أمثلة على الأضداد في القصص القرآني
في بعض الأحيان، قد يُستخدم اللفظ للإشارة إلى معنيين متناقضين، وبهذا يُعتبر من الأضداد. على سبيل المثال، يطلق لفظ “السليم” على الشخص الذي لا يعاني من أي مرض، وقد يُستخدم للإشارة إلى شخص تعرض للدغة. قد يحمل هذا الاستخدام دلالة تفاؤلية في الحالة الأولى. فكما يُطلق اسم القافلة على من يُتوقع عودتها سالمة، وكذلك تُطلق كلمة “المفازة” على الصحراء كتعبير عن الأمل في تجاوزها بنجاح. فيما يلي أمثلة من القصص القرآني توضح هذه الظاهرة:
- وصف الجنّة في قصة أصحاب الجنّة الدنيوية
تباينت آراء العلماء حول تشبيه الجنّة الدنيوية التي أراد أصحابها حرمان الفقراء منها؛ حيث نزل العقاب الإلهي كما ورد في قوله -تعالى-: (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ). هل يُقصد بهذا التشبيه إلى ظلام الليل، أم إلى وضوح الصبح في عدم وجود الأشجار؟ فالكلمة “الصريم” تشير إلى الشيء المقطوع أو المنقطع، مما يعني أن الليل والصبح كلاهما يعتبران صريماً بهذا المعنى.
- موقع السفينة بالنسبة للملك في قصة موسى والخضر
عندما تحدث الخضر عن سبب إحداثه عيباً في السفينة، ذكر: (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا). حيث كان الملك أمامهم، وقد فسر ابن عباس هذا المعنى، ورأي بعض علماء اللغة العربية جواز استخدام كلمة “وراء” بمعنى “أمام” نظراً لأنها تضاد. واستشهدوا بآية: (مِن وَرَائِهِم جَهَنَّمُ)، بمعنى أنها أمامهم.
أمثلة على الأضداد في وصف أحوال أهل النار
استعمل القرآن الكريم ألفاظاً تحتوي على الأضداد في توصيفه لأمور تتعلق بأهل النار، ومن هذه الأمثلة:
- وصف حال أصحاب النار وهم مقنعي رؤوسهم
وُصف أصحاب النار بأنهم: (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ)، فالمقنِع هو من يرفع رأسه باتجاه ما أمامه، وقد استخدم العرب مصطلح الإقناع لوصف الإبل في حال رؤيتها وهي ترتفع إلى أعالي الأشجار. ولكن في اللغة يمكن أن يُقال: “أقنع فلان رأسه” بمعنى أنه خفضه، مما يُظهر أن هذا اللفظ ينتمي إلى الأضداد.
- إسرار أهل النار للندامة
اختلف العلماء في رؤية أهل النار للندامة، هل سيظهرونها أم سيخفونها؟ والسبب في هذا الاختلاف هو تفسيرهم لكلمة “أسروا” في قوله -تعالى-: (وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ). الرأي الغالب هو أن “أسروا” تعني أظهروا، حيث أن يوم القيامة ليس يوماً لتظاهر بالاستسلام أو التصبر. ويرى علماء اللغة العربية أن “الإسرار” يكون من الأضداد، حيث يقال: أسررته بمعنى أخفيته، وأسررته بمعنى أظهرته.
مثال على الأضداد في وصف حال الإنسان في الدنيا
تتنوع صفات الناس في الدنيا بين صنف المُقوين، كما جاء في قوله تعالى -عن فوائد نار الدنيا-: (وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ). قيل إنهم الفقراء الذين لا يملكون زاداً أو ناراً لإشعال الخبز. تقول العرب: “أقويت منذ كذا وكذا”، بمعنى لم أتناول شيئاً. علماً بأن “المقوي” ينتمي للأضداد حيث يمكن أن يُعبر عن الفقر أو الغنى. يُقال: “أقوى الرجل”، إذا زادت ثروته أو زاد عدد دوابه، مما أدي إلى اختلاف العلماء في تفسير كلمة “المقوين” ضمن سياقات المسافرين والمستمتعين.