أحكام الهجرة في الإسلام
تعتبر الهجرة من القضايا الهامة في الإسلام، حيث تتوزع أحكامها بناءً على حالة الشخص والبلد الذي يعيش فيه. يُعتبر الانتقال من دار الكفر إلى دار الإيمان واجبًا على المسلم، بشرطين أساسيين: الأول هو عدم قدرة المسلم على ممارسة شعائر دينه بوضوح، والثاني هو إمكانية القيام بالهجرة دون مشقة. والملاحظ أن مفهوم الهجرة يتجاوز زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، كما ورد في قوله تعالى: “يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُون”، حيث أشار البغوي -رحمه الله- إلى أن سبب نزول هذه الآية كان للمسلمين في مكة الذين لم يقوموا بالهجرة.
يمكن أن تكون الهجرة مستحبة في البلدان التي يستطيع فيها الفرد إظهار شعائر دينه، لكن يشعر فيها بانخفاض إيمانه، بحيث تفتقر البيئة إلى الدعم الإيماني اللازم. لذا، يُفضل البحث عن مكان آخر يمكن من خلاله الحفاظ على الديانة القوية، إذ إن المحافظة على الدين تُعتبر الغاية الأسمى التي ينبغي على الإنسان السعي من أجلها.
تعريف الهجرة في الإسلام
تتعدد التعريفات حول الهجرة في الإسلام، وهناك قولان رئيسيان في هذا الشأن. الأول ينص على أن الهجرة هي الانتقال من دار الكفر أو الحرب إلى دار الإسلام، هربًا بالدين للحفاظ عليه من الفتن ومن كل ما يعصف به. القول الثاني يذكر أن الهجرة هي الانتقال من دار الظلم -حتى لو كانت إسلامية- إلى دار العدل حتى لو كانت غير مسلمة.
يمكننا أن نستنتج من خلال هذه التعريفات أن هناك نوعين من البلدان: بلاد الكفر وبلاد الإيمان. تشتهر بلاد الكفر بسيطرة أهل الكفر فيها، بينما تُعد بلاد الإيمان تلك التي يغلب فيها أهل الإيمان. وهناك بلدان يختلط فيها الكفر بالإيمان، وفي هذه الحال يجب التعامل مع كل منهما بما يستحق.
أهمية الهجرة ومكانتها في الإسلام
تحظى الهجرة بمكانة رفيعة في الإسلام، حيث تعد أحد أوجه الجهاد في سبيل الله. فقد كان المسلمون في مكة يعيشون في ظروف قاسية، حتى أتاح الله لهم الهجرة كوسيلة للخروج من حالتهم الصعبة. كانت الهجرة أيضًا بمثابة بداية للتشريع بالجهاد في سبيل الله، ومن ثم تبعها العديد من الفتوحات ونصر المسلمين. تعتبر الهجرة أيضًا مخرجًا مشروعًا للمسلم حين يضيق به العيش في بلده بسبب الذنوب والمعاصي.
أنواع الهجرة في الإسلام
تندرج الهجرة تحت نوعين رئيسيين: الهجرة الظاهرة والباطنة، كما يلي:
- الهجرة المكانية الحسية الظاهرة
وهي مشروعة، وقد تم تعريفها في بداية المقال.
- الهجرة المعنوية القلبية الباطنة
وهي تشمل هجر المعاصي والآثام وكل ما نهى الله -سبحانه وتعالى- عنه. وتعتبر هذه الهجرة ضرورية لكل مسلم للتقيد بأوامر الله وطاعاته، والابتعاد عن كل ما نهى عنه.