النظرية الانتشارية
تُعتبر النظرية الانتشارية واحدة من المدارس الفكرية في علم الأنثروبولوجيا، التي تسعى لفهم كيفية توزيع الثقافة وانتشارها بين المجتمعات. افترضت هذه النظرية أن جميع الثقافات نشأت من مركز ثقافي أو نقطة انطلاق واحدة. وبالتالي، يُمكن القول إن الثقافات تطورت من عدة مراكز أو دوائر ثقافية، مع تأثر كل مجتمع بالآخر، لكن في إطارٍ محدد. يمكن تعريف الانتشار بأنه انتقال أحد عناصر الثقافة من موقعها الأصلي إلى أماكن أخرى. يوضح هذا التعريف أن الانتشار يتم بين المجتمعات عبر مجموعة من الطرق، مثل الهجرة، التجارة، الحرب، أو وسائل الاتصال الأخرى.
أفكار النظرية الانتشارية
نشأت النظرية الانتشارية في منتصف القرن التاسع عشر، حيث بدأ العلماء في دراسة الثقافات المختلفة، سواء المتقدمة أو البدائية. وتتضمن النظرية الانتشارية ثلاث نظريات رئيسية هي: الانتشار الثقافي، ونشر الابتكارات، والسلوك الجماعي. تشترك هذه النظريات في عدة أفكار أساسية، منها:
- يقوم مجتمع ما أو مجموعة اجتماعية باستعارة عناصر ثقافية من مجتمع آخر، مع تعديل هذه العناصر لتتناسب مع ثقافته الخاصة.
- تُستعير العناصر الثقافية الأجنبية عمومًا عندما تتوافق مع المعتقدات الموجودة في الثقافة المضيفة.
- تُرفض العناصر الثقافية التي لا تناسب أو تتوافق مع نظام المعتقدات في الثقافة المضيفة من قبل أفراد المجموعة الاجتماعية.
- لا تُقبل العناصر الثقافية في الثقافة المضيفة إلا إذا كانت تحقق فائدة عملية.
- تميل المجموعات الاجتماعية التي اقترضت عناصر ثقافية في السابق إلى تكرار هذه العملية في المستقبل.
كيفية انتشار الابتكارات
على النقيض من الانتشار الثقافي، أبدى علماء الاجتماع اهتمامًا خاصًا بكيفية انتشار الابتكارات داخل مجتمع أو نظام اجتماعي ما. قدم روجرز أربعة متغيرات رئيسية تؤثر على عملية انتشار الابتكارات والأفكار والممارسات التقنية داخل النظم الاجتماعية، وتتضمن هذه المتغيرات:
- الابتكار نفسه.
- الفترة الزمنية التي تتعرض فيها المجموعة المستهدفة للابتكار.
- الخصائص والسمات الفريدة للمجموعة الاجتماعية.
- القنوات التي تُستخدم لنقل المعلومات.
خطوات عملية الانتشار
تتفاعل المتغيرات الأربعة المذكورة سابقًا معًا في تحديد سرعة انتشار الابتكارات وحجمها، وكذلك في تحديد نجاح عملية تبني الابتكارات. وفقًا لما أشار إليه روجرز، تحدث عملية الانتشار عبر خمس خطوات، وكان لروجزر ملاحظة مهمة أنه خلال تنفيذ هذه الخطوات، يمكن لبعض الأفراد التأثير في تغيير النتيجة. لذلك، تُعتبر دراسة نشر الابتكارات ذات أهمية خاصة للأشخاص العاملين في مجالات التسويق. تشمل الخطوات الخمس ما يلي:
- المعرفة: وهي المرحلة التي يبدأ فيها الأفراد في إدراك وجود الابتكار.
- الإقناع: زيادة الاهتمام بالابتكار، مما يشجع الأفراد على البحث عنه بشكل أكبر.
- القرار: تقييم الابتكار من قبل الأفراد أو الجماعات من خلال تحديد الإيجابيات والسلبيات.
- التنفيذ: يقوم الزعماء بتقديم الابتكار إلى أعضاء المجتمع، موضحين الفوائد المرتبطة به.
- التأكيد: في هذه المرحلة، يتخذ المسؤولون قرار الاستمرار في استخدام الابتكار.