ثَنَى الله سبحانه وتعالى على الذين يقرؤون القرآن في كتابه الكريم، كما ورد في قوله: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ* لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ).
في هذا المقال عبر موقع مقال maqall.net، سوف نلقي الضوء على آداب طالب العلم مع القرآن الكريم.
آداب طالب العلم مع القرآن الكريم
إن على طالب العلم أن يتمتع بصفات وأخلاق نبيلة، وأن يتعلم آداب القرآن الكريم. وفيما يلي نستعرض أبرز تلك الآداب:
الإخلاص في التلاوة
- حذر النبي صلى الله عليه وسلم من قراءة القرآن بنية المظاهر، حيث سيتضح ذلك في يوم القيامة، مثلما جاء في حديثه: “إنَّ أوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَومَ القِيامَةِ عليه رَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ، وعَلَّمَهُ وقَرَأَ القُرْآنَ، فَأُتِيَ به فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها، فقالَ: فَما عَمِلْتَ فيها؟ قالَ: تَعَلَّمْتُ العِلْمَ، وعَلَّمْتُهُ وقَرَأتُ فِيكَ القُرْآنَ. قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ العِلْمَ لِيُقالَ: عالِمٌ، فَقَدْ قيلَ، ثمَّ أُمِرَ به فَسُحِبَ علَى وجْهِهِ حتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ”.
إتقان قراءة القرآن
- قال تعالى: “وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً”، وكذلك ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- “مَثَلُ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ وهو حافِظٌ له، مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ، ومَثَلُ الذي يَقْرَأُ وهو يَتَعاهَدُهُ، وهو عليه شَدِيدٌ؛ فَلَهُ أجْرانِ”.
اتباع العمل بالقرآن
- يتعين على طالب العلم العمل بما تحتويه آيات القرآن، حيث قال صلى الله عليه وسلم:
- “من قرأ القُرْآنَ وعَمِلَ بما فيه؛ أُلبِسَ والداه تاجًا يومَ القيامةِ ضَوءُه أحسنُ من ضوءِ الشمسِ في بُيوتِ الدُّنيا، لو كانت فيكم فما ظنُّكم بالذي عَمِلَ بهذا”.
ختم القرآن في سبعة أيام
- من أصول آداب طالب العلم أن ينهي قراءة القرآن خلال أسبوع، وأن لا يزيد عن ذلك، وذلك وفقًا لقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر رضي الله عنه:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اقْرَإِ القُرْآنَ في شَهْرٍ قُلتُ: إنِّي أجِدُ قُوَّةً حتَّى قالَ: فاقْرَأْهُ في سَبْعٍ ولا تَزِدْ عَلى ذَلكَ”.
تحسين الصوت أثناء القراءة
- من المستحب تحسين الصوت وتجميله عند قراءة القرآن الكريم، وهذا من السنن النبوية، كما قال صلى الله عليه وسلم: “ما أذِنَ اللَّهُ لِشيءٍ ما أذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بالقُرْآنِ يَجْهَرُ بهِ”.
- كما قال صلى الله عليه وسلم: “زيِّنوا القُرْآنَ بأصواتِكُم”.
آداب أخرى لطالب العلم مع القرآن
- التأكد من طهارة الجسد والوضوء.
- الجلوس في أماكن نظيفة، مثل المساجد.
- استخدام السواك بشكل مستمر، وخصوصاً عند كل صلاة.
- استقبال القبلة عند القراءة، والتعوذ من الشيطان الرجيم، كما قال تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾.
- استحباب قيام الليل بقراءة القرآن، فعن النبي صلى الله عليه وسلم: “وإذا قامَ صاحِبُ القُرْآنِ فَقَرَأَهُ باللَّيْلِ، والنَّهارِ ذَكَرَهُ، وإذا لَمْ يَقُمْ به نَسِيَهُ”.
- التحلي بالاستماع والإنصات عند قراءة القرآن، كما ذكر الله تعالى: “وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ”.
- الحرص على قراءة القراءات المعروفة، مثل رواية حفص عن عاصم.
- يفضل التكبير عند ختم القرآن من بعد سورة الضحى إلى آخر المصحف.
أقوال مشهورة حول طالب العلم مع القرآن
- قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “إن مِن حقِّ العالِم ألا تُكْثِرَ عليه السؤال، ولا تُعْنِته في الجواب، وألا تُلِحَّ عليه إذا أعْرَضَ، ولا تأخُذ بثوبه إذا كَسَل، ولا تُشيرَ إليه بيدِك.
- وألا تَغْمِزَهُ بعينيْك، وألا تسألَ في مجلسه، وألا تطلبَ زَلَّتَه، وإن زلَّ تأنَّيْتَ أوْبَتَه، وقَبلتَ فيْئتَه، وألا تقولَ: قال فُلان خِلافَ قولك، وألا تُفشيَ له سِرًّا، وألا تغتابَ عنده أحَدًا.
- وأن تحفظه شاهِدًا وغائبًا، وأن تعُمَّ القوم بالسلام وأن تخصَّهُ بالتحيَّة، وأن تجلس بين يديه، وإن كانتْ لهُ حاجة سَبَقتَ القومَ إلى خِدْمتِه، وألا تَمَلَّ مِنْ طُولِ صُحْبَتِه.
- إنما هو كالنخلة، تنتَظِرُ مَتى يَسْقط عليك منها مَنفعة، وإن العالِم بمنزلة الصائم المجاهد في سبيل الله، فإذا مات العالمُ انْثَلمَتْ في الإسلام ثُلمَةٌ لا تُسَدُّ إلى يوم القيامة، وطالبُ العلم يُشَيِّعُهُ سبعون ألفًا مِن مُقرَّبي السماء”.
- ونقل عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قوله: “ينبغي لحامل القُرآن أن يُعرَف بليلِه إذِ الناسُ نائمون، وبنهاره إذِ الناس مُفطِرون، وبورعه إذِ الناس يَخلِطون,
- وبتواضعه إذِ الناس يخْتالون، وبحزنه إذِ الناس يفرحون، وببكائه إذِ الناس يضحكون، وبصمته إذِ الناس يخوضون”.
- وقد قال الحسن البصري رحمه الله: “إن مَن كَان قبلكم رأوا القُرآن رسائلَ من ربِّهم؛ فكانوا يتدبرونها بالليل، وينفذونها بالنهار”.
- أما الفضيل بن عياض رحمه الله، فقال: “حاملُ القرآنِ حاملُ رايةِ الإسلام؛ لا ينبغي أن يَلهوَ مع مَنْ يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو؛ تعظيمًا لحقِّ القرآن”.