِ سُلّانا
ما أَحدَثَ الدَهرُ مِمّا تَعلَمينَ لَكُم
لِلحَبلِ صُرماً وَلا لِلعَهدِ نِسيانا
أَبُدِّلَ اللَيلُ لا تَسري كَواكِبُهُ
أَم طالَ حَتّى حَسِبتُ النَجمَ حَيرانا
يا رُبُّ عائِذَةٍ بِالغَورِ لَو شَهِدَت
عَزَّت عَلَيها بِدَيرِ اللُجِّ شَكوانا
إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حَوَرٌ
قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيِينَ قَتلانا
يَصرَعنَ ذا اللُبَّ حَتّى لا حِراكَ بِهِ
وَهُنَّ أَضعَفُ خَلقِ اللَهِ أَركانا
يا رُبُّ غابِطِنا لَو كانَ يَطلُبُكُم
لاقى مُباعَدَةً مِنكُم وَحِرمانا
أَرَينَهُ المَوتَ حَتّى لا حَياةَ بِهِ
قَد كُنَّ دِنَّكَ قَبلَ اليَومِ أَديانا
طارَ الفُؤادُ مَعَ الخَودِ الَّتي طَرَقَت
في النَومِ طَيِّبَةَ الأَعطافِ مِبدانا
مَثلوجَةَ الريقِ بَعدَ النَومِ واضِعَةً
عَن ذي مَثانٍ تَمُجُّ المِسكَ وَالبانا
بِتنا نَرانا كَأَنّا مالِكونَ لَنا
يا لَيتَها صَدَّقَت بِالحَقِّ رُؤيانا
قالَت تَعَزَّ فَإِنَّ القَومَ قَد جَعَلوا
دونَ الزِيارَةِ أَبواباً وَخُزّانا
لَمّا تَبَيَّنتُ أَن قَد حيلَ دونَهُمُ
ظَلَّت عَساكِرُ مِثلُ المَوتِ تَغشانا
ماذا لَقيتُ مِنَ الأَظعانِ يَومَ قِنىً
يَتبَعنَ مُغتَرِباً بِالبَينِ ظَعّانا
أَتبَعتُهُم مُقلَةً إِنسانُها غَرِقٌ
هَل يا تُرى تارِكٌ لِلعَينِ إِنسانا
كَأَنَّ أَحداجَهُم تُحدى مُقَفِّيَةً
نَخلٌ بِمَلهَمَ أَو نَخلٌ بِقُرّانا
يا أُمَّ عُثمانَ ما تَلقى رَواحِلُنا
لَو قِستِ مُصبَحَنا مِن حَيثُ مُمسانا
تَخدي بِنا نُجُبٌ دَمّى مَناسِمَها
Nَقلُ الحَزابِيِّ حِزّاناً فَحِزّانا
تَرمي بِأَعيُنِها نَجداً وَقَد قَطَعَت
بَينَ السَلَوطَحِ وَالرَوحانِ صُوّانا
يا حَبَّذا جَبَلُ الرَيّانِ مِن جَبَلٍ
وَحَبَّذا ساكِنُ الرَيّانِ مَن كانا
وَحَبَّذا نَفَحاتٌ مِن يَمانِيَةٍ
تَأتيكَ مِن قِبَلِ الرَيّانِ أَحيانا
هَبَّت شَمالاً فَذِكرى ما ذَكَرتُكُمُ
عِندَ الصَفاةِ الَّتي شَرقَيَّ حَورانا
هَل يَرجِعَنَّ وَلَيسَ الدَهرُ مُرتَجِعاً
عَيشٌ بِها طالَما اِحلَولى وَما لانا
أَزمانَ يَدعونَني الشَيطانَ مِن غَزَلي
وَكُنَّ يَهوَينَني إِذ كُنتُ شَيطانا
مَن ذا الَّذي ظَلَّ يَغلي أَن أَزورَكُمُ
أَمسى عَلَيهِ مَليكُ الناسِ غَضبانا
ما يَدَّري شُعَراءُ الناسِ وَيلَهُمُ
مِن صَولَةِ المُخدِرِ العادي بِخَفّانا
جَهلاً تَمَنّى حُدائي مِن ضَلالَتِهِم
فَقَد حَدَوتُهُمُ مَثنى وَوُحدانا
غادَرتُهُم مِن حَسيرٍ ماتَ في قَرَنٍ
وَآخَرينَ نَسوا التَهدارَ خِصيانا
ما زالَ حَبلِيَ في أَعناقِهِم مَرِساً
حَتّى اِشتَفَيتُ وَحَتّى دانَ مَن دانا
مَن يَدعُني مِهُمُ يَبغي مُحارَبَتي
فَاِستَيقِنَنَّ أُجِبهُ غَيرَ وَسنانا
ما عَضَّ نابِيَ قَوماً أَو أَقولَ لَهُم
إِيّاكُمُ ثُمَّ إِيّاكُمُ وَإِيّانا
إِنّي اِمرُؤٌ لَم أُرِد فيمَن أُناوِئُهُ
لِلناسِ ظُلماً وَلا لِلحَربِ إِدهانا
أَحمي حِمايَ بِأَعلى المَجدِ مَنزِلَتي
مِن خِندِفٍ وَالذُرى مِن قَيسِ عَيلانا
قالَ الخَليفَةُ وَالخِنزيرُ مُنهَزِمٌ
ما كُنتَ أَوَّلَ عَبدٍ مُحلِبٍ خانا
لقى الأُخَيطِلُ بِالجَولانِ فاقِرَةً
مِثلَ اِجتِداعِ القَوافي وَبرَ هِزّانا
يا خُزرَ تَغلِبَ ماذا بالُ نِسوَتِكُم
لا يَستَفِقنَ إِلى الدَيرَينِ تَحنانا
لَن تُدرِكوا المَجدَ أَو تَشروا عَباءَكُمُ
بِالخَزِّ أَو تَجعَلوا التَنّومَ ضَمرانا
قصيدة “طاف الخيال وأين منك لماماً”
طافَ الخَيالُ وَأَينَ مِنكَ لِماما
فَاِرجِع لِزَورِكَ بِالسَلامِ سَلاما
فَلَقَد أَنى لَكَ أَن تُوَدِّعَ خُلَّةً
فَنِيَت وَكانَ حِبالُها أَرماما
فَلَئِن صَدَرتَ لَتَصدُرَنَّ بِحاجَةٍ
وَلَئِن سُقيتَ لَطالَ ذا تَحواما
يا عَبدَ بَيبَةَ ما عَذيرُكَ مُحلِباً
لِتُصيبَ عُرَّةَ مُجرِبٍ وَتُلاما
نُبِّئتُ أَنَّ مُجاشِعاً قَد أَنكَروا
شَعَراً تَرادَفَ حاجِبَيهِ تُؤاما
يا ثَلطَ حامِضَةٍ تَرَوَّحَ أَهلُها
عَن ماسِطٍ وَتَنَدَّتِ القُلّاما
أُنبِئتُ أَنَّكَ يا اِبنَ وَردَةَ آلِفٌ
لِبَني حُدَيَّةَ مُقعَداً وَمُقاما
وَإِذا انتَحَيتُكُمُ جَميعاً كُنتُمُ
لا مُسلِمينَ وَلا عَلَيَّ كِراما
وَلَقَد لَقيتَ مَؤونَةً مِن حَربِنا
نَزَلَت عَلَيكَ وَأَلقَتِ الأَجراما
وَلَقَد أَصابَ بَني حُدَيَّةَ ناطِحٌ
وَلَقَد بُعِثتُ عَلى البَعيثِ غَراما
قصيدة “لمن طلل هاج الفؤاد المتيم”
لِمَن طَلَلٌ هاجَ الفُؤادَ المُتَيَّما
وَهَمَّ بِسَلمانينَ أَن يَتَكَلَّما
أَمَنزِلَتي هِندٍ بِناظِرَةَ اسلَما
وَما راجَعَ العِرفانَ إِلّا تَوَهُّما
وَقَد أَذِنَت هِندٌ حَبيباً لِتَصرِما
عَلى طولِ ما بَلّى بِهِندٍ وَهَيَّما
وَقَد كانَ مِن شَأنِ الغَوِيِّ ظَعائِنٌ
رَفَعنَ الكُسا وَالعَبقَرِيَّ المُرَقَّما
كَأَنَّ رُسومَ الدارِ ريشُ حَمامَةٍ
مَحاها البِلى فَاستَعجَمَت أَن تَكَلَّما
طَوى البَينُ أَسبابَ الوِصالِ
وَحاوَلَت بِكِنهِلَ أَسبابُ الهَوى أَن تَجَذَّما
كَأَنَّ جِمالَ الحَيِّ سُربِلنَ يانِعاً
مِنَ الوارِدِ البَطحاءَ مِن نَخلِ مَلهَما
سقيتِ دَمَ الحَيّاتِ ما بالُ زائِرٍ
يُلِمُّ فَيُعطى نائِلاً أَن يُكَلَّما
وَعَهدي بِهِندٍ وَالشَبابُ كَأَنَّهُ
عَسيبٌ نَما في رَيَّةٍ فَتَقَوَّما
بِهِندٍ وَهِندٌ هَمُّهُ غَيرَ أَنَّها
تَرى البُخلَ وَالعِلّاتِ في الوَعدِ مَغنَما
لَقَد عَلِقَت بِالنَفسِ مِنها عَلائِقٌ
أَبَت طولَ هَذا الدَهرِ أَن تَتَصَرَّما
دَعَتكَ لَها أَسبابُ طولِ بَلِيَّةٍ
وَوَجدٌ بِها هاجَ الحَديثَ المُكَتَّما
عَلى حينِ أَن وَلّى الشَبابُ لِشَأنِهِ
وَأَصبَحَ بِالشَيبِ المُحيلِ تَعَمَّما
أَلا لَيتَ هَذا الجَهلَ عَنّا تَصَرَّما
وَأَحدَثَ حِلماً قَلبُهُ فَتَحَلَّما
أُنيخَت رِكابي بِالأَحِزَّةِ بَعدَما
خَبَطنَ بِحَورانَ السَريحَ المُخَدَّما
وَأُدني وِسادي مِن ذِراعِ شِمِلَّةٍ
وَأَترُكُ عاجاً قَد عَلِمتِ وَمِعصَما
وَعاوٍ عَوى مِن غَيرِ شَيءٍ رَمَيتُهُ
بِقارِعَةٍ أَنفاذُها تَقطُرُ الدَما
وَإِنّي لَقَوّالٌ لِكُلِّ غَريبَةٍ
وَرودٍ إِذا الساري بِلَيلٍ تَرَنَّما
خَروجٍ بِأَفواهِ الرُواةِ كَأَنَّها
قَرا هُندُوانِيٍّ إِذا هُزَّ صَمَّما
فَإِنّي لَهاجيهِم بِكُلِّ غَريبَةٍ
شَرودٍ إِذا الساري بِلَيلٍ تَرَنَّما
غَرائِبَ أُلّافاً إِذا حانَ وِردُها
أَخَذنَ طَريقاً لِلقَصائِدِ مَعلَما
لَعَمري لَقَد جارى دَعِيُّ مُجاشِعٍ
عَذوماً عَلى طولِ المُجاراةِ مِرجَما
قصيدة “ألا أَيُّها القَلبُ”
أَلا أَيُّها القَلبُ الطَروبُ المُكَلَّفُ
أَفِق رُبَّما يَنأى هَواكَ وَيُسعِفُ
ظَلِلتَ وَقَد خَبَّرتَ أَن لَستَ جازِعاً
لِرَبعٍ بِسَلمانينَ عَينُكَ تَذرِفُ
وَتَزعُمُ أَنَّ البَينَ لا يَشعَفُ الفَتى
Bَلى مِثلَ بَيني يَومَ لُبنانَ يَشعَفُ
وَطالَ حِذاري غُربَةَ البَينِ وَالنَوى
وَأُحدوثَةٌ مِن كاشِحٍ يَتَقَوَّفُ
وَلَو عَلِمَت عِلمي أُمامَةُ كَذَّبَت
مَقالَةَ مَن يَنعى عَلَيَّ وَيَعنُفُ
بِأَهلِيَ أَهلُ الدارِ إِذ يَسكُنونَها
وَجادَكِ مِن دارٍ رَبيعٌ وَصَيِّفُ
سَمِعتُ الحَمامَ الوُرقَ في رَونَقِ الضُحى
بِذي السِدرِ مِن وادي المَراضَينِ تَهتِفُ
نَظَرتُ وَرائي نَظرَةً قادَها الهَوى
وَأُلحي المَهارى يَومَ عُسفانَ تَرجُفُ
تَرى العِرمِسَ الوَجناءَ يَدمى أَظَلُها
وَتُحذى نِعالاً وَالمَناسِمُ رُعَّفُ
مَدَدنا لِذاتِ البَغيِ حَتّى تَقَطَّعَت
أَزابِيُّها وَالشَدقَمِيُّ المُعَلَّفُ
ضَرَحنَ حَصى المَعزاءِ حَتّى عُيونُها
مُهَجِّجَةٌ أَبصارُهُنَّ وَذُرَّفُ
كَأَنَّ دِياراً بَينَ أَسنِمَةِ النَقا
وَبَينَ هَذاليلِ النَحيزَةِ مُصحَفُ
فَلَستُ بِناسٍ ما تَغَنَّت حَمامَةٌ
وَلا ما ثَوى بَينَ الجَناحَينِ زَفزَفُ
دِياراً مِنَ الحَيِّ الَّذينَ نُحِبُّهُم
زَمانَ القِرى وَالصارِخُ المُتَلَهِّفُ
هُمُ الحَيُّ يَربوعٌ تَعادى جِيادُهُم
عَلى الثَغرِ وَالكافونَ ما يُتَخَوَّفُ
عَلَيهِم مِنَ الماذِيِّ كُلُّ مُفاضَةٍ
دِلاصٍ لَها ذَيلٌ حَصينٌ وَرَفرَفُ
وَلا يَستَوي عَقرُ الكَزومِ بِصَوأَرٍ
وَذو التاجِ تَحتَ الرايَةِ المُتَسَيِّفُ
وَمَولى تَميمٍ حينَ يَأوي إِلَيهِمُ
وَإِن كانَ فيهِم ثَروَةُ العِزِّ مُنصِفُ
بَني مالِكٍ جاءَ القُيونُ بِمُقرِفٍ
إِلى سابِقٍ يَجري وَلا يَتَكَلَّفُ
وَما شَهِدَت يَومَ الإِيادِ مُجاشِعٌ
وَذا نَجَبٍ يَومَ الأَسِنَّةِ تَرعَفُ
فَوارِسُنا الحُوّاطُ وَالسَرحُ دونَهُم
وَأَردافُنا المَحبُوُّ وَالمُتَنَصَّفُ
لَقَد مُدَّ لِلقَينِ الرِهانُ فَرَدَّهُ
عَنِ المَجدِ عِرقٌ مِن قُفَيرَةَ مُقرِفُ
لَحى اللَهُ مَن يَنبو الحُسامُ بِكَفِّهِ
وَمَن يَلِجُ الماخورَ في الحِجلِ يَرسُفُ
تَرَفَّقتَ بِالكيرَينَ قَينَ مُجاشِعٍ
وَأَنتَ بِهَزِّ المَشرَفِيَّةِ أَعنَفُ
وَتُنكِرُ هَزَّ المَشرَفِيِّ يَمينُهُ
وَيَعرِفُ كَفَّيهِ الإِناءُ المُكَتَّفُ
وَلَو كُنتَ مِنّا يا اِبنَ شِعرَةَ ما نَبا
بِكَفَّيكَ مَصقولُ الحَديدَةِ مُرهَفُ
عَرَفتُم لَنا الغُرَّ السَوابِقَ قَبلَكُم
وَكانَ لِقَينَيكَ السُكَيتُ المُخَلَّفُ
نُعِضُّ المُلوكَ الدارِعينَ سُيوفُنا
وَدَفُّكَ مِن نَفّاخَةِ الكيرِ أَجنَفُ
أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ أَخزى مُجاشِعاً
إِذا ضَمَّ أَفواجَ الحَجيجِ المُعَرَّفُ
وَيَومَ مِنىً نادَت قُرَيشٌ بِغَدرِهِم
وَيَومَ الهَدايا في المَشاعِرِ عُكَّفُ
وَيُبغِضُ سِترُ البَيتِ آلَ مُجاشِعٍ
وَحُجّابُهُ وَالعابِدُ المُتَطَوِّفُ
وَكانَ حَديثَ الرَكبِ غَدرُ مُجاشِعٍ
إِذا اِنحَدَروا مِن نَخلَتَينِ وَأَوجَفوا
وَإِنَّ الحَوارِيَّ الَّذي غَرَّ حَبلُكُم
لَهُ البَدرُ كابٍ وَالكَواكِبُ كُسَّفُ
وَلَو في بَني سَعدٍ نَزَلتَ لَما عَصَت
عَوانِدُ في جَوفِ الحَوارِيِّ نُزَّفُ
فَلَستَ بِوافٍ بِالزُبَيرِ وَرَحلِهِ
وَلا أَنتَ بِالسيدانِ بِالحَقِّ تُنصِفُ
بَنو مِنقَرٍ جَرّوا فَتاةَ مُجاشِعٍ
وَشَدَّ اِبنُ ذَيّالٍ وَخَيلُكَ وُقَّفُ
فَباتَت تُنادي غالِباً وَكَأَنَّها
عَلى الرَضفِ مِن جَمرِ الكَوانينِ تُرضَفُ
وَهُم كَلَّفوها الرَملَ رَملَ مُعَبِّرٍ
تَقولُ أَهَذا مَشيُ حُردٍ تَلَقُّفُ
وَإِنّي لَتَبتَزُّ المُلوكَ فَوارِسي
إِذا غَرَّهُم ذو المِرجَلِ المُتَجَخِّفُ
أَلَم تَرَ تَيمٌ كَيفَ يَرمي مُجاشِعاً
شَديدُ حِبالِ المِنجَنيقَينِ مِقذَفُ
عَجِبتُ لِصِهرٍ ساقَكُم آلَ دِرهَمٍ
إِلى صِهرِ أَقوامٍ يُلامُ وَيُصلَفُ
لَئيمانِ هاذي يَدَّعيها اِبنُ دِرهَمٍ
وَهاذا اِبنُ قَينٍ جِلدُهُ يَتَوَسَّفُ
وَحالَفتُمُ لِلُؤمِ يا آلَ دِرهَمٍ
حِلافَ النَصارى دينَ مَن يَتَحَنَّفُ
أَتَمدَحُ سَعداً حينَ أَخزَت مُجاشِعاً
عَقيرَةُ سَعدٍ وَالخِباءُ مُكَشَّفُ
نَفاكَ حَجيجُ البَيتِ عَن كُلِّ مَشعَرٍ
كَما رُدَّ ذو النُمِّيَّتَينِ المُزَيَّفُ
وَما زِلتَ مَوقوفاً عَلى بابِ سَوءَةٍ
وَأَنتَ بِدارِ المُخزِياتِ مُوَقَّفُ
أَلُؤماً وَإِقراراً عَلى كُلِّ سَوءَةٍ
فَما لِلمَخازي عَن قُفَيرَةَ مَصرَفُ
أَلَم تَرَ أَنَّ النَبعَ يَصلُبُ عودُهُ
وَلا يَستَوي وَالخِروَعُ المُتَقَصِّفُ
وَمَا يَحمَدُ الرَضيافُ رِفدَ مُجاشِعٍ
إِذا رَوَّحَت حَنانَةُ الريحِ حَرجَفُ
إِذا الشَولُ راحَت وَالقَريعُ أَمامَها
وَهُنَّ ضَئيلاتُ العَرائِكِ شُسَّفُ
وَقائِلَةٍ ما لِلفَرَزدَقِ لا يُرى
عَلى السِنِّ يَستَغني وَلا يَتَعَفَّفُ
يَقولونَ كَلّا لَيسَ لِلقَينِ غالِبٌ
بَلى إِنَّ ضَربَ القَينِ بِالقَينِ يُعرَفُ
أَخو اللُؤمِ ما دامَ الغَضا حَولَ عَجلَزٍ
وَما دامَ يُسقى في رَمادانَ أَحقَفُ
إِذا ذُقتَ مِنّي طَعمَ حَربٍ مَريرَةٍ
عَطَفتُ عَلَيكَ الحَربَ وَالحَربُ تُعطَفُ
تَروغُ وَقَد أَخزَوكَ في كُلِّ مَوطِنٍ
كَما راغَ قِردُ الحَرَّةِ المُتَخَذَّفُ
أَتَعدِلُ كَهفاً لا تُرامُ حُصونُهُ
بِهاري المَراقي جولُهُ يَتَقَصَّفُ
تَحوطُ تَميمٌ مَن يَحوطُ حِماهُمُ
وَيَحمي تَميماً مَن لَهُ ذاكَ يُعرَفُ
أَنا اِبنُ أَبي سَعدٍ وَعَمروٍ وَمالِكٍ
أَنا اِبنُ صَميمٍ لا وَشيظٍ تَحَلَّفوا
إِذا خَطَرَت عَمروٌ وَرائي وَأَصبَحَت
قُرومُ بَني بَدرٍ تَسامى وَتَصرِفُ
وَلَم أَنسَ مِن سَعدٍ بِقُصوانَ مَشهَداً
وَبِالأُدَمى ما دامَتِ العَينُ تَطرِفُ
وَسَعدٌ إِذا صاحَ العَدُوُّ بِسَرحِهِم
أَبَوا أَن يُهَدَّوا لِلصِياحِ فَأَزحَفوا
دِيارُ بَني سَعدٍ وَلا سَعدَ بَعدَهُم
عَفَت غَيرَ أَنقاءِ بِيَبرينَ تَعزِفُ
إِذا نَزَلَت أَسلافُ سَعدٍ بِلَادَها
وَأَثقالُ سَعدٍ ظَلَّتِ الأَرضُ تَرجُفُ