قصيدة كما الهوى يأتي العتاب
يقول أحمد شوقي:
على قدرِ الهوى يأتي العِتابُ
ومَنْ عاتبتُ يَفْديِه الصِّحابُ
ألوم معذِّبي، فألومُ نفسي
فأُغضِبها ويرضيها العذاب
ولو أنَي استطعتُ لتبتُ عنه
ولكنْ كيف عن روحي المتاب؟
ولي قلب بأَن يهْوَى يُجَازَى
ومالِكُه بأن يَجْنِي يُثاب
ولو وُجد العِقابُ فعلتُ، لك
نفارُ الظَّبي ليس له عِقاب
يلوم اللائمون وما رأَوْه
وقِدْماً ضاع في الناس الصُّواب
صَحَوْتُ، فأَنكر السُّلْوان قلبي
عليّ، وراجع الطَّرَب الشباب
كأنّ يد الغرامَِ زمامُ قلبي
فليس عليه دون هَوىً حِجاب
كآني والهوى أَخَوا مُدامٍ
لنا عهدٌ بها، ولنا اصطحاب
إذا ما اغتَضْتُ عن عشقٍ يعشق
أُعيدَ العهدُ، وامتد الشَّراب
قصيدة يعاتبني في الدين قومي وإنما
يقول محمد الكندي:
يُعاتِبُني في الدينِ قَومي وَإِنَّما
دُيونيَ في أَشياءَ تُكسِبُهُم حَمدا
أَلَم يَرَ قَومي كَيفَ أوسِرَ مَرَّة
وَأُعسِرُ حَتّى تَبلُغَ العُسرَةُ الجَهدا
فَما زادَني الإِقتارُ مِنهُم تَقَرُّباً
وَلا زادَني فَضلُ الغِنى مِنهُم بُعدا
أَسُدُّ بِهِ ما قَد أَخَلّوا وَضَيَّعوا
ثُغورَ حُقوقٍ ما أَطاقوا لَها سَدّا
وَفي جَفنَةٍ ما يُغلَق البابُ دونها
مُكلَّلةٍ لَحماً مُدَفِّقةٍ ثَردا
وَفي فَرَسٍ نَهدٍ عَتيقٍ جَعَلتُهُ
حِجاباً لِبَيتي ثَم أَخدَمتُه عَبدا
وَإِن الَّذي بَيني وَبَين بَني أَبي
وَبَينَ بَني عَمّي لَمُختَلِفُ جِدّا
أَراهُم إِلى نَصري بِطاءً وَإِن هُمُ
دَعَوني إِلى نَصِرٍ أَتيتُهُم شَدّا
فَإِن يَأكُلوا لَحمي وَفَرتُ لحومَهُم
وَإِن يَهدِموا مَجدي بنيتُ لَهُم مَجدا
وَإِن ضَيَّعوا غيبي حَفظتُ غيوبَهُم
وَإِن هُم هَوَوا غَييِّ هَوَيتُ لَهُم رُشدا
وَلَيسوا إِلى نَصري سِراعاً وَإِن هُمُ
دَعوني إِلى نَصيرٍ أَتَيتُهُم شَدّا
وَإِن زَجَروا طَيراً بِنَحسٍ تَمرُّ بي
زَجَرتُ لَهُم طَيراً تَمُرُّ بِهِم سَعدا
وَإِن هَبطوا غوراً لِأَمرٍ يَسؤني
طَلَعتُ لَهُم ما يَسُرُّهُمُ نَجدا
فَإِن قَدحوا لي نارَ زندٍ يَشينُني
قَدَحتُ لَهُم في نار مكرُمةٍ زَندا
قصيدة يا طاردًا بالهجر لهوي
يقول الساعاتي:
يا طارداً بالهجر لهوي
أسرفت في صلفٍ وزهوْ
وذهبتَ لا تحنو على
دنفٍ ولا ترثي لنضو
ملآن من شوقٍ ومن
سهرٍ إلى وسنان خلو
وتل تضحك كلما
أسخطتني فبكيت شجوي
ويزيد في ظمأي وما
ء الدمع ماءٌ غير مُروي
فإذا حلفت على الوصا
ل فنيةٌ قُرنتْ بلغْو
هي شيمة الأيام في الح
الين من كدرٍ وصفو
أمررتَ عيشي كله
فاسمح بيوم منه حلو
وغضبتَ إي أني بحب
بك مذنبٌ فامنن بعفو
فالدمع للعدوان لا
ينفكُّ من جيٍ وعدو
وإذا ونت منه السوابق
حثَّ من نفسي بحدو
مزَّقت صبري كلَّهُ
فمتى تلافاهُ برفو
قصيدة كل له هواك يطيب
يقول ابن زهر الإشبيلي:
كُلٌّ لَهُ هَواكَ يَطيبُ
أَنا وَعاذِلي وَالرَقيبُ
أَما أَنا فَحَيثُ تَشاءُ
هَجرٌ وَلَوعَةٌ وَعَناءُ
يا وَيلَتاه مِمّا أَساءُ
قَتَلتَني وَأَنتَ الطَبيبُ
فَأَنتَ لي عَدُوٌّ حَبيبُ
لِله عَيشي ما أَمَرّا
لَقَد شَقيتُ سِرّاً وَجَهرا
دَمعي جَرى فَصارَ بَحرا
وَاِستَبطَنَ الضُلوعَ لَهيبُ
ذابَت بِحرِّهِ وَتُذيبُ
ما لي بِمُقلَتَيكَ حَويلُ
وَلا إِلى رِضاكَ سَبيلُ
يا مَن يَحولُ فيما يَقولُ
أَشكو النَوى وَأَنتَ قَريبُ
أَمرٌ كَما تَراهُ عَجيبُ
لَم يَدرِ عاذِلي وَرَقيبي
أَنَّ الهَوى أَخَفُّ ذُنوبي
وَأَنتَ يا عَذابَ القُلوبِ
كَم تَشتَكي إِلَيكَ القُلوبُ
وَأَنتَ مُعرِضٌ لا تُجِيبُ
قالَت سماكَ أَنتَ مَلولُ
فَقُلتُ وُدّكَ المُستَحيلُ
فَأَنشَد النَصوحُ يَقولُ
مَن خانَ حَبيب اللَه حَسيب
الله يعاقبهُ أَو يُثيب
قصيدة سعي العواذل
يقول جميل بن معمر:
أبثينَ، إنكِ ملكتِ فأسجحي
وخُذي بحظّكِ من كريمٍ واصلِ
فلربّ عارضةٍ علينا وصلَها
بالجدِ تخلطهُ بقولِ الهازلِ
فأجبتها بالرفقِ، بعدَ تستّرٍ
حُبّي بُثينةَ عن وصالكِ شاغلي
لو أنّ في قلبي، كقَدْرِ قُلامَة
فضلاً، وصلتكِ أو أتتكِ، رسائلي
ويقلنَ: إنكِ قد رضيتِ بباطل
منها فهل لكَ في اعتزالِ الباطلِ؟
ولَبَاطِلٌ، ممن أُحِبّ حَديثَه
أشهَى إليّ من البغِيضِ الباذِل
ليزلنَ عنكِ هوايّ، ثمَ يصلني
وإذا هَوِيتُ، فما هوايَ بزائِل
صادت فؤادي، يا بثينَ، حِبالُكم
يومَ الحَجونِ، وأخطأتكِ حبائلي
منّيتِني، فلوَيتِ ما منّيتِني
وجعلتِ عاجلَ ما وعدتِ كآجلِ
وتثاقلتْ لماّ رأتْ كلفي بها
أحببْ إليّ بذاكَ من متثاقلِ
وأطعتِ فيّ عواذلاً، فهجرتني
وعصيتُ فيكِ، وقد جَهَدنَ، عواذلي
حاولنني لأبتَّ حبلَ وصالكم
مني، ولستَ، وإن جهدنَ، بفاعلِ
فرددتهنّ، وقد سعينَ بهجركم
لماّ سعينَ له، بأفوقَ ناصلِ
يَعْضَضْنَ، من غَيْظٍ عليّ، أنامِلاً
ووددتُ لو يعضضنَ صمَّ جنادلِ
ويقلنَ إنكِ يا بثينَ، بخيلة
نفسي فداؤكِ من ضنينٍ باخلِ
قصيدة قولي لهم
يقول جورج جريس:
حبيبتي تقولُ عَن قلبي:ألا، ما أطيَبَهْ
ويقولُ بَعضُ الناسِ:صَلبٌ قلبُهُ،ما أصْلبَهْ
لكنَّني أرثي لقلبي،مِن زَمانٍ أتعَبَهْ!
تبكي الصُّخورُ الصُّمُّ مِنْ وَيلاتِهِ المُتعاقِبَةْ
وفصُولها المتغيّراتِ
الحاضِراتِ الغائبَة…
قارَعْتُ كلَّ النّائباتِ،فلم تَفُتني نائبَةْ
لكنَّ صبري والأناةُلها أصُولٌ ضَاربَةْ
لم أفقِدِ الأمَلَ الذي ما عِشْتُ أبقى طالبَهْ
فإذا قَضَيْتُ،وما وَصَلتُ،وما بلَغتُ مَراتِبَهْ،
قولي لهم حَبيبتي،ما لم أشا أنْ أكتُبَهْ،
قولي لهُم:قد راحَ يبحَثُ
عن قلوبٍ طيّبَةْ
قصيدة اسمعيني
يقول محمد عبده صالح:
يا من تملكين تاريخي وأسراري
يا من تخترقين جميع الحواجز
وتقتسمين عقلي وأفكاري
يا من تسكنين بصدري
وتسبحين في أوردتي
وتستريحين بين أحداقي
اسمعيني حتى لا يضيع الوقت
وتسقط كل أوراقي
ما زلت أهواكِ
يا من تملئين حياتي شوقاً
ما زالت الدنيا مرسومة في عيني
بنفس ملامحكِ الدقيقة جداً
ما زالت عيناكِ دفئ من الإعصار يحميني
ما زلت أنتِ الدنيا
وغيركِ فيها لا يعنيني
هل تسمعيني؟
يأكل أحلامي وأمنياتي
يا من تشعرين بنبضي وأنّاتي
يا من غيرتي مسار حياتي
يا من تحركين مشاعري
وتحفظين كل اتجاهاتي
أنتِ
يا أيتها البطلة الأسطورية
لكل قصصي وخيالاتي
يا من تشرق الشمس من بين كفي
ما زلت أحتاج إليكِ
وما زال يدفعني إليكِ حنيني
فهل تسمعيني؟
قصيدة استريحي
يقول أمل دنقل:
استريحي
ليس للدور بقيّة
انتهت كلّ فصول المسرحيّة
فامسحي زيف المساحيق
ولا ترتدي تلك المسوح المرميّة
واكشفي البسمة عمّا تحته
من حنين واشتهاء وخطيّة
كنت يومًا فتنة قدسّتها
كنت يومًا
ظمأ القلب وريّه
لم تكوني أبدًا لي
إنّما كنت للحبّ الذي من سنتين
قطف التفارحتين
ثمّ ألقى
ببقايا القشرتين
وبكى قلبك حزنًا
فغدا دمعة حمراء
بين الرئتين
وأنا قلبي منديل هوى
جففت عيناك فيه دمعتين
ومحت فيه طلاء الشّفتين
ولوته في ارتعاشات اليدين
كان ماضيك جدار فاصلًا بيننا
كان ضلالًا شبحيّه
فاستريحي
ليس للدور بقيّة
أينما نحن جلسنا
ارتسمت صورة الآخر في الركن القصيّ
كنت تخشين من اللّمسة
أن تمحي لمسته في راحتكِ
وأحاديثك في الهمس معي
إنّما كانت إليه ..لا إليّ
فاستريحي
لم يبق سوى حيرة السير على المفترق
كيف أقصيك عن النار
وفي صدرك الرغبة أن تحترقي
كيف أدنيك من النهرو
وفي قلبك الخوف وذكرى الغارق
أنا أحببتك حقًّا
إنّما لست أدري
أنا أم أنت الضحيّة
فاستريحي ليس للدور بقيّة
قصيدة أَقِلّي اللَومَ عاذِلَ وَالعِتابا
يقول جرير:
أَقِلّي اللَومَ عاذِلَ وَالعِتابا
وَقولي إِن أَصَبتُ لَقَد أَصابا
أَجَدِّكَ ما تَذَكَّرُ أَهلَ نَجدٍ
وَحَيّاً طالَ ما اِنتَظَروا الإِيابا
بَلى فَاِرفَضَّ دَمعُكَ غَيرَ نَزرٍ
كَما عَيَّنتَ بِالسَرَبِ الطِبابا
وَهاجَ البَرقُ لَيلَةَ أَذرِعاتٍ
هَوىً ما تَستَطيعُ لَهُ طِلابَ
فَقُلتُ بِحاجَةٍ وَطَوَيتُ أُخرى
فَهاجَ عَلَيَّ بَينَهُما اِكتِئابا
وَوَجدٍ قَد طَوَيتُ يَكادُ مِنهُ
ضَميرُ القَلبِ يَلتَهِبُ اِلتِهابا
سَأَلناها الشِفاءَ فَما شَفَتنا
وَمَنَّتنا المَواعِدَ وَالخِلابا
لَشَتّانَ المُجاوِرُ دَيرَ أَروى
وَمَن سَكَنَ السَليلَةَ وَالجِنابا
أَسيلَةُ مَعقِدِ السِمطَينِ مِنها
وَرَيّا حَيثُ تَعتَقِدُ الحِقابا
وَلا تَمشي اللِئامُ لَها بِسِرٍّ
وَلا تُهدي لِجارَتِها السِبابا
أَباحَت أُمُّ حَزرَةَ مِن فُؤادي
شِعابَ الحُبِّ إِنَّ لَهُ شِعابا
مَتى أُذكَر بِخورِ بَني عِقالٍ
تَبَيَّنَ في وُجوهِهِمِ اِكتِئابا
إِذا لاقى بَنو وَقبانَ غَمّاً
شَدَدتُ عَلى أُنوفِهِمِ العِصابا
أَبى لي ما مَضى لي في تَميمٍ
وَفي فَرعَي خُزَيمَةَ أَن أُعابا
سَتَعلَمُ مَن يَصيرُ أَبوهُ قَيناً
وَمَن عُرِفَت قَصائِدُهُ اِجتِلابا
أَثَعلَبَةَ الفَوارِسِ أَو رِياحاً
عَدَلتَ بِهِم طُهَيَّةَ وَالخِشابا
كَأَنَّ بَني طُهَيَّةَ رَهطَ سَلمى
كَفَينا ذا الجَريرَةِ وَالمُصابا
حَمَينا يَومَ ذي نَجَبٍ حِمانا
وَأَحرَزنا الصَنائِعَ وَالنِهابا
لَنا تَحتَ المَحامِلِ سابِغاتٌ
كَنَسجِ الريحِ تَطرِدُ الحَبابا
وَذي تاجٍ لَهُ خَرَزاتُ مُلكٍ
سَلَبناهُ السُرادِقَ وَالحِجابَ
أَلا قَبَحَ الإِلَهُ بَني عِقالٍ
وَزادَهُمُ بِغَدرِهِمِ اِرتِيابا
أَجيرانَ الزُبَيرِ بَرِئتُ مِنكُم
فَأَلقوا السَيفَ وَاِتَّخِذوا العِيابا
لَقَد غَرَّ القُيونُ دَماً كَريماً
وَرَحلاً ضاعَ فَاِنتُهِبَ اِنتِهابا
وَقَد قَعِسَت ظُهورُهُمُ بِخَيلٍ
تُجاذِبُهُم أَعِنَّتَها جِذابا
عَلامَ تَقاعَسونَ وَقَد دَعاكُم
أَهانَكُمُ الَّذي وَضَعَ الكِتابا
تَعَشّوا مِن خَزيرِهِمُ فَناموا
وَلَم تَهجَع قَرائِبُهُ اِنتِحابا
أَتَنسَونَ الزُبَيرَ وَرَهطَ عَوفٍ
وَجِعثِنَ بَعدَ أَعيَنَ وَالرَبابا
وَخورُ مُجاشِعٍ تَرَكوا لَقيطاً
وَقالوا حِنوَ عَينِكَ وَالغُرابَ
وَأَضبُعُ ذي مَعارِكَ قَد عَلِمتُم
لَقينَ بِجَنبِهِ العَجَبَ العُجابا
وَلا وَأَبيكَ ما لَهُم عُقولٌ
وَلا وُجِدَت مَكاسِرُهُم صِلابا
وَلَيلَةَ رَحرَحانِ تَرَكتَ شيباً
وَشُعثاً في بُيوتِكُمُ سِغابا
قصيدة اطوِ الصحيفة واتئد بعتابي
يقول مصطفى وهبي التل:
اطو الصحيفة واتئد بعتابي
ودع المشيب إليك ينع شبابي
أظننت نصف القرن لعبة لاعب
يلهو بحصب دواحل وكعاب
أو سيجة ما انفك يعمر سوقها
لهو الشيوخ ومتعة الشياب
يا لعنة الخمسين قدك إنني
ما زلت رغم ذكائه المتغابي
دنياي ما تنفك منتجع الهوى
في كل نجعة صبوة وتصابي
فعلى الذي يرضاه ضلعك فاربعي
وإذا استطعت فمزقيه حجابي
واستوضحي وادي الشتا وتلاعه
لم أخطأت أصمى السهام شعابي
تنبيك إني لم أشح عن خطتي
سنتاً وأن الحب ملء إهابي
والقلب ما ينفك رغمك خافقاً
بهوى المكحلة المطير صوابي
هي سنة الحب الذي زاولته
زمناً وزاوله معي أصحابي
فأنا إذن ما زلت من كوخي على
علاته سقماً ونضو شراب
أسقى وأشربها وإن لم تسقني
حسناء مثلك لا أَسيغ شرابي
قصيدة أَعاذِلَ قَد كَبُرتُ عَنِ العِتابِ
يقول أبو نواس:
أَعاذِلَ قَد كَبُرتُ عَنِ العِتابِ
وَبانَ الأَطيَبانِ مَعَ الشَبابِ
أَعاذِلَ عَنكِ مَعتَبَتي وَلَومي
فَمِثلي لا يُقَرَّعُ بِالعِتابِ
أَعاذِلَ لَيسَ إِطراقي لِعَيِّن
وَهَل مِثلي يَكِلُّ عَنِ الجَوابِ
وَلَكِنّي فَتىً أَفنَيتُ عُمري
بِأَطيَبِ ما يَكونُ مِنَ الشَرابِ
وَمَقدودٍ كَقَدِّ السَيفِ رَخصٍ
كَأَنَّ بِخَدِّهِ لَمعُ السَرابِ
صَفَفتُ عَلى يَدَيهِ ثُمَّ بِتنا
جَميعاً عارِيَينِ مِنَ الثِيابِ
ثَكَلتُ الظُرفَ وَالآدابَ إِن لَم
أُقِم لي حُجَّةً يَومَ الحِسابِ
قصيدة إلى كم عتاب دائم وعتاب
يقول ابن المقري:
إلى كم عتاب دائم وعتاب
ورسل وما يبدو إلي جواب
على غير ذنب كان مني هجركم
ولو كان ذنب كان منه متاب
هبوا لي لوجه الله ما في نفوسكم
عليى ففي جبر القلوب ثواب
ولا تسمعوا قول الوشاة فإنه
وحاشا كم أن تسمعوه كذاب
أرادوا عذابي في هواكم وفتنتي
وما الحب إلا فتنة وعذاب
بحقكم يا هاجرين تداركوا
عمارة جسمي اليوم فهو خراب
ولا تشمتوا بي عاذلين هجرتهم
على كونهم ذموا الغرام وعابوا
راوا ما أقاسي فيه فاستقبحو الهوى
لأجلي وقالوا الزهد فيه صواب
فيا من لصب لا تزال جفونه
تصب دموعًا بالدماء تشاب
وذى لوعة لا يعرف النوم جفنه
ولا اقتلعت للدمع منه سحاب
يسائل عنكم وهو يبدى تجلداً
وتصرعه الأشواق حين يجاب
فيا ليت شعري كيف يملك عقله
إذا جاءه ممن يحب كتاب
مساكين أهل الحب حتى عقولهم
يخاف عليها ضيعة وذهاب
محبتهم في كل يوم جديدة
وأحبابهم طول الزمان غضاب
وما حسبوه في الهوى جاء ناقصًا
فليس يفي للعاشقين حساب
فلو ألهموا رشدًا ولا ذوا بأحمد
لذل لهم صعب ولذ جناب
بذي الفتكات البيض والضيغم الذي
له البيض ظفر والعواسل ناب
صلاح البرايا الناصر الحق أحمد
إذا خذل الحق المبين صحاب
جواد إذا انهلت سحائب جوده
بدا لك شيء من نداه عجاب
ففي كل جزء من أنامل كفه
بحار من الاندا لهن عباب
أخو عزمة لا تتقى سطواتها
يصيب إذا ثارت وليس يصاب
وذو سطوات لا يبالى إذا عدا
ازمجر ليث أم أطن ذباب
خفى بذب الكيد يعمل رايه
فيمضى وهل يخطى الرمى شهاب
له فكر بين الغيوب يديرها
فيرفع ستر دونها وحجاب
له الراية البيضا يسير أمامها
من النصر والفتح المبين نصاب
له هزة عند المديح وضحكة
تباشيرها قبل الرعاب رعاب
فيا باسط المعروف يا من نواله
مناديه من أقصى المكان يجاب
إذا سد عن راجيك باب بداله
بفضلك باب لا يسد وباب
وعادتكم أن تجبروا من كسرتم
فيعتاض من معروفكم ويثاب
ولي فيك عما فوتوه إعاضة
وأنت لمثلي موئل ومآب
فكم حادث وافا دعوتكم له
ولانت خطوب منه وهي صعاب
فعش سالما مادامت الأرض غانما
لباسك فيها صحة وشباب
قصيدة نَسيتُ وَما أَنسى عِتاباً عَلى الصِدِّ
يقول المتنبي:
نَسيتُ وَما أَنسى عِتاباً عَلى الصِدِّ
وَلا خَفَراً زادَت بِهِ حُمرَةُ الخَدِّ
وَلا لَيلَةً قَصَّرتُها بِقَصورَةٍ
أَطالَت يَدي في جيدِها صُحبَةَ العِقدِ
وَمَن لي بِيَومٍ مِثلِ يَومٍ كَرِهتُهُ
قَرُبتُ بِهِ عِندَ الوَداعِ مِنَ البُعدِ
وَأَن لا يَخُصُّ الفَقدُ شَيئاً فَإِنَّني
فَقَدتُ فَلَم أَفقِد دُموعي وَلا وَجدي
تَمَنٍّ يَلَذُّ المُستَهامُ بِمِثلِهِ
وَإِن كانَ لا يُغني فَتيلاً وَلا يُجدي
وَغَيظٌ عَلى الأَيّامِ كَالنارِ في الحَشا
وَلَكِنَّهُ غَيظُ الأَسيرِ عَلى القِدِّ
فَإِمّا تَريني لا أُقيمُ بِبَلدَةٍ
فَآفَةِ غِمدي في دُلوقي وَفي حَدّي
يَحُلُّ القَنا يَومَ الطِعانِ بِعَقوَتي
فَأَحرِمُهُ عِرضي وَأُطعِمُهُ جِلدي
تُبَدِّلِ أَيّامي وَعَيشي وَمَنزِلي
Nجائِبُ لا يُفكِرنَ في النَحسِ وَالسَعدِ
وَأَوجُهُ فِتيانٍ حَياءً تَلَثَّموا
عَلَيهِنَّ لا خَوفاً مِنَ الحَرِّ وَالبَردِ
وَلَيسَ حَياءُ الوَجهِ في الذِئبِ شيمَةً
وَلَكِنَّهُ مِن شيمَةِ الأَسَدِ الوَردِ
إِذا لَم تُجِزهُم دارَ قَومٍ مَوَدَّةٌ
أَجازَ القَنا وَالخَوفُ خَيرٌ مِنَ الوُدِّ
يَحيدونَ عَن هَزلِ المُلوكِ إِلى الَّذي
تَوَفَّرَ مِن بَينَ المُلوكِ عَلى الجِدِّ
وَمَن يَصحَبِ اِسمَ اِبنِ العَميدِ مُحَمَّدٍ
يَسِر بَينَ أَنيابِ الأَساوِدِ وَالأُسدِ
يَمُرُّ مِنَ السُمِّ الوَحِيِّ بِعاجِزٍ
وَتَعبُرُ مِن أَفواهِهِنَّ عَلى دُردِ
كَفانا الرَبيع العيسَ مِن بَرَكاتِهِ
فَجاءَتهُ لَم تَسمَع حُداءً سِوى الرَعدِ
إِذا ما اِستَجَبنَ الماءَ يَعرِضُ نَفسَهُ
كَرِعنَ بِسَبتٍ في إِناءٍ مِنَ الوَردِ
كَأَنّا أَرادَت شُكرَنا الأَرضُ عِندَهُ
فَلَم يُخلِنا جَوٌّ هَبَطناهُ مِن رِفدِ