تُعد أبيات المدح والثناء وسيلة رائعة للتعبير عن تقديرنا للأشخاص الذين أثروا في حياتنا بشكل إيجابي. فهي ليست مجرد كلمات، بل تعبير صادق عن مشاعر الامتنان، مما يؤثر إيجابياً على النفوس.
على الرغم من أن الشعر قديم تقليداً، حيث كان يُستخدم لتقديم المدح والثناء، إلا أن هذا النوع من الأدب تراجع مع مرور الزمن، ونادراً ما نشهد مؤلفات أدبية تبرز ذلك الفخر والإشادة بالآخرين.
أبيات المدح والثناء
من بين الشعراء الذين برعوا في هذا المجال أبو بكر الخوارزمي البغدادي، الذي يُعد شيخ الحنفية وفقيهاً بارزاً في عصره. ومن أبرز أبياته في المدح ما يلي:
طلّقت بعدك مدح الناّس كلَّهم فإن أراجع فإنّي محصن زاني
وكيف أمدحهم والمدح يفضحُهُم إنّ المسيب للجاني هو الجاني
قومٌ تراهم غضابي حين تنشدهُم لكنّه يشتهى مدحاً بمجَّان
عثمان يعلم أنّ المدح ذو ثمن لكنّه يشتهي مدحاً بمجَّان
ورابني غيظهم في هجو غيرهِم وإنّما الشّعر مصوبٌ بعثمان
ما كل غانيةٍ هندٌ كما زعموا وربما سبّ كشحانٌ بكشحان
فسوف يأتيك مني كل شاردةٍ لها من الحسن والإحسان نسجان
يقول من قرعت يوماً مسامعه قد عنَّ حسان في تقريظ غسان
الوشي من أصبهان كان مجتلباً فاليوم يهدى إليها من خراسان
قد قلت إذ قيل إسماعيل ممتدحٌ له من النّاس بختٌ غير وسنان
الناّس أكيس من أن يمدحوا رجلاً حتّى يروا عنده آثار إحسان
أبيات المدح والثناء للرجال
كتب أبي الأسود الدؤلي، العالم العربي المعروف في النحو، العديد من الأبيات التي تُسلط الضوء على قيمة الرجال. ومن أبرز شعره في هذا المجال:
ذَهَبَ الرِجالُ المُقتَدى بِفِعالِهِم
وَالمُـنـكِـرونَ لَكُـلِّ أَمـرٍ مُـنـكَـرِ
وَبَـقـيـتُ فـي خَـلَفٍ يُـزَكّي بَعضُهُم
بَـعـضـاً ليَـدفَـعَ مُـعوِرٌ عَن مُعوِرِ
فَــطِـنٌ لِكُـلِ مُـصـيـبَـةٍ فـي مـالِهِ
وَإِذا أُصـيـبَ بِـعِـرضِهِ لَم يَـشـعُرِ
أبيات المدح والثناء للفتيات
إن الفتيات غالباً ما يقدّرن الثناء والمدح في جميع الأوقات. ولقد توافرت العديد من المؤلفات الشعرية التي تحتفي بهن، ومن بينها القطعة التالية:
أشرقي كالبدر نوراً وسناء
املئي الدنيا جمالاً ورواء
جل من سواك حسناً وبهاء
ثم زان الحس طهراً وحياء ونقاء وصفاء وذكاء
إنه ما أحلاه ثوباً عربياً أي كف نسجته نقيا
حينما أسدلته كان حفياً
ثم لما زنته صار زهياً كيف لا يزهو وقد أصبح حياً
صانك الله بعين لا تنام
ورعاك سميراً في الأنام ولتعيشا في صفاء ووئام
في دروب الحب في دنيا السلام
إنني أرقب في يوم قريب طفلة كالبدر، أو طفلاً نجيب
قد كساه الحسن بالثوب القشيب
يتناغى وهو كالغصن الرطيب
أين منه إن تغنى العندليب
يملأ البيت ضجيجاً وحبورا
حين يصحو حين يحتاج أمورا
ظل في عينك بدراً وأميرا
وملاكاً هبط الأرض صغيرا
يملأ الدنيا ابتهاجاً وسرورا
أنت في يومي وعند الأمسيات
ذكريات تتجلى في حياتي
يشهد الفجر ندى النسمات
إنها والله أغلى الدعوات
يقبل الله دعائي وصلاتي
أبيات المدح والثناء لشخص عزيز
لا نتردد أحياناً في قول بعض أبيات المدح لشخص يهمنا، كتعبير عن تقديرنا لهم وشكرهم على مواقفهم. ومن أجمل هذه الأبيات:
حلفت باللي غيب الشمس مناك ..
والصبح بأمر تظهر الشمس منا . .
إن أسعد الأيام شوفك ولقياك . .
وإن أقشر الأيام لاغبت عنا . .
ودك تلاقيني وودي بلقياك . .
لكن ظروف الوقت ما ساعدنا . .
تحْمِلُه النّاقةُ الأَدْماءُ مُعتَجِرًا
بالبُردِ كالبَدْرِ جَلّى لَيلةَ الظُّلَمِ
وفِي عِطَافَيْهِ أوْ أثْنَاء بُرْدَتِهِ
ما يَعلمُ اللهُ مِن دِينٍ ومِن كَرَمِ
يفداك من شافك على مر الأيام
يا تاج راسي في ليال
الشدايد إن رحت زارتني
هواجيس وأوهام وإن جيت راح
الهم عني بدايد وإن زرتني
بالطيف والا بالأحلام كتبت
فيك اجمل حروف وقصايد
أبيات مدح وثناء للصديق
تعتبر الصداقة من أهم روابط الحياة، حيث نجد أصدقاء يقفون بجانبنا أكثر من عائلاتنا في الأوقات الصعبة. إليك بعض الأبيات التي تعبر عن قيمة الصداقة:
الجود شيخ تملكه عدة أطراف
بس المراجل حالفه إنك ولده
عريب جد وحاوين كل الأعراف
دنياك جنة بس فعلك رغدها
كن العلوم الطيبة عندك أهداف
صارت فريسة وأنت كنت أسدها.
-سلام يا أهل الجود والطيب
ياللي لكم بالصدر قدر ومعزه
القلب من فرقا الأجاويد يهتز
مثل الشجر يوم العواصف تهزه
في قربكم كل المخاليق تعتز
وعيني لكم تشتاق في كل حزه
يا مرحبا ترحيبتن كلها شوق
خطرن عليها لا تولع حريقي
يا مرحبا وأهلين يا كامل الذوق
من كثر ما رحبت بك جف ريقي
مقداركم والله على الراس من فوق
هذي الصراحة والشعور الحقيقي
كتبت أنا في تالي الليل
بيتين…لعيون من يسوى جميع
الخلايق… الي معاهدني علي الزين
والشين…واللي بشوفه يصبح الفكر
رايق… الصاحب اللي منزله داخل العين
أبيات مدح وثناء بالفصحي
في العصر الحديث، ترك الشاعر أحمد شوقي إرثًا أدبيًا دائمًا، حيث أبدع العديد من المؤلفات الجميلة، ومن قصائده الرائعة في المدح ما يلي:
وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ
وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ
الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ
لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ
وَالـعَـرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي
وَالـمُـنـتَـهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ
وَحَـديـقَـةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا
بِـالـتُـرجُـمـ انِ شَـذِيَّةٌ غَنّاءُ
وَالـوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلاً مِن سَلسَلٍ
وَالـلَـوحُ وَالـقَـلَـمُ البَديعُ رُواءُ
نُـظِمَت أَسامي الرُسلِ فَهيَ صَحيفَةٌ
فـي الـلَـوحِ وَاِسمُ مُحَمَّدٍ طُغَراءُ
اِسـمُ الـجَـلالَةِ في بَديعِ حُروفِهِ
أَلِـفٌ هُـنـالِـكَ وَاِسمُ طَهَ الباءُ
يـا خَـيـرَ مَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً
مِـن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ جاؤوا
بَـيـتُ الـنَـبِـيّينَ الَّذي لا يَلتَقي
إِلّا الـحَـنـائِـفُ فـيهِ وَالحُنَفاءُ
خَـيـرُ الأُبُـوَّةِ حـازَهُـم لَكَ آدَمٌ
دونَ الأَنــامِ وَأَحــرَزَت حَـوّاءُ
هُـم أَدرَكـوا عِـزَّ النُبُوَّةِ وَاِنتَهَت
فـيـهـا إِلَـيـكَ الـعِزَّةُ القَعساءُ
خُـلِـقَـت لِبَيتِكَ وَهوَ مَخلوقٌ لَها
إِنَّ الـعَـظـائِـمَ كُفؤُها العُظَماءُ
بِـكَ بَـشَّـرَ الـلَهُ السَماءَ فَزُيِّنَت
وَتَـضَـوَّعَـت مِـسكاً بِكَ الغَبراءُ
وَبَـدا مُـحَـيّـاكَ الَّـذي قَسَماتُهُ
حَـقٌّ وَغُـرَّتُـهُ هُـدىً وَحَـيـاءُ
وَعَـلَـيـهِ مِـن نورِ النُبُوَّةِ رَونَقٌ
وَمِـنَ الـخـلـيلِ وَهَديِهِ سيماءُ
أَثـنـى المَسيحُ عَلَيهِ خَلفَ سَمائِهِ
وَتَـهَـلَّـلَـت وَاِهـتَـزَّتِ العَذراءُ
يَـومٌ يَـتـيهُ عَلى الزَمانِ صَباحُهُ
وَمَـسـاؤُهُ بِـمُـحَـمَّـدٍ وَضّاءُ
الـحَـقُّ عـالي الرُكنِ فيهِ مُظَفَّرٌ
فـي الـمُـلـكِ لا يَعلو عَلَيهِ لِواءُ
ذُعِـرَت عُروشُ الظالِمينَ فَزُلزِلَت
وَعَـلَـت عَـلـى تيجانِهِم أَصداءُ
وَالـنـارُ خـاوِيَةُ الجَوانِبِ حَولَهُم
خَـمَـدَت ذَوائِـبُها وَغاضَ الماءُ
وَالآيُ تَـتـرى وَالـخَـوارِقُ جَمَّةٌ
أبيات المدح والثناء على الرسول
تعددت القصائد التي أُلفت في مدح رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أبرز هذه القصائد هي قصيدة حسان بن ثابت، والتي تتضمن الأبيات التالية:
أغَرُّ، عَلَيْهِ لِلنُّبُوَّةِ خَاتَمٌ ** مِنَ اللَّهِ مَشْهُودٌ يَلُوحُ ويُشْهَدُ
وضمَّ الإلهُ اسمَ النبيّ إلى اسمهِ ** إذا قَالَ في الخَمْسِ المُؤذِّنُ أشْهَدُ
وشقّ لهُ منِ اسمهِ ليجلهُ ** فذو العرشِ محمودٌ، وهذا محمدُ
نَبيٌّ أتَانَا بَعْدَ يَأسٍ وَفَتْرَةٍ ** منَ الرسلِ، والأوثانِ في الأرضِ تعبدُ
فَأمْسَى سِرَاجاً مُسْتَنيراً وَهَادِياً ** يَلُوحُ كما لاحَ الصّقِيلُ المُهَنَّدُ
وأنذرنا ناراً، وبشرَ جنةً ** وعلمنا الإسلامَ، فاللهَ نحمدُ
وأنتَ إلهَ الخلقِ ربي وخالقي ** بذلكَ ما عمرتُ فيا لناسِ أشهدُ
تَعَالَيْتَ رَبَّ الناسِ عن قَوْل مَن دَعا ** سِوَاكَ إلهاً، أنْتَ أعْلَى وَأمْجَدُ
لكَ الخلقُ والنعماءُ، والأمرُ كلهُ ** فإيّاكَ نَسْتَهْدي، وإيّاكَ نَعْبُدُ