في مقالنا اليوم، نسلط الضوء على آيات قرآنية تتحدث عن الصدقة الجارية، التي تُعتبر من أعظم الوسائل التي تقرب العبد إلى الله سبحانه وتعالى. تُفتح أبواب الجنة أمام المؤمنين عن طريق هذه الصدقات، ويتجلى فضلها بشكل واضح في النصوص الشرعية.
سنتناول في الفقرات القادمة بعض الآيات القرآنية التي تتناول الصدقة الجارية، بالإضافة إلى تسليط الضوء على المعلومات الأساسية حول مفهوم الصدقة وفضلها في الإسلام.
تعريف الصدقة الجارية
تُعد الصدقة الجارية من أعظم أنواع الصدقات، إذ إن أجرها يبقى مستمراً حتى بعد وفاة صاحبها.
كما ورد في الحديث النبوي الشريف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له”.
وهذا الحديث يُبرز أهمية وعظم فضل الصدقة الجارية في الدين الإسلامي.
وتُعتبر الصدقة الجارية وسيلة فعالة لتعزيز ميزان حسنات العبد بإذن الله.
من المهم الإشارة إلى أن هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها تقديم الصدقة الجارية.
يمكن أن تشمل هذه الطرق بناء مستشفى، أو مسجد، أو إنشاء مؤسسات مثل الجامعات والمدارس التي يستفيد منها الجميع، أو تجهيز المستشفيات بالأجهزة الطبية اللازمة لعلاج المرضى.
كما يمكن توفير الماء للمنازل الفقيرة وغيرها من أشكال الصدقات التي تبقى آثارها حتى بعد الوفاة.
آيات قرآنية تبرز فضل الصدقة الجارية
يوجد في كتاب الله العزيز العديد من الآيات التي تشير إلى أهمية الصدقة الجارية وفضلها عند الله تعالى. وفيما يلي بعض هذه الآيات الكريمة:
- قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيم}، في هذه الآية يُبشر الله المتصدقين بأجر عظيم ومضاعف.
- وأيضًا قال تعالى: {انفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}.
- تتناول هذه الآية أهمية إنفاق الأموال في سبيل الله والجهاد، مما يجعل هذه الصدقة من أفضل أنواع الصدقات.
- قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}.
- تشير هذه الآية إلى أن الصدقة ستعود بالخير على صاحبها، وتثمر في رزق المتصدق.
- قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}.
- تشير الآية إلى أن الصدقة تُيسر الأمور لصاحبها، بالإضافة إلى فضلها العظيم في الدنيا والآخرة.
- قال الله تعالى: {فَلا قَتَحَمَ العَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا العَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَو إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مِقْرَبَةٍ * أَو مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ}.
- يدل الإنفاق على اليتيم في هذه الآية على مكانته العالية وأجره الكبير عند الله عز وجل.
أحاديث نبوية تشجع على الصدقة
ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث التي تحث على الصدقة وفضلها. ومن تلك الأحاديث:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، فينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، فينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة”.
- يشجع هذا الحديث المؤمنين على البذل حتى بأبسط الأمور، مثل شق تمرة.
- كما ذكر النبي في حديثه أنه ستكون هناك سبعة أشخاص يُظَلهم الله في ظلّه يوم القيامة، ومن بينهم من تصدق بصدقة فأخفاها.
- وقد قال أيضاً: “إن صدقة السر تطفئ غضب الرب تبارك وتعالى، والصدقة تطفئ الخطيئة كما تطفئ الماء النار”.
- وقال أيضًا: “إذا أردت تليين قلبك فأطعم المسكين، وامسح على رأس اليتيم”.
- وفي حديث آخر: “ما نقصت صدقة من مال، بل إن الصدقة تزيد رزق المتصدق.”
- قال رسول الله: “ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وينزل ملكان يقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعطِ ممسكاً تلفاً.”
فضل الصدقة
يحتوي القرآن الكريم على العديد من الآيات التي تبرز فوائد الصدقة الجارية، حيث تُعتبر من الأعمال الصالحة التي تساهم في مغفرة الذنوب.
كذلك، يعد فضل الصدقة عند الله عظيماً، إذ تحظى بمكافأة هائلة في الآخرة.
كما أن الصدقة تمحو الذنوب وتُطفئ غضب الله، وتكون شفيعًا للعبد يوم القيامة.
تُعتبر الصدقة عقارًا للعديد من المشكلات، فهي تبارك المال وتجلب وفرة الرزق، فضلاً عن أنها تُبعد الأمراض والهموم.
إن الصدقة تُساهم في رفع درجات المؤمنين في الدنيا والآخرة وتفتح أمامهم أبواب الخير والجنة.
أهمية الصدقة في زيادة الرزق
أوضح الله تعالى في كتابه أن العبد يُجازى على الأعمال بحسب نوعها، مما يدل على أن الصدقة تُضاعف الرزق وتُجلب الخير والبركة.
حيث يُشار إلى أن الصدقة تُعتبر بمثابة قرض من العبد إلى الله، الذي يردها أضعافاً مضاعفة له.
قال تعالى في سورة البقرة: {من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا فيضاعفه لَهُ أضعافاً كَثِيرَة}، مما يدل على كرم الله وعطائه الوفير.
الصدقة وعلاقتها بتكفير الذنوب ودخول الجنة
تُعتبر الصدقة من الأعمال الصالحة التي حث عليها الله ورسوله، حيث تساهم في كفارة الذنوب وتكون سببًا في دخول الجنة.
وتظهر مكانة الصدقة في العديد من الآيات والأحاديث النبوية، مثل قوله تعالى: {وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ… أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (سورة الأحزاب).
كما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم: “الصدقة تُطفئ الخطيئة كما يُطفئ الماء النار”.
حكم الصدقة الجارية للمتوفى
- تُعتبر الصدقة الجارية من الأعمال التي تصل أجرها إلى المتوفى بإجماع العلماء، وينبغي على المسلمين القيام بها عن موتاهم.
- تشمل الصدقة الجارية الأعمال المستدامة مثل بناء المساجد، حفر الآبار، وطباعة المصاحف.
أفضل أنواع الصدقة الجارية للمتوفى
أفضل أنواع الصدقة الجارية هي تلك التي تستمر فائدتها لفترة طويلة وتعود بالنفع على أكبر عدد من الناس. ومن الأمثلة على ذلك:
- بناء مسجد يستمر فيه الصلاة والأجر للمتوفى.
- حفر بئر لتوفير الماء للفقراء.
- طباعة المصاحف وتوزيعها.
- إنشاء مدارس ومرافق صحية.
فضل الصدقة الجارية عن المتوفي
- تستمر الصدقة الجارية في منح الأجر للميت طالما أن الناس يستفيدون منها.
- قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له.” (رواه مسلم).
لماذا يختار الميت الصدقة لو وُفق للعودة إلى الحياة الدنيا؟
- يميل الميت إلى اختيار الصدقة إذا عاد للحياة لأنه يدرك قيمة الأعمال التي تفيد في الآخرة.
- قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ…” (سورة البقرة: 254).
- وفي موضع آخر: “وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم…” (سورة المنافقون: 10).
الصدقة عن المتوفي
- تُعتبر الصدقة عن المتوفي من الأعمال المشروعة التي تصل أجورها إليه.
- يمكن أن تشمل هذه الصدقة الأموال أو الأعمال الصالحة كإطعام الطعام ومساعدة الفقراء.