تُعتبر مراعاة الآداب المتعلقة بالزيارة والضيافة في الإسلام من الأمور التي تضفي على الحياة الإنسانية طابعًا من السلام والهدوء. إن الالتزام بهذه الآداب يُعد مكافأة عظيمة للمرء، حيث يُثاب أيضًا عندما ينوي زيارة أو استضافة الآخرين بنية صالحة.
تشمل النيات الصالحة، مثل إضفاء البهجة على مسلم من خلال زيارته، أو تقوية أواصر الرحم، أو زيارة مريض، وغيرها من النوايا الطيبة. وأجر النية لا يقتصر فقط على زيادة الحسنات، بل يتضمن أيضًا البركة والسعة في الرزق.
آداب الزيارة في الإسلام
يسعى الإنسان السوي إلى بناء علاقات اجتماعية مع من حوله، حيث يقوم بزيارة الأصدقاء والمعارف، مشاركًا إياهم الأفراح والأحزان والمناسبات المتنوعة. لذا، من المهم الالتزام بالآداب التالية أثناء الزيارة:
الاستئذان قبل الزيارة
- أكد الإسلام على أهمية طلب الإذن من الشخص قبل زيارته، فقد يكون الشخص مشغولًا، أو غير موجود، أو ربما أن الظروف الحالية لا تسمح بزيارة أحد.
- كذلك، قد لا يكون لديه ما يقدمه للزائر، أو قد يكون في حالة لا يرغب أن يراه فيها أحد.
- لذا، فإن الاستئذان يمنح الشخص الشعور بالراحة والطمأنينة في تحديد اللحظة المناسبة لاستقبال الزوار، مما يساعده على أن يكون مستعدًا نفسيًا للاحتفاء بهم.
اختيار الأوقات المناسبة
- يجب تجنب الزيارة في أوقات محددة تم التنبيه إليها في القرآن: أوصى الله في سورة النور بوجوب الاستئذان في أوقات معينة من اليوم، مثل قبل الفجر وبعد الظهر، وكذلك بعد العشاء.
- تعتبر هذه الأوقات خاصة بالراحة، حيث يكون قبل الفجر وقت النوم، بينما تُعد الظهيرة لفترة القيلولة، وبعد العشاء أيضًا مخصص للنوم.
- وهذه الآيات إنما تُوجه بشكل خاص لأهل البيت، لذا يُستحسن أن يُبتعد الزائر عن اختيار هذه الأوقات للزيارة.
- في الصلاة، يجب أن يتولى صاحب البيت الإمامة، ولا يجوز للزائر أن يتقدم في أوقات الصلاة إلا بإذن من صاحب المنزل.
غض البصر والسمع عن محارم البيت
- يجب على الزائر أن يتجنب التدقيق في المنزل أو إطالة النظر إلى المحارم حين تقديم الضيافة، كما يتوجب عليه عدم محاولة رؤية ما يريد صاحب المنزل إخفاءه عنه.
الجلوس في المكان المناسب
- من الضروري أن يلتزم الزائر بالجلوس في المكان الذي حدد له صاحب المنزل، وألا يتجول في أرجاء البيت.
- كما يُفضل ألا يسأل الزائر عن أي شيء يتعلق بأثاث أو ديكور المنزل.
استخدام الصوت الهادئ
- يجب على الزائر أن يتحدث بصوت منخفض ليحترم هدوء أهل المنزل، وفي حال وجود أطفال، يجب توعيتهم قبل الزيارة حول آداب السلوك المناسبة، وتوجيههم بعدم إرباك البيت أو تخريبه.
التقيد بزمن الزيارة
- ينبغي أن تكون مدة الزيارة معتدلة، حيث قد يكون لدى الشخص ظروف معينة أو التزامات تحتاج إلى وقتهم، لذلك يُستحب عدم إطالة مدة الزيارة.
الشكر على حسن الضيافة
- من المهم أن يُعبر الزائر عن شكره وتقديره لصاحب المنزل على حسن الضيافة وعلي استقباله المريح، والدعاء له بالبركة في أولاده وأمواله.
الاستئذان قبل الانطلاق
- يجب على الزائر الاستئذان قبل مغادرته، حتى ينبه صاحب البيت أهله بشأن خروجه، مما يمنح الجميع الفرصة للعودة إلى غرفهم. كذلك، قد يقدم المضيف للزائر شيئًا كهدية قبل مغادرته، وينبغي على الزائر قبولها بأدب.
آداب الضيافة في الإسلام
تتضمن آداب الضيافة والإكرام في الإسلام مجموعة من التوجيهات يجب أن يلتزم بها المضيف تجاه ضيفه، منها:
الترحيب
- إن أسلوب الترحيب يعد مهمًا في خلق انطباع إيجابي لدى الضيف مما يسهل عليه تقبل الضيافة.
توجيه الضيف
- من الأفضل إرشاد الضيف إلى المكان المناسب للجلوس، لتجنب الإحراج وعدم فعله بنفسه.
- يفضل أن يكون المكان المختار يمنع رؤية غرف المنزل أو أعضائه.
إكرام الضيف
- يتطلب الأمر تقديم الضيافة من مساعدات غذائية أو مشروبات دون سؤال الضيف عما إذا كان يرغب في تناول الطعام، بل يُفضل تقديم الطعام مباشرة.
- يجب أن لا يقوم المضيف برفع المائدة قبل أن ينتهي الضيف منها، وكذلك يتمسك المضيف بعدم القيام عن المائدة قبل الضيف، لتجنب إحراجه.
- كما ينبغي للمضيف أن يتحدث مع ضيفه في المواضيع التي تناسب اهتماماتهم، وألا يظهر تململًا من وقت الزيارة.
توديع الضيف عند مغادرته
- يستحسن اصطحاب الضيف إلى الخارج وتوديعهم بأسلوب جميل، مع شكرهم على وقتهم وزيارتهم، وإذا كان لديه سيارة يستحب توصيله إليها وانتظاره حتى ينطلق.
آداب الضيافة من سورة الذاريات
تتناول سورة الذاريات قصة استقبال سيدنا إبراهيم لضيوفه، حيث تظهر الالتزام بالآداب خلال الضيافة:
- التسليم: حيث بدأ إبراهيم بالتحية “السلام”.
- الإعداد السري: عندما ذهب لتجهيز الضيافة في الخفاء، مما يظهر احترامًا لطبيعة الضيوف وخصوصيتهم.
- الإحضار العاجل: جاء بإعداد كامل من العجل السمين، مما يدل على كرم الضيافة، حيث لم يقدم جزءًا بل أكمل العجل.
- قرب المائدة: قدم الطعام إليهم دون الحاجة لطالبهم بمقاربة المائدة.
- ألا تأكلون: طلب منهم بلطف أن يبدؤوا بالأكل، في إشارة إلى أسلوب كريم ومؤنث.