تعريف الكلمة الطيبة
تُعتبر الكلمة الطيبة شهادةً على وحدانية الله، حيث تُثمر كافة الأعمال الصالحة سواء كانت ظاهرة أو باطنة. إنها الكلمة التي تُسعد سامعها وتفيد مَن يتلقاها، وتترك أثراً إيجابياً في نفسه وقلبه، كما أنها خالية من الأذى ولا تدعو إلى الفساد، حيث تسعى إلى تقديم النفع ويكون حصادها العمل الصالح.
أهمية الكلمة الطيبة
تُعد الكلمة أداة ذات حدين؛ إذا أحسن الشخص استخدامها، فإنها تحقق الفائدة له وللآخرين، مما يعود على المجتمع بالنفع. وإذا أسيء استخدامها، فإنها تُعَّد وبالاً عليه وعلى المحيطين به، وقد تؤدي إلى انحراف المجتمع وتضليله. أما الكلمة الطيبة، فهي تجلب الأجر العظيم والنفع الوفير، ولها آثار عديدة، من أبرزها:
أثر الكلمة الطيبة على إيمان الفرد
تُعتبر الكلمة الطيبة من سمات المؤمنين، فقد قال النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت”، لذا يجب على المؤمن أن يتحلى بأخلاق الإيمان، ومن تلك الأخلاق:
- الابتعاد عن الكلام إلا فيما فيه خير، ويجب على المسلم أن يتجنب الكلام المحرم وأن يتحرى أن يكون كلامه نافعا له وللناس، وإن لم يكن ذلك، فعليه الالتزام بالصمت.
- حفظ اللسان من الزلل، حيث سأل معاذ بن جبل -رضي الله عنه- النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: “يا رسول الله، أليست مؤاخذتنا بما نتحدث به؟”، فأجابه النبي: “وهل يُكب الناس في النار -أو قال: على وجوههم- إلا حصائد ألسنتهم؟”.
الكلمة الطيبة في الدعوة إلى الله
تُسهم الكلمة الطيبة والدعوة عبر القدوة الحسنة في إحداث التأثير الإيجابي على المدعوّين، ويستمر تأثيرها على مر الوقت. ويجب على الداعية أن يتحدث بكلمة الخير ويؤدي الأمانة العلمية في دعوته، وبهذا يتوافق مع قول الله -عز وجل-: “ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن…”.
ويجب أن نتخذ النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- كقدوة حسنة، فقد كان أروع معلم، حيث كان لطيفاً طيب الوجه وفتح القلوب بالكلام الطيب. ومن المواقف الدالة على ذلك، ما رواه معاوية بن الحكم السُلمي -رضي الله عنه- عندما كان يصلي مع النبي، حيث تحدث مع رجل عطس، فوبخه القوم، لكن النبي لم يوبخه بل علّمه بلطف.
تأثير الكلمة الطيبة على النفس
تُعد الكلمة الطيبة بمثابة إحياء للقلوب التي غمرتها هموم الدنيا، حيث تبث فيها الخير وتضيء عتمتها. ومن آثارها الإيجابية على النفس:
- إنقاذ الأرواح من العذاب والدلالة على طرق الخير.
- تعود بالنفع على صاحبها في حياته وبعد مماته.
- تُعتبر غذاءً للروح وشفاءً لأدواء النفس.
- تُدخل السعادة إلى القلوب وتزيد من ألفتها.
دور الكلمة الطيبة في المجتمع
تمتاز الكلمة الطيبة بقدرتها على زرع الألفة بين الناس وتعزيز الروابط الاجتماعية وإصلاح المجتمعات. كما قال الله -عز وجل-: “ولا تستوي الحسنة ولا السيئة، ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم”. فالكلمة الطيبة قادرة على تحويل الأعداء إلى أصدقاء وتخفيف مشاعر الغضب.
نعمَّم ما علَّمنا إياه النبي -صلى الله عليه وسلم- من ضرورة التعامل بالحكمة وطيب الكلام، والعفو عن المسيئين، مما يسود الألفة ويقلل من العداوات. فيقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “إن من الناس مفاتيح للخير ومغاليق للشر”، فالخير من نصيب من كانت كلماته موجهة لفتح أبواب الخير.
أنواع الكلمة الطيبة
روي عن أبو هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تشرق فيه الشمس… والكلمة الطيبة صدقة”. وتنقسم الكلمة الطيبة إلى نوعين:
- الكلمات الموجهة حق الله تعالى.
مثل الذكر، سواء كان تسبيحاً أو تهليلاً أو دعاء.
- الكلمات الموجهة للناس.
كالسلام وحسن المعاملة والثناء بالحق.
الفروق بين الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة
يمكن تفريق الكلمة الطيبة عن الكلمة الخبيثة كالتالي:
- الكلمة الطيبة تمثل كلمة الإسلام.
وهي كالشجرة المثمرة، جذورها ثابتة وفروعها تتجه نحو السماء، كما قال الله -عز وجل-: “ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمةً طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء…”.
- أما الكلمة الخبيثة فهي كلمة الشرك.
وقد شبهها الله بشجرة الحنظل، حيث إن ثمارها مُرّة وجذورها غير ثابتة، فهي لا تُسر الناظرين إليها ولا تنفعهم. والكلمة الخبيثة تضر صاحبها وتؤذي من يتناقلها، كما قال الله -عز وجل-: “ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرارٍ”.