تعد آيات الهم والحزن والضيق من الأمور التي تزرع الراحة والطمأنينة في قلوب المؤمنين. حيث تم ذكر العديد من الآيات في القرآن الكريم التي تعالج قضايا الحزن في مواقف متنوعة.
وتعبر هذه الآيات عن أهمية الثقة في الله سبحانه وتعالى واللجوء إليه في الأوقات الصعبة. لنستعرض معاً بعض آيات الهم والحزن والضيق بالتفصيل فيما يلي.
آيات تتحدث عن “الحزن”
ذكر الله سبحانه وتعالى عدداً من آيات الهم والحزن والضيق في كتابه الكريم، وسنستعرضها بالتفسير في السطور التالية:
- وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (سورة يوسف: آية 84).
تظهر هذه الآية الحزن العميق الذي أصاب النبي يعقوب عليه السلام بسبب فراق ابنه يوسف، وما زاده فراق ابنه الآخر بنيامين. كما تصف حالته حيث فقد بصره من شدة الحزن والتحسر على ما فقد. وكلمة “كظيم” تدل على امتلاء قلبه بالحزن مع إخفائه عن الناس.
- وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ (سورة فاطر: آية 34)
تمثل هذه الآية حال أهل الجنة الذين يشكرون الله على زوال الحزن الذي كانوا يعيشونه في الدنيا، ويدل هذا على أن الآخرة هي مكان الطمأنينة حيث لا توجد أوجاع ولا كروب.
- فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (سورة البقرة: آية 38)
في هذه الآية، يضمن الله لمن يتبع هدايته ألا يضل في الدنيا وألا يتعرض للهم في الآخرة. فتبعهم لهدي الله يضمن لهم استقامة في الأرض ونعيم في جنات الفردوس.
آيات تحث على عدم الحزن في القرآن
يعد الحزن من الأمور المؤقتة التي قد تواجه الإنسان، وقد ورد ذكره في عدة مواضع بالقرآن، وفي التالي نستعرض بعضاً منها:
- وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (سورة آل عمران: آية 139)
تشدد هذه الآية على ضرورة عدم الرضوخ للحزن والاستسلام للضعف، إذ أن الحزن يؤدي إلى تفاقم المصائب ويعطي القوة للأعداء. المؤمنة هي الأعلى في إيمانه، ولها عاقبة النصر.
- وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا (سورة آل عمران: آية 176)
بالرغم من المشاعر السلبية التي قد تنجم عن رؤية المؤمنين للكافرين، تدعو هذه الآية المؤمنين ألا يحزنوا، لأن هؤلاء سيجلبون العذاب لأنفسهم ولن يتمكنوا من إلحاق الضرر بالله.
آيات الحزن والضيق في القرآن الكريم
ورد في القرآن الكريم بعض الآيات المتعلقة بالحزن، ومنها:
- إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا (سورة التوبة: آية 40)
تأتي هذه الآية في سياق هجرة النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر، حينما كانا مختبئين في الغار. إذ طمأن النبي صاحبه بأن الله معهما فنجاهم الله من المشركين، مما يعزز حسن الظن بالله في كل مكان وزمان.
- قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ (سورة يوسف: آية 13)
تعبر هذه الآية عن الشكوى لله من الهموم، كون الله هو العليم بأحوال عباده، وهو القادر على تفريج كرباتهم. وتعلمنا هذه الآية حسن الظن بالله تعالى.
سورة تزيل الهم والحزن والضيق
من السور المباركة التي تحتوي على آيات تريح النفس وتخفف الهموم هي سورة الشرح، والتي تقع في الجزء الثلاثين من المصحف.
نزول هذه السورة كان بمثابة بشرى من النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمنين. كما أشار الإمام الغزالي إلى فضلها في تفريج الأزمات والمحن.
تفسير آيات سورة الشرح
عند قراءة المسلم لآيات سورة الشرح، يتلمس الراحة النفسية. ويُفسر الآيات كما يلي:
- أَلَمۡ نَشۡرَحۡ لَكَ صَدۡرَكَ: أي وسع الله صدر النبي ليتمكن من نشر الدعوة.
- وَوَضَعۡنَا عَنكَ وِزۡرَكَ: تشير إلى الأعباء التي أزيلت عن النبي.
- ٱلَّذِيٓ أَنقَضَ ظَهۡرَكَ: تحمل الإشارة إلى الأثقال التي كانت تشغل قلبه.
- وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ: تدل على عالية مكانة النبي عند الله.
- فَإِنَّ مَعَ ٱلۡعُسۡرِ يُسۡرًا: يؤكد أن بعد كل ضيق يأتي الفرج.
- إِنَّ مَعَ ٱلۡعُسۡرِ يُسۡرٗا: لتكرار يؤكد هناك لا عسر يواجه اليُسر.
- فَإِذَا فَرَغۡتَ فَٱنصَبۡ: يعني أنه بعد الانتهاء من أعمال هذا اليوم، يجب العبادة.
- وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرۡغَب: تدعوا له بأن يكون طلبه وارداً دوماً لربه.
آيات من القرآن الكريم تزيل الهم وتفك الكرب والضيق
- قال -تعالى-: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يؤوده حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ).
- قال -تعالى-: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ).
- قال -تعالى-: (وأيّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ).
- قال -تعالى-: (فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ).
- قال -تعالى-: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا).
دعاء فك الكرب والهم والحزن
- (اللَّهمَّ إنِّي عبدُكَ، وابنُ عبدِكَ، وابنُ أمتِكَ، ناصِيتي بيدِكَ، ماضٍ فيَّ حُكمُكَ، عدلٌ فيَّ قضاؤُكَ، أسألُكَ بِكُلِّ اسمٍ هوَ لَكَ، سمَّيتَ بهِ نفسَكَ، أو أنزلتَهُ في كتابِكَ، أو علَّمتَهُ أحدًا مِن خلقِكَ، أوِ استأثَرتَ بهِ في عِلمِ الغَيبِ عندَكَ، أن تَجعلَ القرآنَ ربيعَ قَلبي، ونورَ صَدري، وجلاءَ حُزْني، وذَهابَ هَمِّي).
وقت دعاء الفرج
دعاء الفرج مستحب في كل الأوقات، وخاصةً في أوقات الشدة والكرب. هناك أوقات معينة يتردد فيها الدعاء بشكل أفضل، ومنها:
- في الثلث الأخير من الليل: حيث ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا في هذا الوقت ليشجع العباد على الدعاء.
- بعد الصلوات المفروضة: من الأوقات المفيدة للدعاء.
- بين الأذان والإقامة: حيث تعتبر هذه الفترة من الأوقات المستجابة.
- في يوم الجمعة خاصة في الساعة الأخيرة منه.
- عند السجود: حيث يقترب العبد من ربه.
- عند نزول المطر: إذ يستجاب الدعاء عند هطوله.
- في وقت السفر: يعد دعاء المسافر مستجاب.
- عند الإفطار للصائم: للصائم دعوة مستجابة عند فطره.
أيهما أفضل لفك الكرب.. الصلاة على النبي أم الاستغفار؟
كلاهما لهما فضل عظيم في تخفيف الكرب ورفع البلاء، ولكل منهما أهمية كبيرة في حياة المؤمن:
-
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:
- لها فضل عظيم في تفريج الهموم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من صلى عليّ حين يصبح عشرًا وحين يمسي عشرًا أدركته شفاعتي يوم القيامة” (رواه الطبراني).
- أوصى النبي أحدهم بالصلاة عليه عند كثرة الهموم.
-
الاستغفار:
- يعتبر وسيلة عظيمة لتفريج الكربات.
- يساهم في فتح الأبواب للرزق والبركة.
أدعية تريح القلب
- (حسبيَ اللهُ لا إلهَ إلَّا هو عليه تَوكَّلْتُ، وهو ربُّ العَرشِ العَظيمِ).
- (اللهم رحمتَك أرجو، ولا تكِلْني إلى نفسي طرفةَ عينٍ، وأصلِحْ لي شأني كلَّه، لا إله إلا أنتَ).
السور التي تفرج الهم والكرب
- سورة الفاتحة.
- سورة البقرة.
- سورة الشرح.
- سورة الرحمن.
وبعض الآيات التالية:
- قال -تعالى-: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
- قال -تعالى-: (أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ).
- قال -تعالى-: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا).
- قال -تعالى-: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ* وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ* الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ* وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ* فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً* فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ* وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ).