شهدت الأوقات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في حالات القلق والتوتر النفسي والاكتئاب، وذلك نتيجة الضغوط الحياتية المتزايدة الناتجة عن ارتفاع المتطلبات. وفي الوقت الذي يشعر فيه المسلم بضيق صدره أو كآبة، يجد السكينة والراحة في الصلاة والذكر وقراءة القرآن. لذا، يهدف هذا المقال إلى استعراض آيات قرآنية تريح النفس.
خصائص القرآن الكريم
يتميز القرآن الكريم ككتاب سماوي وخاتم الكتب التي أنزلها الله للناس بمزايا عدة:
- يؤكد القرآن الكريم على ما ورد بشأن أنبياء الله، على الرغم من أن هذا الفهم قد لا يتوفر لنا بشكل كامل كما جاء في النصوص الأصلية.
- يعتبر القرآن الكريم الأكثر تنوعًا وعمقًا من حيث الفكر والعلم بين جميع الكتب السماوية، حيث يتحدث إلى العقل البشري على مر العصور، وسيبقى كذلك حتى قيام الساعة.
- يساعد القرآن الكريم الإنسان على التمييز بين الحق والباطل والخير والشر، موجهًا بذلك أمثلة واضحة في سياق الآيات، ويحث الإنسان على اتباع الخير وترك الشر.
- يستعرض القرآن الكريم قصص الأنبياء والأمم السابقة ليس فقط لذكر الأحداث، بل لاستخلاص العبر والدروس التي يمكن تطبيقها في حياتنا لعمل الخير وتجنب الشر.
- يدعو القرآن الكريم جميع البشر، سواء كانوا مؤمنين أو غير مؤمنين، إلى اتباع السلوك الصحيح وترك الخطأ، من أجل بناء مجتمع سليم يمكن من خلاله تحقيق تغييرات إيجابية في السلوكيات.
دور المصحف الشريف في حياتنا اليومية
تتجلى أهمية القرآن الكريم في حياتنا اليومية من خلال النقاط التالية:
- تحتوي بعض السور والآيات في القرآن الكريم على منهج حياة مختصر للدين، مثل سورة الفاتحة، والتي تعد السبع المثاني التي يتعين على المسلم تلاوتها في كل ركعة.
- يدعو القرآن الكريم المسلم للالتزام بالسلوكيات المنصوص عليها، مما يساعد في إقامة سلوك يتسم بتحقيق الخير وزيادة البركة في الحياة.
- تحفز آيات القرآن الكريم المسلم على الالتزام بالقيم الإسلامية سواء في السر أو العلن، مع ضرورة أن يكون تصرفه يعكس صدق إيمانه.
- يترك تأثيرًا عميقًا على الحياة الروحية والمادية للفرد، حيث يسعى المسلم لكسب المال الحلال وتجنب المال الحرام، لأن الأول يُكافأ عليه بينما الثاني يؤدي إلى المعاصي التي تؤثر سلبًا على المجتمع.
- يعلم القرآن الكريم المسلم أهمية الصبر في مواجهة التحديات، فكل المحن هي من قضاء الله، وعلى الإنسان التسليم لأمره وعدم التضجر.
- يؤكد القرآن على أن العمل دون علم لا ينفع، وكذلك فالعلم بلا تطبيق لا قيمة له.
- تظل عذوبة القرآن تساهم في عودة المسلم دائمًا لتلاوة آياته مهما ابتعد عنها.
القرآن الكريم بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
منذ وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وحتى يومنا هذا، اتخذ المسلمون عددًا من الخطوات لضمان حفظ القرآن وسهولة الوصول لمواضيعه، ومنها:
- بعد فترة وجيزة من وفاة النبي، وتحديدًا في عصر سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، تم جمع سور المصحف في كتاب واحد، وتم إنشاء نسخ توزعت على الولايات الإسلامية، وحرق المصاحف غير المتوافقة مع ذلك لضمان وحدة المسلمين.
- أُدرجت تفسيرات آيات القرآن الكريم التي وردت عن النبي أو الصحابة الذين عُرفوا بتفسير القرآن، مثل سيدنا عبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود، في مجلد واحد لتسهيل الوصول إلى معاني الآيات.
- قسم عدد كبير من علماء المسلمين آيات القرآن وفق مواضيعها، بما في ذلك العقائد، العبادات، المعاملات، وقصص الأنبياء. وقد ساهمت التكنولوجيا، لاسيما الحاسوب، في تنظيم وترتيب مواضيع القرآن بفعالية وسرعة.
- تمت ترجمة القرآن الكريم إلى العديد من اللغات بعد وفاة النبي، لتمكين الناطقين بلغات أخرى من فهم معانيه. لكن ينبغي التنبه إلى أن الترجمة تبقى كتابًا معبرًا عن القرآن ولا تعكس المعنى الحقيقي له كما هو في اللغة العربية.
آيات قرآنية تريح النفس
نستعرض هنا بعض الآيات القرآنية التي تبعث الطمأنينة في النفس:
- الآية 26 من سورة التوبة: (ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ).
- تلاوة هذه الآية تساعد على إضفاء السكينة والهدوء على قلب المسلم.
- الآية 28 من سورة الرعد: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
- تعتبر هذه الآية من أكثر الآيات التي تُغازل القلوب وتبعث السكينة في النفس.
- الآية 40 من سورة التوبة: (إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أخرجه الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُفْلَى وَكَلِمَةَ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا).
- تعكس هذه الآية التفاؤل وتعزز الإيمان بأن الفرج بيد الله وحده.
- تُعتبر سورة الانشراح أيضًا من السور التي تبعث السكينة، حيث يقول الله فيها: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ* وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ* الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ* وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ* فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا* فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ* وَإلى رَبِّكَ فَارْغَب).
- ومن الآيات العظيمة آية الكرسي: (اللَّهُ لَا إله إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ).
حديث نبوي يفرج الكرب عن المسلم
ذُكر في الصحيحين أن العبد إذا نزل به هم، فعليه أن يقول: (اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ماضٍ فيّ حكمك عدلٌ فيّ قضاؤك، أستحلفك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء همي).