الضحك
يُعتبر الضحك من الأفعال الإيجابية والمفيدة التي يمارسها الإنسان في حياته اليومية. فهو يساهم في تخفيف التوتر وتهدئة الأعصاب، كما يُعزز من نشاط العقل ويُحسن مزاج الفرد بشكل عام. ومن خلال هذه الفوائد، يُعتبر الضحك وسيلة فعّالة لتحقيق التوازن النفسي. وقد دعا الإسلام المسلمين إلى التحلي بالبشاشة والسماحة وإظهار الابتسامة، لما لذلك من دور كبير في تعزيز أواصر المحبة والأخوة بينهم. وقد كان ابن عيينة قد قال: (البشاشة مصيدة المودة، والبر شيء هيّن: وجه طليق وكلامٌ لين). وقد كان الصحابة -رضوان الله عليهم- يضحكون في أوقات يحمل إيمانهم فيها قوةً تفوق الجبال، كما ذكر عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-.
عندما سُئل جابر بن سمرة – رضي الله عنه – عن ملازمته للنبي -صلى الله عليه وسلم-، أجاب: (نعم، كثيرًا، كان لا يقوم من مصلَّاه الذي يصلى فيه الصبح حتى تشرق الشمس، فكانوا يتحدثون ويتبادلون الذكريات عن أمور الجاهلية ويضحكون، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبتسم).
8 خطوات لتعلم الضحك
هناك العديد من الخطوات التي يمكن أن تحفز الإنسان على ممارسة الضحك، منها:
إدراك فوائد الضحك
إذا كانت لدى الإنسان معرفة بالفوائد العديدة التي يوفرها الضحك، فسيكون ذلك دافعًا له لممارسته بشكل دائم. فالضحك يقلل من التوتر والقلق، ويساعد في تحسين الصحة الجسدية بشكل عام. كما أنه يعد من أفضل العلاجات النفسية، خاصةً للأشخاص المصابين بأمراض مثل السرطان. حيث أظهرت الدراسات العديدة أن الاعتماد على الفكاهة والضحك يُخفف من أعراض المرض ويعزز من الشعور بالسعادة. وقد أشار الأطباء إلى أن الضحك يعزز من صحة القلب كما يقلل من فرص الإصابة بالأزمات القلبية.
تخفيف الألم
يسهم الضحك في تخفيف الألم الذي يعاني منه الإنسان. فقد أجرت بعض المستشفيات في الغرب دراسات على مرضى يعانون من الألم، ووجدوا أن كمية الشكوى التي يتعرضون لها تقل عندما يتم تسليتهم بكوميديا لطيفة. فالضحك يُحفز إفراز هرمونات تخفف من الشعور بالألم، كما يعزز من قوة الجهاز المناعي.
تعزيز العلاقات الاجتماعية
يساعد الضحك وروح الفكاهة في تقوية العلاقات الاجتماعية، وبالأخص العلاقات العاطفية. فالضحك يمكن أن يكون مفتاحًا لبناء علاقات صادقة ومبنية على الحب والاحترام.
السعادة كعوامل للبقاء
أُجريت عدة دراسات عالمية على أسرى حرب ناجوا، والتي أظهرت أن أولئك الذين واجهوا مواقف صعبة بطريقة مرحة كانت لديهم فرص أكبر للبقاء على قيد الحياة. إذ أن الهرمونات المسؤولة عن الشعور بالسعادة تُنتج بشكل أكبر عند الشعور بالبهجة، بينما تقل عند الإحباط. وهذا يدل على أن الشخص يمكنه اختيار سعادته ليحقق الاستمرارية والرفاهية في حياته.
النظرة الإيجابية للحياة
تعني النظرة الإيجابية التعامل مع جميع الأمور بقبول وتفاؤل. وتعزز هذه الإيجابية من الطاقة الروحية والنفسية، مما يُساعد الفرد على تقبل ما يواجهه من تحديات. ومن الأساليب الإيجابية الاحتفاظ بالأفكار الإيجابية والسعي نحو تحقيق السعادة في كل ما يقوم به.
النموذج النبوي
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- من أكثر الناس ضحكًا وابتسامة، وقد أظهر من خلال تصرفاته أهمية الضحك في حياة المسلمين. فقد قال ابن عباس -رضي الله عنه-: (مزح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصار المُزاحُ سُنة). وقد كانت هناك توجيهات من العلماء بشأن الضحك، والتي يجب أن تشمل:
- عدم الاستهزاء بأي أمر ذي طابع شرعي.
- تجنب السخرية بمشاعر الآخرين أو تقديمهم بالمظهر السيئ.
- عدم الإفراط في الضحك أو جعله نمط حياة.
- تطبيق الاعتدال في ممارسته، حتى لا يفقد فعاليته.
الحاجة للراحة وتجديد الذهن
يقول هنري برغسون: “يستحيل على الإنسان الضحك إذا تعامل مع الأمور بجدية مفرطة.” فعندما يتمكن الإنسان من النظر إلى مشكلات الحياة بطريقة مرحة، يتمكن من تخفيف الأعباء النفسية. وبالتالي، يتحول الضحك إلى وسيلة للذكاء والتكيف مع التحديات.
الضحك كضرورة إنسانية
يدرك الناس أن الضحك أمر ضروري لصحتهم الجسدية والعقلية. وهو جزء أساس من طبيعتهم البشرية، حيث يستطيعون التعبير عن مشاعرهم بين الضحك والبكاء. كما قال تعالى: (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى). ويعزز دمج الضحك والبكاء توازن شخصية الفرد، مما يُبرز الفوائد العظيمة لكل منهما في الحياة.