تاريخ اكتشاف الفيتامينات
بدأ الاهتمام بالفيتامينات كعناصر غذائية أساسية في أوائل القرن التاسع عشر. قبل ذلك، كان التركيز مُنصبًا على الكربوهيدرات والبروتينات والدهون كالمواد الغذائية الرئيسية، حيث كان يُعتقد أن الجسم البشري لا يحتاج إلى أكثر من هذه المكونات الثلاثة للحفاظ على صحة جيدة. ولقد كانت هذه العناصر الغذائية تعتبر مصدر الطاقة الضروري للجسم، وفي غيابها، قد يتعرض الفرد لفقدان الوزن والضعف العام وأحيانًا الوفاة.
كان هناك أطباء قد درسوا التغذية كجزء من الطب، رغم عدم وجود علم التغذية في ذلك الوقت بشكل واضح. وكان اهتمامهم يتمثل في مراقبة الأعراض المختلفة التي تظهر على الأفراد حتى مع استهلاكهم كمية كافية من الكربوهيدرات والبروتينات والدهون. وفي القرن الثامن عشر، تم رفض فكرة وجود مكون غذائي يتم استهلاكه بكميات صغيرة يمكن أن يؤدي نقصه إلى الوفاة. وقد بدأت أولى الاكتشافات عند دراسة حالات مرض الإسقربوط، حيث لاحظ الأطباء أن البحارة كانوا يعانون من ضعف عام وآلام في المفاصل وتساقط الأسنان مما أدى إلى الوفاة. وقد تبين أنهم كانوا يعتمدون في غذائهم خلال رحلاتهم البحرية الطويلة على الخبز والأسماك، دون أن يتناولو أي نوع من الخضروات أو الفواكه، مما نتج عنه نقص في الفيتامينات.
وفي حالة أخرى، عانى الجنود في المستعمرات البريطانية في آسيا من مرض البري بري، الذي يسبب ضعفًا عامًا وهزالاً وعدم انتظام في ضربات القلب، ويرتبط بتناول الأرز الأبيض بشكل رئيسي. لوحظ أن الجنود بدأوا في التعافي عند عودتهم إلى وطنهم، مما أثار تساؤلات حول الفيتامينات وعناصر الغذاء المخفية. وللأسف، فقد قوبل هذا الاستنتاج بالرفض من بعض الأطباء وبقيت فكرة تناول الفواكه للشفاء غير مقبولة.
في أوائل القرن التاسع عشر، تم الكشف عن هذه العناصر الغذائية المخفية التي أُطلق عليها فيما بعد اسم “فيتامينات”. وتم التعرف على أن مرض الإسقربوط ناجم عن نقص فيتامين C، مما أدى إلى بدء البحارة في حمل الليمون المجفف خلال رحلاتهم. كما تبين أن مرض البري بري ناجم عن نقص فيتامين B1، والذي يمكن الحصول عليه من مصادر غذائية مثل البيض والبطاطس. وهكذا بدأ العلماء البحث في مصادر الفيتامينات وكمياتها اللازمة للحفاظ على صحة الإنسان، ليتبين أن هذه الكميات ضئيلة جدًا، بحيث تُقاس بالمليجرامات أو الميكروجرامات.
الفيتامينات الذائبة في الماء
تصنف الفيتامينات إلى نوعين: فيتامينات ذائبة في الماء وفيتامينات ذائبة في الدهون. يختلف النوعان في قدرة الجسم على تخزينهما، إذ يمكن تخزين الفيتامينات الذائبة في الدهون في أنسجة الجسم، مما يجعل أعراض نقصها تظهر ببطء. بينما تظهر أعراض نقص الفيتامينات الذائبة في الماء بسرعة، لأن الجسم لا يخزن الماء بشكل دائم. لذا، يجب تناول هذه الفيتامينات بانتظام، على الأقل كل ثلاثة أيام.
تشمل الفيتامينات الذائبة في الماء:
- فيتامين B1: المعروف أيضًا باسم ثيامين، وهو مهم للحفاظ على صحة الجهاز العصبي والقلب، ونقصه قد يسبب مرض البري بري، وتتوفر مصادره في الحبوب الكاملة والبطاطس والبطيخ وعصير الطماطم.
- فيتامين B2: المعروف باسم رايبوفلافين، نقصه يتسبب بتهيج خلايا الجلد وظهور تقرحات حول الفم، ويوجد في الألبان والبيض والكبد.
- فيتامين B3: يُعرف أيضًا باسم نياسين، نقصه يسبب ضعف الذاكرة وألم في البطن، ويُتواجد في الدجاج وسمك التونا والفستق.
- فيتامين B5: المعروف بحمض بانتوثينيك، وأعراض نقصه تشمل تشنج العضلات والتعب، ويتوافر في صفار البيض والكبد والدجاج.
- فيتامين B6: يسبب نقصه أعراض فقر الدم، ويمكن الحصول عليه من اللحوم والبطاطس والبقوليات.
- فيتامين B7: المعروف بالبيوتين، نقصه يؤدي إلى ضعف التركيز وتساقط الشعر، ويتواجد في الكبد وصفار البيض.
- فيتامين B12: نقصه يؤدي إلى فقر الدم وأعراض ضعف التركيز، ويمكن الحصول عليه من مصادر اللحوم والبيض.
- فيتامين C: نقصه يؤثر على العظام والمفاصل ويؤدي إلى بطء شفاء الجروح، ويوجد في العديد من الفواكه والخضار، وخاصة الفواكه الحمضية.
الفيتامينات الذائبة في الدهون
- فيتامين A: نقصه يمكن أن يسبب العشى الليلي وحتى العمى، وهو مهم لنمو الأطفال، ويتواجد في البروكلي والجزر وكبد البقر.
- فيتامين D: مهم لصحة العظام، حيث يساعد في الحفاظ على كثافتها، ويُحصل عليه من أشعة الشمس والحليب المدعم.
- فيتامين E: نقصه يؤدي إلى مشاكل في الأعصاب، ويوجد في صفار البيض والبذور.
- فيتامين K: مهم لتخثر الدم، ويمكن أن يتسبب نقصه بنزيف مستمر، ويتواجد في الكبد والخضار الخضراء.
أعراض زيادة الفيتامينات
تحتوي الأغذية الطبيعية على كميات كافية من الفيتامينات التي يحتاجها الجسم، ويمكن الحصول على ذلك من خلال اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن. لا يلزم استهلاك المكملات الغذائية بشكل يومي، حيث أن الإفراط في تناول الفيتامينات، خاصة الذائبة في الدهون، قد يسبب سمية. لذا، يجب تناول هذه المكملات بحذر واستشارة طبيب مختص عند ظهور أعراض نقص أي من الفيتامينات.