قصائد شعراء العرب
قصيدة حسان بن ثابت
أغَرُّ، عَلَيْهِ لِلنُّبُوَةِ خَاتَمٌ
مِنَ اللَّهِ مَشْهُودٌ يَلُوحُ ويُشْهَدُ
وقد ضمَّ الإلهُ اسمَ النبيّ إلى اسمهِ
عندما يُنادي المؤذِّن في الخَمْسِ أشْهَدُ.
وشقَّ لهُ منِ اسمهِ ليُعظِمَهُ
فذو العرشِ محمودٌ، وهذا محمدُ.
نبيٌّ أتَانَا بَعْدَ يَأْسٍ وَفَتْرَةٍ
كان فيها الأوثانُ تُعْبَدُ في الأرضِ.
فأصبح سِرَاجاً مُسْتَنيراً وهَادِيًا
يبدو كما لاحَ الصّقيلُ المُهَنَّدُ.
وأنذرَنا ناراً، وبشَّرَ بجنةٍ
وعلَّمَنا الإسلامَ، فاللهَ نحمدُ.
وأنتَ إلهَ الخلقِ ربي وخالقي
في كلّ ما عمرتُ، فيا لناسِ أشهدُ.
تَعَالَيْتَ رَبَّ الناسِ عن قَوْلِ مَن دَعا
سِوَاكَ إلهاً، أنتَ أعْلَى وَأمْجَدُ.
لكَ الخلقُ والنعماءُ، والأمرُ كلهُ،
فإيّاكَ نَسْتَهْدي، وإيّاكَ نَعْبُدُ.
قصيدة وليد الأعظمي
ربيعك للروح كالبلسم
بهيج الضحى رائق المبسم
يحرّك في النفس وجدانها
ويحرّرها من إسار الدم.
ويبعثها حرة لا تضيق
بكيد العواذل واللوم.
ويرفعها من حضيض التراب
إلى الأفق الأرحب الأكرم.
ويغمرها بحنان السماء
ويمنحها هيبة المسلم.
فتشرق في القلب أنواره
وينبض بالحمد للمنعم.
ويمضي سويا على منهجٍ
سليم يؤدي إلى أسلم.
ويعبق فيه أريج الهدى
زكياً يطول على الموسم.
أرق وأندى من الياسمين
وأبهى جمالاً من البرعم.
ربيعك يا سيد الكائنات
سناه ينير القلوب العمي.
ويروي غليل العطاش الذين
يرون السراب كسيل طمي.
نبي الهدى هزني ذكركم
فرحت أعني بشوق ظمي.
وأشدوا بفضلك بين الرجال
جهاراً نهاراً بملء الفم.
قصيدة البوصيري
محمدٌ سيدُ الكونينِ والثَّقَلَيْنِ
والفريقينِ من عُربٍ ومن عجمِ.
نبينا الآمرُ الناهي فلا أحدٌ
أبرَّ في قَوْلِ «لا» منهُ ولا «نَعَمِ».
هو الحَبيبُ الذي تُرجَى شَفَاعَتُهُ
للكلِّ هَوْلٍ من الأهوالِ مُقْتَحَمِ.
دعا إلى اللهِ فالمستمسكونَ بهِ
مستمسكون بحبل غير منقطع.
فاقَ النبيينَ في خلقٍ وفي خُلُقٍ
ولم يُدانيه في علمٍ ولا كَرَمِ.
وكلهمْ من رسول اللهِ ملتمسٌ
غَرْفاً مِنَ البَحْرِ أو رَشْفاً مِنَ الدِّيَمِ.
وواقفونَ لديهِ عندَ حَدِّهمِ
من نقطة العلم أو من شكلة الحكمِ.
فهو الذي تَمَّ معناه وصُورَتُهُ
ثمَّ اصطفاهُ حبيباً بارئَ النَّسمِ.
مُنَّزَهٌ عن شريكٍ في محاسنهِ
فَجَوْهَرُ الحُسْنِ فيهِ غيرُ مُنْقَسِمَ.
دعْ ما ادَّعَتْهُ النَّصارَى في نَبيِّهِمِ
واحكُمْ بما شِئْتَ مَدْحاً فيهِ واحْتَكِمِ.
وانْسُبْ إلى ذاتِهِ ما شِئْتَ مِنْ شَرَفٍ
وانْسُبْ إلى قَدْرِهِ ما شِئْتَ مِنْ عِظَمِ.
فإن فضلَ رسولِ اللهِ ليسَ لهُ
حدٌّ يُعْرِبَ عنه ناطِقٌ بفَمِ.
لو ناسبتْ قدرهُ آياتهُ عظماً
أحيا اسمهُ حين يُدعى دارسَ الرِّممِ.
لمْ يَمْتَحِنَّا بما تعْمَلُ العُقولُ بِهِ
حرصاً علينا فلمْ ولَمْ نَهَمِ.
أعيا الورى فهمُ معانهُ فليس يُرى
في القُرب والبعد فيهِ غير منفحِمِ.
كالشمسِ تظهر للعينين من بُعُدٍ
صَغِيرَةً وتُكِلُّ الطَّرْفَ مِنْ أممٍ.
وكيف يُدْرِكُ في الدُّنْيَا حَقِيقَتَهُ
قومٌ نيامٌ تسلَّوا عنهُ بالحُلُمِ.
فمبلغُ العلمِ فيهِ أنهُ بشرٌ
وأنهُ خيرُ خلقِ اللهِ كلهمِ.
وكلُّ آيِ أَتَى الرُّسْلُ الكِرامُ بها
فإنما اتَّصلتْ من نورهِ بهمِ.
أكرمْ بخلقِ نبيٍّ زانهُ خُلُقٌ
بالحُسْنِ مُشْتَمِلٍ بالبِشْرِ مُتَّسِمِ.
كالزَّهرِ في ترفٍ والبَدْرِ في شَرَفٍ
والبَحْر في كَرَمٍ والدهْرِ في هِمَمِ.
كأنهُ وهو فردٌ من جلالتهِ
في عَسْكَرٍ حين تُلقاهُ وفي حَشَمِ.
كَأَنَّهُ اللُّؤْلُؤُ المَكْنونُ في صَدَفِ
من معدني منطقٍ منهُ ومبتسمِ.
قصيدة محمد إقبال
هو في العالم صلح وخصام
للحياة الماء من هذا الحسام.
نظرة العشق بها شق الصخور
هو عشق الحق والحق يصير.
فابغ في طينك هذي الكيمياء
اقبسن من كامل هذا الضياء.
امض كالرومي شمعا يشتعل
وارم من تبريز في الروم الشعل.
إن في قلبك معشوقا ثوى
أقبلن أنبئك عن هذا الجوى.
عاشقوه قد شأوا كل جميل
حبهم في كل قلب لا يحول.
عشقه في القلب نور أسفرا
للثريا يرتقى منه الثرى.
ترب نجد منه قد خف وضاء
طار وجداً مصعداً نحو السماء.
مهجة المسلم مثوى المصطفى
عزة المسلم ذكرى المصطفى.
موجة من نقعة الطور الأشم
داره للكعبة العظمى حرم.
ضاق عن آن حواه الأبد
مستمد من مداه الأمد.