قصيدة: لكل همٍّ من الهموم سعة
- يقول الشاعر الأضبط السعدي:
لكل همٍّ من الهموم سعة
والمسيُّ والصبحُ لا فلاح معه
ما بالُ من سرَّهُ مصابُك لا
يملك شيئاً من أمره وزعَه
أذود عن حوضه ويدفعني
يا قومِ من عاذري من الخدعة
حتى إذا ما انجَلَت عمَيَّتُهُ
أقبل يلحقُ ولهُ فجعَه
قد يجمع المالَ غير آكِلِهِ
ويأكل المالَ غير من جمعَه
ويقطع الثوبَ غير لابِسِهِ
ويلبس الثوبَ غير من قطعَه
فاقبل من الدهر ما أتاكَ به
من قرَّ عيناً بمعيشته نفعَه
واصل حبال البعيد إن وصلَ ال
حبل واقصِ القريب إن قطعَه
ولا تَهِن الفقيرَ عَلكَ أن
ترقَعَ يوماً والدهر قد رفعَه
قصيدة: لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب
- يقول الشاعر عنترة بن شداد:
لا يحمل الحقدَ من تعلو به الرتبُ
ولا ينالُ العُلا من طبعُهُ الغضبُ
ومن يكن عبدَ قومٍ لا يُخالِفُهُم
إذا جفوهُ ويسترضي إذا عتبوا
قد كنتُ فيما مضى أرعى جمالهمُ
واليومَ أُحمي حِماهم كلما نُكِبوا
لله درُّ بني عَبسٍ لقد نسلوا
من الأكارمِ ما قد تَنسُلُ العَربُ
لئن يعيبوا سوادي فهو لي نَسبٌ
يوم النزال إذا ما فاتني النسبُ
إن كنتَ تعلمُ يا نُعمانُ أن يدي
قصيرةٌ عنك فالأيامُ تنقلبُ
اليومَ تعلمُ يا نُعمانُ أيَ فتىً
يلقى أخاكَ الذي قد غرَّهُ العُصَبُ
إن الأفاعي وإن لانت ملامسُها
عند التقلُّبِ في أنيابِها العَطبُ
فَتىً يخوضُ غمارَ الحربِ مبتسماً
وينثني وسِنَانُ الرمحِ مُختضبُ
إن سلَّ صارمَهُ سالت مضارِبُهُ
وأشرَقَ الجوُّ وانشَقّت لهُ الحُجبُ
والخيلُ تشهدُ لي أني أُكَفكفُه
والطعنُ مثلُ شرارِ النارِ يَلتهبُ
إذا التقيتَ الأعادِي يومَ معركةٍ
تركتُ جمعَهُم المغرور يُنتَهَبُ
ليَ النفوسُ وللطيرِ اللحومُ ولل
وحشِ العظامُ وللخيالة السلبُ
لا أَبْعدَ اللهُ عن عيني غطارِفةً
إنساً إذا نزلوا جنّاً إذا ركبوا
أسودُ غابٍ ولكن لا نيوبَ لهم
إلا الأَسِنَّةُ والهِنْديَّةُ القُضُبُ
تحدو بهم أعوجياتٌ مضمَّرةٌ
مثل السَراحينِ في أعناقِها القَبابُ
ما زِلتُ ألقى صُدورَ الخيلِ مُندفِق
بالطعنِ حتى يضجَّ السَرجُ واللَبَبُ
فالعُميُ لو كانَ في أَجفانِهِم نَظَرُوا
والخُرسُ لو كان في أفواهِهِم خطبُوا
والنقعُ يومَ طِرادِ الخيلِ يَشهدُ لي
والضربُ والطعنُ والأقلامُ والكتبُ
قصيدة: وللموت خيرٌ للفَتى من حياته
- يقول الشاعر المثقب العبدي:
وللموت خيرٌ للفَتى من حياته
إذا لم يثِب للأمر إلا بقائدِ
فَعالج جسيماتِ الأمورِ ولا تكن
هبيتَ الفؤاد همُّه للوسائدِ
إذا الريحُ جاءت بالجَهام تَشُلُّهُ
هذا ليلهُ شَلَّ القلاصِ الطرائدِ
وأعقبَ نَوءَ المِرزَمَيْنِ بغُبرَةٍ
وقطرٍ قليلِ الماءِ بالليلِ بارِدِ
كفى حاجةَ الأضيافِ حتّى يُريحَها
عن الحيِّ منّا كلُّ أروعَ ماجدِ
ترَاهُ بتفريجِ الأمورِ ولَفِّها
لما نالَ من معروفِها غيرَ زاهِدِ
وليسَ أخونا عند شرٍّ يخافهُ
ولا عند خيرٍ إن رجاوه بواحِدِ
إذا قيلَ من للمُعضلاتِ أجبَهُ
عظامُ اللُهى منّا طوالُ السَواعدِ
أجمل أشعار الحكمة للشاعر النابغة الذبياني
- يقول الشاعر:
واستبقِ ودَّكَ للصديقِ ولا تكن
قتبا يَعَضُّ بغاربٍ مِلحاحا
فالرفقُ يُمنٌ والأناةُ سعادةٌ
فتأنَّ في رفقٍ تنالُ نجاحا
واليأسُ مما فات يُعقِبُ راحةً
ولربَّ مطعمةٍ تعودُ ذبحَا
يَعِدُ ابنَ جَفنَةَ وابنَ هاتِكِ عَرشِهِ
والحارِثَينِ بأن يزيدَ فلاحَاتٍ
ولقد رأى أن الذي هوَ غالهُم
قد غالَ حِميَرَ قيلَها الصبَّاحا
والتُبعَينِ وذا نؤاسٍ غدوَةً
وعلا أذينةَ سالبَ الأرواحا
- ويقول أيضاً:
من يطلبِ الدهرُ تُدركهُ مخالبُهُ
والدهرُ بالوترِ ناجٍ غيرُ مطلوبِ
ما من أُناسٍ ذوي مجدٍ ومكرمةٍ
إلا يشدُّ عليهم شدَّةَ الذيبِ
حتى يُبيدَ على عمدٍ سَراتِهِمُ
بالنافذاتِ منَ النبلِ المصائبِ
إني وجدتُ سهامَ الموتِ مُعرِضَةً
بكلِّ حتفٍ منَ الآجالِ مكتوبِ
- ويقول أيضاً:
المَرءُ يأمُلُ أن يعيشَ
وطولُ عيشٍ قد يضرُّه
تفنى بشاشَتُهُ ويبقى
بعد حُلوِ العيش مُرُّه
وتَخونُهُ الأيامُ حتى
لا يرى شيئاً يُسُرُّه
كم شامِتٍ بي إن هلكتُ
وقائلٍ للهِ دَرُّه
- ويقول أيضاً:
تعصي الإله وأنت تُظهرُ حبَّهُ
هذا لعمرُك في المقالِ بديعُ
لو كنتَ تَصدُقُ حبَّهُ لأطَعْتهُ
إن المحبَّ لمن يُحبُّ مُطيعُ
قصائد حكمة للشاعر السموأل
- يقول الشاعر :
إن امرأً أمنَ الحوادث جاهلٌ
يرجو الخلودَ كضارِبٍ بقِداحِ
من بعدِ عاديِّ الدهورِ ومأربٍ
ومقاولٍ بيضِ الوجوهِ صباحِ
مَرَّت عليهم آفةٌ فَكأنَّها
عفَّت على آثارِهِم بمَتاحِ
يا ليتَ شعري حين أُندَبُ هالِكاً
ماذا تُؤبِّنُني بِهِ أنواحي
أيقولنَ لا تبعد فَرُبَّ كَريهَةٍ
فرَّجتُها بشَجاعَةٍ وسماحِ
ومغيرةٍ شعواءَ يُخشى دَرؤُها
يوماً رَدَدتُ سِلاحَها بسلاحي
ولَرُبَّ مشعلَةٍ يَشُبُّ وقودُها
أطفأتُ حَرَّ رِماحِها برماحي
وكتيبةٍ أدنَيتُها لكتيبةٍ
ومُضاغِنٍ صَبَّحتُ شَرَّ صباحِ
وإذا عمدتُ لصخرةٍ أسهَلتُها
أَدعو بأفلح مَرَّةً ورباحِ
لا تَبْعَدَنَّ فكلُّ حيٍّ هالكٌ
لا بدَّ مِن تَلَفٍ فَبِن بفلاحِ
إن امرأً أمنَ الحوادث جاهلاً
ورجا الخلودَ كضاربٍ بقِداحِ
ولقد أخذتُ الحقَّ غير مُخاصمٍ
ولقد بذلتُ الحقَّ غير مُلاحِ
ولقد ضربتُ بفضلِ مالِيَ حقَّهُ
عند الشتاءِ وهبَّةِ الأرواحِ
- ويقول أيضاً:
إذا المرءُ لم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ
فكلُّ رداءٍ يرتديهِ جميلُ
وإن هو لم يحمل على النفسِ ضَيمَها
فليسَ إلى حسنِ الثناءِ سبيلُ
تُعيِّرُنا أنّا قليلٌ عديدُنا
فقلتُ لها إنَّ الكِرامَ قليلُ
وما قَلَّ مَن كانت بقاياهُ مثلَنا
شبابٌ تَسامى للعُلى وكهولُ
وما ضَرَّنا أنَّا قليلٌ وجارُنا
عزيزٌ وجارُ الأكَثَرينَ ذليلُ
لنا جبلٌ يَحتَلُّه من نُجيرُهُ
مَنيعٌ يَرُدُّ الطَرفَ وَهوَ كليلُ
رَسا أصلُه تحتَ الثَرى وسما به
إلى النجمِ فَرعٌ لا يُنالُ طويلُ
هو الأبلقُ الفردُ الذي شاعَ ذِكرُهُ
يَعِزُّ على مَن رامَهُ وَيَطولُ
وإنّا لقومٌ لا نرى القَتلَ سُبَّةً
إذا ما رَأَتْهُ عامِرٌ وسلولُ
يُقرِّبُ حُبُّ الموتِ آجالَنا لنا
وتكرهُهُ آجالُهُم فَتَطولُ
وما ماتَ مِنّا سيدٌ حتفَ أنفِهِ
ولا طُلَّ مِنّا حَيثُ كانَ قتيلُ
تسيلُ على حَدِّ الظُباتِ نفوسُنا
وليسَت على غَيْرِ الظُباتِ تَسيلُ
صفَونا فلم نَكدِر وأخلصَ سرَّنا
إناثٌ أطيبَت حملَنا وفُحولُ
علونا إلى خيرِ الظُهور وحطَّنا
لوَقتٍ إلى خيرِ البُطونِ نُزُولُ
فنحنُ كماء المزن ما في نِصابِنا
كَهامٌ ولا فينا يُعَدُّ بَخيلُ
ونُنكر إن شئنا على الناسِ قولَهُم
ولا يُنكِرونَ القولَ حينَ نقولُ
إذا سيدٌ مِنّا خَلا قامَ سيدٌ
قَوُولٌ لما قالَ الكرامُ فعالُ
وما أُخمِدَت نارٌ لنا دونَ طارِقٍ
ولا ذَمَّنا في النازلين نَزيلُ
وأيامُنا مشهورةٌ في عَدُونا
لَها غُرَرٌ معلومَةٌ وحُجولُ
وأسيافُنا في كلِّ شرقٍ ومغربٍ
بها من قراعِ الدارعين فُلولُ
مُعَوَّدَةٌ أَلّا تُسَلَّ نِصالُها
فتُغمَدَ حتّى يُستَباحَ قَبيلُ
سَلِي إن جَهِلتِ الناسَ عَنا وعَنهُمُ
فليسَ سَواءً عالِمٌ وجهولُ
فإنَّ بني الرَيّان قَطبٌ لقومهِم
تَدورُ رحاهُم حولَهُم وتَجولُ
فنحنُ كماء المزن ما في نِصابِنا
كَهامٌ ولا فينا يُعَدُّ بَخيلُ
ونُنكر إن شئنا على الناسِ قولَهُم
ولا يُنكِرونَ القولَ حينَ نقولُ
إذا سيدٌ مِنّا خَلا قامَ سيدٌ
قَوُولٌ لما قالَ الكرامُ فعالُ
وما أُخمِدَت نارٌ لنا دونَ طارِقٍ
ولا ذَمَّنا في النازلين نَزيلُ
وأيامُنا مشهورةٌ في عَدُونا
لَها غُرَرٌ معلومَةٌ وحُجولُ
وأسيافُنا في كلِّ شرقٍ ومغربٍ
بها من قراعِ الدارعين فُلولُ
مُعَوَّدَةٌ أَلّا تُسَلَّ نِصالُها
فتُغمَدَ حتّى يُستَباحَ قَبيلُ
سَلِي إن جَهِلتِ الناسَ عَنّا وعَنهُمُ
فليسَ سَواءً عالِمٌ وَجَهولُ
فإنَّ بَني الرَيّانِ قَطبٌ لِقَوْمِهِم
تَدورُ رَحاهُم حَولَهُم وَتَجولُ