أحكام الطهارة بعد انتهاء الحيض
تعتبر الطهارة بعد انتهاء الحيض من الأمور الأساسية في الشريعة الإسلامية، حيث يتوجب على المرأة المسلمة الاغتسال بعد انتهاء فترة الحيض. ويُشترط أن يتم ذلك بعد انقطاع الدم تمامًا؛ أي خروج جميع آثار الدم من رحم المرأة. وقد جاء هذا الحكم في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ). وتوضح هذه الآية أنه لا يجوز للزوج أن يجامع زوجته الحائض إلا بعد تحقق شرطين: الأول هو انقطاع الدم، المشار إليه بقوله “حتى يطهُرْن”، والثاني هو الاغتسال، كما جاء في قوله تعالى: “فإذا تطهرن”.
وتستند فرضية الاغتسال بعد انقطاع الحيض إلى القاعدة الفقهية التي تنص على أن ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب. كما تدل السنة النبوية على ذلك، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابيات التي استفسرت عن الحيض: (دَعِي الصّلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، ثم اغتسلي وصلي). وهذا الأمر في قوله “اغتسلي” يدل على الوجوب، ويجتمع جميع الفقهاء على أن الغسل بعد الحيض واجب.
الأمور المحرمة أثناء الحيض والمباحة عند الطهارة
توجد عدد من الأمور التي تحرم على المرأة خلال فترة حيضها، وتصبح جائزة بعد الطهارة، وهي كما يلي:
- أمور متفق عليها كحروم: تتضمن ما يلي:
- الصلاة: اتفق الفقهاء على أن المرأة الحائض لا تؤدي الصلاة أثناء الحيض، ولا يلزمها قضاء الصلوات التي فاتتها في تلك الفترة، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي جحيش: (إذا كان دم الحيضة فإنه أسود يعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة).
- الصوم: أجمع الفقهاء على أن المرأة الحائض لا تصوم خلال فترة حيضها، سواء كان ذلك صيامًا فرضًا مثل صيام شهر رمضان أو صيامًا تطوعيًا، وعليها قضاء الأيام التي أفطرت فيها بعد الطهارة، حتى وإن لم تغتسل، على عكس الصلاة التي يكون فيها قضاء كثير غير ميسور.
- الطواف: يُحرم على الحائض الطواف حول الكعبة، سواءً كان ذلك لأداء الحج أو العمرة، حيث وافق النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها أن تقوم بكل أعمال الحج ما عدا الطواف.
- الجماع: يُعتبر الجماع أثناء الحيض من الأمور المحرمة، ولا يجوز للزوجين مباشرة الوطء أو الاستمتاع فيما بين السرة والركبة
- مسّ المصحف: يتفق الفقهاء على عدم جواز لمس الحائض للمصحف، استنادًا لقول الله تعالى: (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ).
- المكث في المسجد: تحظر الحائض دخول المسجد، كما ذكر جمهور الفقهاء، حيث يُعتبر دخولها مشابهًا لحالة الجنب، إلا أن ابن حزم الظاهري أجاز لها ذلك، مستشهدًا بإذن النبي لأمّ المؤمنين في أداء بعض الأعمال.
إذا اضطرت الحائض للمرور في المسجد مع عدم الجلوس فيه، يُمكنها تحقيق ذلك طالما أنها لا تلحق أي نجاسة. فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: (ناوِليني الخُمرةَ من المسجد، فقالت: إنّي حائضٌ، فقال: إنَّ حيضتك ليست في يدك)، وهذا يُشير إلى جواز المرور وخاصة لأغراض هامة.
- مسائل اختلف فيها حول ما هو محرم على الحائض وجائز عند الطهر: اختلف الفقهاء حول قراءة القرآن للحائض، حيث ذهب جمهور الفقهاء إلى حرمة قراءتها، فيما أجازها المالكية.
فهم الطهارة من الحيض وعلاماتها
تهدف الطهارة إلى النظافة والنقاء من النجاسات، وفيما يتعلق بالطهارة من الحيض فإنه يتضمن رفع النجاسة عن المرأة الحائض، حيث يُعتبر الحيض حدثًا أكبر موجبًا للغسل.
توجد عدة علامات تدل على الطهارة، منها:
- العلامة الأولى: انقطاع الدم، فعندما ينقطع الدم تمامًا وتتيقن المرأة من الجفاف، يُعتبر ذلك علامة طهارة.
- العلامة الثانية: رؤية القصة البيضاء في حال اعتادت عليها النساء، وهو سائل أبيض يظهر بعد الطهر، وحينما تسأل النساء السيدة عائشة عن الطهر كانت تجيب: (لا تَعْجَلْنَ حتى تَرَيْنَ القَصَّةَ البيضاءَ).